أثبتت نظرية النسبية العامة نجاحها في وصف الجاذبية ضمن مختلف الأنظمة على مدار مئة عام، واجتازت كل الاختبارات التجريبية على الأرض وضمن النظام الشمسي. لكن لتفسير الملاحظات الكونية، مثل التمدد المتسارع للكون، نحتاج إلى استخدام مكونات غامضة، مثل الطاقة المظلمة والمادة المظلمة، التي ما زالت لغزًا حتى اليوم.
يتساءل إنريكو باروس، عالم الفيزياء الفلكية في الكلية العالمية للعلوم المتقدمة، هل الطاقة المظلمة حقيقية أم يمكن تفسيرها خللًا في فهمنا للجاذبية؟ يقول: «ربما وجود الطاقة المظلمة مجرد وهم، ربما يكون التمدد المتسارع للكون تعديلًا غير معروف حتى الآن للنسبية العامة، نوع من (الجاذبية المظلمة)».
يُقدم اندماج النجوم النيوترونية حالة فريدة لاختبار هذه الفرضية، لأن الجاذبية حولها تُدفع إلى أقصى حدودها. يقول باروس: «النجوم النيوترونية أكثف النجوم على الإطلاق، إذ تملك كتلة تعادل كتلة شمسنا أو ضعفيها، لكن مع نصف قطر نحو 10 كيلومترات فقط، ما يجعل الجاذبية والزمكان عند الحدود القصوى، ويسمح بإنتاج غزير لموجات الجاذبية عند اتحاد نجمين نيوترونيين. باستعمال البيانات التي نحصل عليها من أحداث كهذه، يمكننا دراسة عمل الجاذبية واختبار نظرية أينشتاين من منظور جديد».
في هذه الدراسة، أنشأ علماء الكلية العالمية للعلوم المتقدمة، بالتعاون مع علماء جامعة جزر البليار في بالما مايوركا، أول محاكاة لاندماج نجوم نيوترونية ثنائية، ضمن نظريات جاذبية معدلة ذات صلة بعلم الكون.
يقول ميغيل بيزاريس، المؤلف الرئيس للدراسة: «إن هذا النوع من المحاكاة فائق الصعوبة، بسبب الطبيعة غير الخطية للمسألة، إذ تتطلب جهودًا حسابية هائلة وأشهرًا من إجراء العمليات على الحواسيب الخارقة، الأمر الذي أصبح متاحًا بفضل الاتفاق بين الكلية العالمية للعلوم المتقدمة وجمعية (CINECA)، إضافةً إلى الصيغ الرياضية الجديدة التي طورناها. شكلت تلك العوامل عقبات أمامنا عدة سنوات إلى أن تمكنا من إجراء أول محاكاة».
أصبح الباحثون أخيرًا قادرين على مقارنة النسبية العامة والجاذبية المعدلة بفضل عمليات المحاكاة تلك. يختتم باروس بقوله: «وجدنا أن فرضية الجاذبية المظلمة كانت -على نحو غير متوقع- بنفس جودة النسبية العامة في تفسير البيانات التي حصلنا عليها من مقياسي التداخل في مرصد فيرغو ومرصد الأمواج الثقالية «ليغو» في أثناء التصادم الماضي للنجوم الثنائية. إن الاختلافات بين النظريتين في هذه الأنظمة غير ملحوظة بالطبع، لكن ربما تكون مقاييس التداخل الجاذبي الأحدث، مثل مرصد أينشتاين في أوروبا والمستكشف الكوني في الولايات المتحدة قادرة على اكتشافها، ما يتيح استخدام موجات الجاذبية للتمييز بين الطاقة المظلمة والجاذبية المظلمة».
اقرأ أيضًا:
كل ما تود معرفته عن تاريخ الجاذبية
موجات الجاذبية تستكشف مادة غريبة داخل النجوم النيوترونية
ترجمة: إيهاب عيسى
تدقيق: حسين الجُندي
مراجعة: أكرم محيي الدين