يعد العنصر رقم 115 الموسكوفيوم لغزًا بين العناصر، ومع أنه أُضيف إلى الجدول الدوري منذ 2016 فقط، فقد جذب اهتمامًا إضافيًا لعقود من الزمن وذلك لارتباطه المفترض بتقنية الفضاء الخارجي وأشكال الحياة فيه. هل أثرنا اهتمامكم ؟ قبل أن نجيب عن وجود الرابط من عدمه دعونا نكتشف ما هو العنصر رقم 115.

«يعد العنصر رقم 115 أو الموسكوفيوم عنصرًا فائق الثقل من صنع الإنسان، يحتوي على 115 بروتون في نواته»، هذا ما ورد في البريد الإلكتروني المرسل من جاكلين غيتس، وهي عالمة مختصة بمجموعة العناصر الثقيلة في شعبة العلوم النووية في مختبر بيركلي في ولاية كاليفورنيا. وكما هو الحال لكل عناصر الجدول الدوري، فإن العدد الذري للعنصر يتوافق مع عدد البروتونات الموجودة في نواة ذرته، ويحتوي هذا العنصر على 23 بروتون أكثر من عدد البروتونات الموجودة في أثقل عنصر موجود بكميات كبيرة على كوكب الأرض وهو اليورانيوم.

تقول غيتس إن العنصر رقم 115 نادر جدًا، إذ تُصنع ذرة واحدة منه في مسرعات الجسيمات في كل مرة، وتبقى لجزء من الثانية فقط قبل أن تتحلل إلى عنصر آخر، وتضيف: «إنه مميز لأنه قريب من (جزيرة الاستقرار) المتوقعة، حيث يمكن أن تكون أعمار نوى بعض العناصر فائقة الثقل أطول، عوضًا عن بقائها لمدة أقل من ثانية قد تستمر لدقائق أو أيام أو حتى سنوات، تعد هذه المدة كافية حتى نتمكن من استخدامها في تطبيقات عملية».

في عام 2003 في مختبر فليروف للتفاعلات النووية في دوبنا في روسيا، اكتشف مجموعة من العلماء بقيادة عالم الفيزياء النووية يوري اوغانيسيان العنصر رقم 115، وفي النهاية سمِّي العنصر بالموسكوفيوم نظرًا لأن دوبنا تقع في موسكو.

لصنع هذا العنصر، سرّع العلماء أيونات الكالسيوم 48 (48Ca) إلى ما يقارب 10% من سرعة الضوء ثمَّ قصفوها بالأمريسيوم-243 (243Am)، ومن خلال هذا القصف تمكن العلماء من دمج نوى (48Ca) و (243Am). تقول غيتس: «لتصنع عنصرًا فائق الثقل، أنت بحاجة إلى الدمج الكامل لنواتي عنصرين أخف» وأشارت أن هذه العملية أنتجت أربع نوى من الموسكوفيوم.

«يتألف العنصر الجديد الذي صنعوه من 115 بروتون (20 بروتون من 48Ca و95 بروتون من 243Am)، وعُزِلَ هذا العنصر الجديد عن منتجات التفاعل الأخرى باستخدام فاصل ارتداد دوبنا المملوء بالغاز، من ثم غُرس في كاشف حيث يستطيع العلماء مشاهدة العنصر رقم 115 وهو يتحلل إلى العنصر رقم 113».

استغرق العلماء سنوات للوصول إلى بعض التفاصيل المتعلقة بالموسكوفيوم، في عام 2018 توصّل علماء مختبر بيركلي إلى معرفة كتلة العنصر أو وزنه الذري (وهو مجموع البروتونات والنيوترونات داخل النواة) الذي يبلغ 288.

لإيجاد هذا الرقم الهام، كرّر العلماء العملية التي استخدمها المكتشفون الأوائل لعنصر الموسكوفيوم للتعرّف على ماهيته، وبذلك استطاعوا بصعوبة إنتاج ذرة واحدة من الموسكوفيوم في كل يوم، التُقطَت هذه الذرة بواسطة جهاز FIONA الذي يبدو لشخص مبتدئ خزانة حديدية صغيرة الحجم بينما هو جهاز لتحديد العدد الكتلي للنواة.

لا يوجد حتى الآن استخدام تطبيقي للموسكوفيوم خارج مجال البحث العلمي.

العنصر رقم 115 و ارتباطه بالكائنات الفضائية

اكتُشف العنصر رقم 115 في العام 2003 لكنه يبدو مألوفًا لأن اسمه كان يدور في الأرجاء منذ عقود لارتباطه بالعناصر الطائرة المجهولة UFOs، والكائنات الفضائية وغيرها من الظواهر ذات الصلة.

نشير هنا إلى قصة روبرت سكوت لازار (بوب) التي عاشت طويلًا، إذ خرج بوب عام 1989 ليخبر الناس بمعلومة سريّة جدًا على حد قوله عن العنصر رقم 115، وادّعى أنه موظف سابق في المنطقة 51 الشهيرة عالية السرية، وتقع ضمن نطاق الاختبار والتدريب في نيفادا وتديرها القوات الجوية الأمريكية، وقال إنه كان يعمل بالهندسة العكسية للصحون الفضائية الطائرة المحطمة، وإنه تعامل شخصيًا مع العنصر رقم 115 الذي كان يستخدم لقيادة المركبات الفضائية.

وذكر لازار «من المستحيل تصنيع عنصر بهذا الثقل على كوكب الأرض … هذا العنصر يجب أن يأتي من مكان حيث تستطيع العناصر فائقة الثقل أن إنتاجها طبيعيًا».

قال لازار إنه رأى دليلًا على تقنيات الدفع المضادة للجاذبية، ورأى أيضًا تسع مركبات فضائية مخزّنة في عنبر موجود في المنطقة 51، وإن هذه المركبات الفضائية استخدمت على ما يبدو نوعًا من أنظمة الدفع التي استغلت القوة الكامنة للجاذبية الأرضية، وهكذا استخدموا خصائص العنصر رقم 115 لتشغيل سحرهم التكنولوجي.

لم تؤكد الحكومة توظيف أيًّا ممن كانوا يعملون في المنطقة 51، وذكرت بعض المصادر الأخرى أن فحوى ادعاءاته لم تُدحض، لكنه ما يزال هناك تعارض بين العلم وتلك الادعاءات.

وتقول غيتس: «لا، لا يوجد هناك أي صلة بين هذا الاكتشاف وادعاءات لازار … وفي الوقت الراهن، فإن كل الذرات التي صُنّعت من العنصر رقم 115 قد تحللت بسرعة كبيرة جدًا، ولن تدعم هذ العناصر الطائرة المجهولة UFOs».

بدلًا من الحماس تجاه الكائنات الفضائية صغيرة الحجم خضراء اللون ومركباتهم الفضائية المذهلة، أصبح لدينا علم حقيقي وملموس لا يقل إثارة عما سبق، وبالنسبة للأشخاص الذين انهمكوا يوميًا بهذه التطورات فهذا أكثر من كافي.

في نهاية الأمر، يعد الموسكوفيوم عنصرًا مذهلًا، وتقول غيتس: «هذا يشير أننا نتجاوز حدود معرفتنا بهذا الكون … يعد العنصر رقم 115 مميزًا لأن صناعته أسهل من صناعة بعض العناصر الخفيفة مثل العنصر رقم 112 والعنصر رقم 113. عادةً كلما أضفنا المزيد من البروتونات أصبحت صناعة عنصر جديد أصعب. لكن تغير الأمر مع العنصر رقم 115 ولهذا تمكنا من صناعة أكثر من مئة ذرة منه وبدأنا نفهم خصائصه النووية والكيميائية».

بالنسبة لأستاذة في الفيزياء وعلم الفلك في جامعة كاليفورنيا -ارفاين فيرجينيا تريمبل، فهي تجد العنصر رقم 115 مثيرًا للاهتمام وقالت عبر البريد الالكتروني: «مع تقدم ‘discovery space’ نحو نوى أثقل وأثقل فإن خصائص هذه العناصر تكون بمثابة اختبارات أصعب لفهمنا الفيزيائي الأساسي، فهي لا تتحلل دائمًا بحسب النماذج المتوقعة، وعند إنتاج أكثر من بضع ذرات في الوقت نفسه لا تملك هذه الذرات نفس الخصائص الكيميائية التي تتوقعها نتيجة تموضعها في الجدول الدوري».

ملاحظة المحرر: بعدما نُشرت هذه القصة وصلنا معلومات إضافية من جيريمي كنيون لوكير كوربل، وهو الذي أخرج الفيلم الوثائقي (بوب لازار، المنطقة 51 والصحون الطائرة) ويعد مقرّبًا من لازار. واقتبسنا منها معلومات حول لازار والعنصر رقم 115، يقول كوربيل:

«عندما أتى لازار في المرة الأولى عام 1989، أوضح أنه لا يوجد أي سبب يمنع تركيب نسخة من العنصر رقم 115 ومراقبتها في مرحلة ما في المستقبل. في الواقع، توقّع أنه سيُراقَب (كما فعل الكثير من الأشخاص)، ومن المحتمل ألا يكون في شكله المستقر (بسبب عدم وجود الاحتمالية الإحصائية بالوصول إلى النظائر ذات الصلة) … والنظير الذي اكتُشف عام 2003 لا يطابق ما كان لازار قد تمكن من الوصول إليه خلال عمله في المنطقة 51 (الموقع 4)، وأفاد لازار أن العنصر رقم 115 الذي تمكن من الوصول إليه كان أكثر استقرارًا. حسب فهمي لافتراض لازار، مع التطور الحاصل بتقنيات القصف ستتحقق تركيبات نظائرية جديدة، وكما هو الحال بالنسبة للذهب الذي يملك 37 نظيرًا واحد منها فقط مستقر، يُشتبه أن يكون للعنصر رقم 115 نظائر تحلل سريعة في الغالب… لذلك نأمل في المستقبل أن نصل إلى نسخة ذات عمر نصف أطول، وحتى لو انتهى بنا الأمر إلى بضع ذرات منها سيكون ذلك رائعًا ومن المحتمل أن يحدث يوما ما».

اقرأ أيضًا:

آخر العناصر المضافة إلى الجدول الدوري وأصل تسميتها

هل توجد أسرار متعلقة بالفضائيين في روزويل والمنطقة 51؟

ترجمة: ساره الحمصي

تدقيق: أميمة الغراري

مراجعة: محمد حسان عجك

المصدر