يا ليت الحياة صندوق من الشوكولاتة، لكنها أبعد ما يكون عن ذلك. بالنسبة للنجوم النيوترونية، ذلك ممكن، إذ كشفت دراسة جديدة أن بعضًا من هذه الأجرام شديدة الكثافة لها بنى تُشبه صندوق الشوكولاتة، ونواة النجم إما سائلة أو صلبة.

ليس واضحًا بعد ما التوزيعات الجسيمية التي تُسبب تشكل النجوم بهذا الشكل، أو حتى لماذا قد تختلف بنية نواة نجم عن آخر.

بوجه عام، إن الدراسات النظرية لفهم البنية الغريبة تعني خطوةً إلى الأمام في سبيل فهم مكونات النجوم الداخلية، الحية منها أو حتى الميتة.

يتفق العلماء أن النجوم النيوترونية مذهلة، إذ تحتل المرتبة الثانية من ناحية كونها أجسامًا شديدة الكثافة في الكون بعد الثقوب السوداء.

للنجوم النيوترونية نهاية، فحالما تنفد المادة من داخل هذه النجوم الهائلة ذات الكتلة التي تزيد عن كتلة الشمس بثمانية أضعاف، عندها لن تحدث عملية الانصهار في النواة.

ما يعني أن النجم لن يتلقى الدعم اللازم للبقاء في مكانه نتيجة انخفاض الضغط الخارجي. ومن ثم، ستنهار النواة بسبب الجاذبية، وتتبعثر طبقات الغازات المحيطة بالنجم في الفضاء.

تُعادل كتلة النجم بعد الانهيار 2.3 من كتلة الشمس، ويجب التأكيد أن بقايا النجم هنا شديدة، بل هائلة الكثافة.

شكليًا، يُصبح النجم كرة مضغوطة أبعادها 20 كيلومتر، والشيء الذي يعجز العلماء عن معرفته هو ما الذي يحدث للمادة عند تعرضها لكميات ضغط هائلة في هذه الحالة.

تُفيد بعض الدراسات أن النوى تجتمع لتعطي أشكالًا شبيهة بالعجينة، بينما تُفيد دراسات أخرى أن الضغط الهائل داخل باطن النجم يمحي النوى كليًا، ويجعل منها حساء من مادة الكوارك.

أما مؤخرًا، اكتشف فريق من الباحثين في مجال الفيزياء النظرية من جامعة غوته في ألمانيا بقيادة لوسيانو ريزولا أن النجوم النيوترونية أشبه بشوكولاتة تختلف حشوتها.

توصل الفريق إلى هذا الاكتشاف بعد الاستعانة بنظريات وقوانين من علم الفيزياء النووية والمشاهدات الفلكية للنجوم، وتكوين ما يزيد عن مليون معادلة خاصة تصف حالة المادة، إذ تربط المعادلات بين ضغط، وحرارة، وحجم شيء مدروس، مثل النجم النيوتروني في هذه الدراسة.

تمكّن الفريق من حساب سرعة الصوت في النجوم النيوترونية تبعًا لحجم كل نجم على حدى، وكانت النتيجة المفاجئة أن قياس سرعة الصوت لنجم أو حتى لكوكب تُساعد على فهم البنية الداخلية للأجرام.

من المعروف أن الموجات الزلزالية التي تختلف شدتها على كوكب الأرض والمريخ تبعًا لكثافة المادة التي تنقل الاهتزاز تُساعد على كشف طبقات وبنى تحت الأرض لم تكن ظاهرة من قبل.

ينطبق الأمر ذاته على الأمواج الصوتية، فهي تُفيد في معرفة البنية الداخلية للنجم عند انتشارها في أعماقه.

سُجلت عدة أشكال مختلفة لبنى النجوم النيوترونية عندما بدأ الفريق باستخدام المعادلات الخاصة لقياس سرعة الصوت داخلها، وتبين أن النجوم النيوترونية ذات الكتلة المنخفضة نسبيًا، أيّ أقل من 1.7 من كتلة الشمس، اتصفت بنواة صلبة ودثار أرض رقيق، أما النجوم ذات كتلة تزيد عن 1.7 من كتلة الشمس لها صفات معاكسة.

يقول روزيلا: «النتائج مثيرة حقًا، فقد وجدنا طريقة مباشرة لمعرفة شدة انضغاط نواة نجم ما».

وأشار إلى أن: «النجوم النيوترونية تُشبه شوكولاتة البرالين بعض الشيء، والنجوم الخفيفة تُشبه الشكولاتة التي تحتوي البندق بداخلها، أما الثقيلة منها لها غلاف صلب وحشوة طرية في الداخل».

يصب كل ما سبق في صالح التفسيرات التي تنص أن أحشاء النجوم النيوترونية قد تكون إما عجينة أو حساء، وتضيف معلومات جديدة تُساعد العلماء على نمذجة نجوم نيوترونية مختلفة الحجم والكتلة مستقبلًا.

أيضًا، تُفسر النتائج عدم اختلاف أبعاد قطر النجوم النيوترونية مهما بلغت كتلتها، وبقاء أبعاد القطر 20 كيلومتر لكل مثيلات النجم.

يُضيف الفيزيائي كرسين إكر من جامعة غوته: «تمكننا دراستنا المبينة على الحسابات المفصلة من توقع الحدود العظمى لكتلة النجوم النيوترونية وأبعاد أنصاف أقطارها. إضافة إلى ذلك، نستطيع إيجاد الحد الأعظم لتشوه ثنائي نجمي نتيجة تأثير حقل الجاذبية لكل نجم في الآخر».

أخيرًا، يُمكن القول إن المعلومات الجديدة ستخدم العلماء في وضع معادلة غير مفهومة بعد أن تصف كل ما يحدث داخل النجوم النيوترونية، ذلك بالاعتماد على المشاهدات الفلكية ودراسة الأمواج الجاذبية القادمة من اندماج نجمين مع بعضهما.

كل ذلك بفضل ما وُصف أنه حساء شوكولاتة البرالين المخلوطة مع المادة النووية والعجينة المطعمة بالكوارك.

اقرأ أيضًا:

دراسة تصادم النجوم النيوترونية لفهم الموجات الجاذبية الناتجة عن هذه الظاهرة الكونية

رصد أكبر نجم نيوتروني في تاريخ البشرية

ترجمة: طاهر قوجة

تدقيق: تسبيح علي

المصدر