يقلل النظام الغذائي النباتي خطر الإصابة بأمراض قلبية، وهي فكرة متفق عليها عمومًا، لكن أبحاثًا حديثة وجدت أنه سيعرضك لخطر الوقوع في مشكلة صحية أخرى: السكتة الدماغية.
عاينت دراسة جديدة نشرتها المجلة الطبية البريطانية في المملكة المتحدة مجموعةً من آكلي اللحوم وآكلي السمك والنباتيين مدة 18 سنة من الفحص والمتابعة، وعلقت عليها الباحثة الرئيسية الدكتورة تامي تونغ: «يزداد انتشار الأنظمة الغذائية النباتية والخضرية في السنوات الأخيرة، ويعود جزء من ذلك إلى فوائدها الصحية التي نربطها بها، بالإضافة إلى القلق بشأن البيئة ورعاية الحيوانات».
ووجدت الدراسة أن آكلي الأسماك والنباتيين يصابون بالأمراض القلبية بدرجة أقل بنسبة 13% و22% على الترتيب مقارنة بآكلي اللحوم، لكن الباحثن وجدوا شيئًا مفاجئًا جدًا، إذ يواجه النباتيون عمومًا خطورة أعلى بنسبة 20% للإصابة بالسكتة الدماغية، وأغلبها من نمط محدد يسمى السكتة الدماغية النزفية.
العلاقة بين النباتية والخطر المتزايد للسكتة الدماغية
يقول الطبيب إيشوارا سانكارا المختص بعلاج مرضى الإصابات الدماغية في الطاقم الطبي لفورت وورث التابع للفريق الفيزيائي الصحي في تكساس: «إن السكتة النزفية هي إحدى أنماط السكتات الدماغية الناتجة عن تمزق وعاء دموي ضعيف، مسببًا تسرب الدم إلى الدماغ، ضمن أكثر الأسباب شيوعًا: ضغط الدم المرتفع غير المضبوط، وتمزق في الأوعية الدموية المتمددة في الدماغ، وتمزق وعاء دموي معتل بالدماغ».
وأضاف أن هذا النوع من السكتات قد يكون مضرًا أكثر ومسببًا للوفاة أكثر من السكتات الإقفارية الناجمة عن الخثرات الدموية.
واستند هذا البحث إلى الاستقصاءات الأوروبية الاستباقية حول دراسات السرطان والتغذية، وتضمن معلومات عن 48,188 شخصًا في الأربعينات من العمر، ممن لم يصابوا مسبقًا بأمراض قلبية تاجية أو بسكتة دماغية. وانقسموا بين آكلي لحوم وآكلي أسماك ونباتيين وخضريين.
وفقًا لكلمة العدد المرافقة للبحث: «كان ذلك شكل الدراسة الأمثل لاختبار التأثيرات طويلة الأمد للأنظمة الغذائية في الصحة، وصب المؤلفون اهتمامًا خاصًا بما يخص المعامِلات التي تتأثر بأنماط الحياة، والتغيرات السكانية الاجتماعية وتطبيق طرق إحصائية صارمة».
أسئلة غير مجاب عنها حول الأنظمة الغذائية النباتية
ربطت أبحاث سابقة بين الغذاء النباتي وانخفاض خطورة الإصابة بأمراض قلبية تاجية بالمقارنة مع آكلي اللحوم، لكن المعلومات عن هذا الاختلاف فيما يخص خطورة السكتة الدماغية قليلة.
وبسبب الازدياد الشديد للمخاوف الصحية والبيئية والأخلاقية المرتبطة بتناول اللحوم، يتحول الناس الآن إلى الحمية النباتية أو الخضرية أكثر من أي وقت مضى.
تقول د. تونغ: «مع ذلك، الفوائد والمخاطر الصحية المحتملة لهذه الأنظمة لم تُفهم بمداها الكامل، وتقترح الأدلة الجديدة أن المستويات المنخفضة جدًا من الكوليسترول قد ترتبط بزيادة خطورة حدوث سكتة نزفية، مع أهمية انخفاض مستوياته في الحماية من أمراض القلب. لكن الأرقام بمفردها تشير إلى أن انخفاض خطورة الإصابة بأمراض قلبية تاجية عند النباتيين تفوق ارتفاع خطر الإصابة بسكتة دماغية، وتعتمد النتائج حاليًا على دراسة منفردة للموضوع؛ ولذلك نحتاج المزيد من الأبحاث لاختبار إمكانية تعميم النتائج على بقية الناس».
النباتية ونقص التغذية
تقترح د. تونغ أن العلاقة بين ارتفاع خطورة الإصابة بسكتة دماغية والنظام النباتي قد تعكس انخفاض مستويات الكولسترول بالدم، أو تعكس نقصًا في مواد غذائية أساسية. وعن ذلك تقول الطبيبة جينيفر هايث المتخصصة بالقلبية في المركز الطبي لجامعة كولومبيا: «تبدو النسبة العالية للسكتات الدماغية والنزفية لدى مجموعات النباتيين والخضريين مفاجئة، ولكن وكما يشير الباحثون، لا تختلف هذه النتائج عن دراسات أخرى من اليابان والصين، إذ ربطت النظام النباتي بنسب مرتفعة من السكتات الدماغية، ويعزى ذلك إلى وجود مواد ذات تأثير وقائي للسكتات الدماغية في منتجات اللحوم».
وقد أكد د. سانكارا الحاجة إلى مزيد من الأبحاث لفهم الأسباب الكامنة وراء زيادة هذا الخطر، فقال: «بوسعنا إضافة حقيقة إلى ما لاحظته هذه الدراسة، وهي أن النباتيين والخضريين معرضون أكثر لخطورة حدوث عوز فيتامين د وفيتامين ب-12 ومغذيات أخرى، ما قد يسهم في الإصابة بأمراض عصبية».
وإذا أصيب الجسم بنقص تغذية فقد يؤدي هذا إلى ارتفاع خطر التعرض لمشاكل صحية مختلفة. وأضاف: «قد يؤدي عوز المغذيات – وخصوصًا الفيتامينات ب-12 وب-6 وب-9 – إلى زيادة خطر الإصابة بالسكتة، وكذلك عوز الفيتامين د؛ ولذلك يجب على النباتيين أن يناقشوا الأمر مع الطبيب المختص، وأن يفحصوا للكشف عن العوز في حال وجوده، وأن يخضعوا للعلاج المناسب بمكملات الفيتامينات عند الحاجة».
العلاقة بين تناول اللحوم والحفاظ على صحة الدماغ
يعد الدماغ عضوًا محبًا للدهون بشدة، إذ يشكل الدسم عمومًا نحو 60% من تكوينه، ونحو 20% من هذه الدهون ذات خصائص صحية استثنائية، وهي أحماض أوميغا-3 الدهنية -المسماة أيضًا DHA أي حمض دوكوسا هكسانويك- ومن وظائفها:
- تصنيع الميلين (النخاعين) لعزل الخلايا العصبية والأعصاب.
- الحفاظ على صلابة الحاجز الدماغي الدموي.
- تؤدي دورًا هامًا في تشكل وتطور القشرة المخية، حيث تحدث أغلب عمليات التفكير المعقدة لدينا.
ومن دون هذه الأحماض لن تتطور العمليات والارتباطات المعقدة الضرورية للتركيز العقلي والقدرة على حل المشكلات كما يجب، والطعام النباتي لا يحويها، ومن الضروري أن يعرف هذا كل من يتبع الأنظمة النباتية والخضرية.
وبالنسبة لأحماض أوميغا-3 الدسمة -المسماة بحمض ألفا لينوليك ALA- الموجودة في الأطعمة النباتية كالفاصولياء والكتان، فمن الصعب جدًا على الجسم تحويلها إلى DHA.
اقرأ أيضًا:
السكتة الدماغية الإقفارية: الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج
قد تساهم هذه المواد الكيميائية النباتية في صحة قلبك
8 خرافات عن الحمية النباتية والخضرية
ترجمة: حيدر بوبو
تدقيق: محمد حسان عجك
مراجعة: صهيب الأغبري