يوجد عنصر الزرنيخ في معظم الأطعمة، وقد يكون ضارًا ويؤدي إلى السرطان إذا تعرض الإنسان لمستويات عالية منه، لهذا السبب تفرض وكالة حماية البيئة الأمريكية ضوابط صارمة على محتوى الزرنيخ في مياه الشرب.
لسوء الحظ، قد تحتوي بعض أنواع النبيذ على مستويات غير آمنة من هذا العنصر، يرجع ذلك جزئيًا إلى استخدام المبيدات الحشرية التي تحتوي على الزرنيخ، إضافةً إلى تآكل الصخور طبيعيًا.
يُعد الزرنيخ عنصرًا طبيعيًا موجودًا بكميات ضئيلة في جميع الأطعمة تقريبًا. لا تكون هذه الكميات من الزرنيخ في معظم الحالات عالية بما يكفي لتسبب ضررًا.
مع ذلك، يصبح وجود العنصر سامًا عند تناول جرعات عالية منه بمرور الوقت، عندئذ يزيد خطر الإصابة بسرطان الرئة والجلد وأنواع أخرى من السرطان، وقد يسبب التعرض لجرعات عالية في غضون فترة قصيرة تسممًا حادًا.
على هذا، تنظم وكالة حماية البيئة الأمريكية بصرامة محتوى الزرنيخ في مياه الشرب، وتحدده بمعدل لا يزيد على 10 أجزاء في المليار.
اعتمدت المزارع في الماضي، في الولايات المتحدة وأماكن أخرى من العالم على المبيدات الحشرية ومبيدات الأعشاب المحتوية على الزرنيخ. ومع أن هذه المنتجات قد حُظرت في الولايات المتحدة منذ ثمانينيات القرن الماضي، ما تزال تسبب مشكلات حتى اليوم.
- أولًا: تحتوي الأطعمة المزروعة في الحقول التي استُخدمت فيها هذه المبيدات الحشرية سابقًا على نسبة زرنيخ أعلى مقارنةً بالأطعمة المزروعة في أماكن أخرى.
- ثانيًا: من المحتمل أن تكون هذه المبيدات قد تسربت إلى المياه الجوفية في العديد من المناطق، ما أدى إلى زيادة محتوى الزرنيخ في إمدادات المياه.
- ثالثًا: قد يؤدي التحلل الطبيعي والمستمر للصخور إلى زيادة محتوى الزرنيخ في إمدادات المياه الجوفية والتربة، إضافةً إلى الأغذية المزروعة فيها .
هل يحتوي النبيذ على زرنيخ؟
نعم، يحتوي النبيذ على عنصر الزرنيخ. ومع أن معظم أنواع النبيذ تحتوي على مستويات منخفضة وغير ضارة منه، فإن بعض أنواع النبيذ تحتوي على مستويات تتجاوز إرشادات وكالة حماية البيئة الأمريكية، التي يجب ألا تزيد على 10 أجزاء في المليار.
اختبرت دراسة 65 نوعًا من النبيذ الأحمر في أربع ولايات أمريكية، ووجدت أن جميعها تجاوزت إرشادات وكالة حماية البيئة الأمريكية فيما يخص مياه الشرب، إذ بلغ متوسط مستويات الزرنيخ 23 جزءًا في المليار.
اختبرت دراسة أخرى عينةً أوسع من النبيذ من كاليفورنيا، ووجدت أن 28 نوعًا من النبيذ، التي أشارت إليها وسائل الإعلام بأنها تحتوي على مستويات عالية من الزرنيخ، كان متوسطها 25.6 جزءًا في المليار، في حين احتوى 73 نوعًا آخر من النبيذ -اختيرت عشوائيًا من المتاجر- على متوسط 7.4 أجزاء في المليار.
وجدت الدراسات علاقة بين السعر ومحتوى الزرنيخ، فالنبيذ الأقل تكلفةً كان يحتوي على مستويات أعلى من هذا العنصر.
يُلاحظ أيضًا احتواء النبيذ الوردي على أعلى المستويات، يليه النبيذ الأبيض ثم الأحمر. وفقًا للمعايير، احتوى النبيذ الأحمر فقط من على مستويات آمنة من الزرنيخ.
وجدت دراسات أُجريت في إسبانيا أن النبيذ الأبيض يحتوي أعلى مستوى من الزرنيخ، في حين أظهرت نتائج الدراسات في إيطاليا أن النبيذ الأحمر احتوى على أعلى المستويات من الزرنيخ. هذا يدل على أن محتوى الزرنيخ في أنواع مختلفة من النبيذ يتأثر وفقًا لبلد المنشأ.
هل علينا أن نشعر بالقلق؟
من غير المرجح أن يسبب شرب النبيذ التسمم بالزرنيخ، إلا إذا شرب شخص ما كأسًا من النوع ذاته من النبيذ الذي يحتوي على نسبة عالية من الزرنيخ يوميًا على مدى فترات طويلة، أو إذا كان الإنسان يشرب هذا النبيذ بجانب ممارسات في نمط الحياة تُعرضه لمستويات عالية من العنصر ذاته.
أيضًا فإن معايير وكالة حماية البيئة لمياه الشرب قد لا تكون ذات صلة عندما يتعلق الأمر بالنبيذ، فالإنسان يستهلك كميةً من الماء على مدى حياته أكثر بكثير من النبيذ، ما يزيد من أهمية تنظيم محتوى الزرنيخ في الماء بشكل صارم.
اختر النبيذ الأكثر أمانًا:
فيما يلي بعض الإرشادات لشراء النبيذ الأكثر أمانًا:
- السعر: لا تختر أرخص الأنواع، لأنها قد تحتوي مستويات أعلى من الزرنيخ.
- بلد المنشأ: أشارت الدراسات إلى أن النبيذ من ولايات أوريغون ونيويورك وكاليفورنيا، احتوى على كمية أقل من الزرنيخ مقارنةً بالنبيذ من واشنطن. مع ذلك، كانت تلك العينات صغيرةً نسبيًا وما زالت بحاجة إلى مزيد من الاختبارات.
قد تعتقد أن النبيذ العضوي سيكون خيارًا أكثر أمانًا، إلا أن هذا ليس هو الحال بالضرورة، إذ إن الزرنيخ الموجود طبيعيًا قد يتسرب إلى التربة والمياه الجوفية إثر تحلل الصخور.
وقد تحتوي تربة مزارع الكروم العضوية على آثار المبيدات الحشرية، التي تحتوي بدورها على الزرنيخ وإن استُخدمت مرة واحدة في الموقع ذاته، ما يؤثر لاحقًا في النبيذ العضوي.
عوامل الخطر الأخرى:
يجب التفكير في إجمالي كمية الزرنيخ في النظام الغذائي اليومي. فقد يُشكل استهلاك النبيذ من حين إلى آخر أو حتى الاستهلاك المنتظم منه خطرًا على الصحة، إذا كان مترافقًا مع استهلاك أطعمة تحتوي على مستويات عالية من الزرنيخ، مثل عصير التفاح واللبن ومرق الدجاج ولحم البقر والحبوب والأرز، والمأكولات البحرية متضمنةً أسماك السريولا والأخطبوط وسمك السلمون والتونة.
تحتوي منتجات التبغ أيضًا على نسبة عالية من الزرنيخ، على هذا قد يؤدي التدخين أو استخدام منتجات التبغ إلى زيادة التعرض للعنصر بما يتجاوز المستويات الآمنة.
أعراض التسمم:
ما يلي بعض العلامات والأعراض قصيرة المدى التي يجب الانتباه إليها:
- الإسهال الذي قد يكون دمويًا.
- ضغط دم منخفض.
- التجفاف.
- السعال أو ألم في الصدر.
قد يؤدي التعرض طويل الأمد للعنصر أيضًا إلى أن تصبح البشرة داكنة، والتهاب الحلق المستمر والارتباك وفقدان السيطرة على العضلات أو مشكلات الجهاز الهضمي المستمرة. وقد يزيد أيضًا من خطر الإصابة بسرطان الدم وسرطان الرئة والجلد.
ماذا أفعل إذا ظننت أنني تناولت الكثير؟
إذا كنت تعتقد أنك تناولت الكثير من الزرنيخ، فاطلب الرعاية الطبية على الفور.
بوسع الطبيب طلب اختبارات لتقييم مستويات الزرنيخ في الدم، إضافةً إلى اختبارات الجلد والشعر والأظفار التي تُقيّم التعرض للزرنيخ على المدى الطويل.
قد يساعد تلقي كميات كبيرة من الماء الخالي من الزرنيخ وريديًا في طرد الزرنيخ الزائد من الجسم في حالة التسمم قصير المدى، مع أنك قد تحتاج أيضًا إلى مكملات الإلكتروليت.
قد تتطلب المضاعفات الناجمة عن التسمم بالزرنيخ أو التعرض له على المدى الطويل علاجًا أكثر.
الخلاصة:
- الزرنيخ هو عنصر طبيعي يوجد بكميات صغيرة في جميع الأطعمة تقريبًا، ولسوء الحظ أدى استخدام المبيدات الحشرية وتآكل الصخور إلى إدخال كميات أكبر من العنصر إلى إمدادات الغذاء والمياه.
- مع أن مستويات الزرنيخ في بعض أنواع النبيذ تتجاوز معايير مياه الشرب الخاصة بوكالة حماية البيئة، فإن معظم أنواع النبيذ آمنة عمومًا.
- يجدر بنا أن نأخذ في الاعتبار أن معايير مياه الشرب صارمة، إذ إنك تشرب كميةً من الماء أكثر بكثير من النبيذ طوال حياتك.
- على هذا، حتى لو كنت تشرب النبيذ بانتظام، فليس من المرجح تكون مُعرضًا لخطر التسمم، إلا إذا كنت –بجانب تناول النبيذ- تتعرض بانتظام لمستويات عالية من العنصر، بواسطة استهلاك الأطعمة المحتوية على مستويات عالية من الزرنيخ أو منتجات التبغ.
- إذا كنت تشك في إصابتك بالتسمم بالزرنيخ، فاطلب العناية الطبية على الفور.
اقرأ أيضًا:
التسمم بالفوسفات العضوية: الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج
تعلم طهي الأرز بطريقة جديدة وتخلص من الزرنيخ السام!
ترجمة: زينب عبد الكريم
تدقيق: منال توفيق الضللي