يرتبط الموت في أثناء النوم غالبًا مع توقف القلب المفاجئ والتدهور التدريجي في وظيفة القلب الذي ينجم عن فشل القلب الاحتقاني، إلى جانب الفشل التنفسي، والأمراض المميتة، وبعض الحوادث غير المتوقعة مثل السكتة الدماغية ونوبات الصرع والجرعات المفرطة.

يناقش هذا المقال الحالات الطبية والأسباب التي تكمن وراء الموت في أثناء النوم، من ضمنها العوامل التي تزيد خطر الموت نتيجة فشل القلب.

توقف القلب:

يُعد توقف القلب عن النبض حالةً طارئة، فقد يؤدي إلى موت القلب المفاجئ في غضون دقائق فقط، ويزداد خطر الموت في أثناء النوم بسبب تأخر الاستجابة الطبية عادةً.

يحدث توقف القلب المفاجئ نتيجة حالات طبية مختلفة، مثل النوبة القلبية واضطراب النظم القلبي وفشل القلب الاحتقاني والسكتة الدماغية.

النوبة القلبية:

تنجم النوبة القلبية أو احتشاء عضلة القلب عن انسداد أحد الأوعية الدموية التي تغذي عضلة القلب، ثم يتلف النسيج المصاب أو يموت.

تتراوح شدة النوبة القلبية بين مجرد حوادث بسيطة تسبب اضطرابًا طفيفًا في وظيفة القلب، وانسدادات كارثية تؤدي إلى توقف القلب والموت.

قد تسبب النوبات القلبية الخطيرة انخفاض تدفق الدم إلى منطقة الدماغ التي تتحكم بالتنفس، ما يؤدي بدوره إلى توقف التنفس.

اضطرابات نظم القلب:

يتعرض نظام القلب الكهربائي في هذه الحالة إلى اضطرابات تسبب خللًا في تزامن انقباضات القلب وعدم انتظامها، فهي إما تصبح أسرع أو أبطأ من اللازم، وقد يسبب هذا بدوره انخفاض كفاءة القلب في ضخ الدم.

تعد اضطرابات نظم القلب ضمن الحالات الأكثر شيوعًا في التسبب بالموت في أثناء النوم، وهي تتضمن توقف انقباض القلب الذي يتوقف فيه نشاط القلب الكهربائي، إلى جانب الرجفان الأذيني والرفرفة الأذينية اللذين تضعف فيهما وظيفة القلب، وتسارع القلب البطيني، والإحصار القلبي الذي يصيب نظام القلب الكهربائي وقد يسبب اختلالًا وظيفيًا في القلب والموت.

فشل القلب الاحتقاني:

يؤدي فشل القلب الاحتقاني إلى فشل القلب تدريجيًا ويسبب في الحالات الخطيرة توقف القلب.

سرعان ما يتأثر الجانب الأيمن من القلب بفشل الجانب الأيسر؛ ما يسبب تراكم السوائل في الرئتين وانتفاخ القدمين والساقين أو ما يسمى «الوذمة الطرفية»، ويترتب عنه في نهاية المطاف توقف التنفس. فضلًا عن ذلك، يتعرض القلب في بعض الأحيان إلى حمل زائد، ما قد يجعله يتوقف عن النبض تمامًا.

عند حدوث خلل في قدرة القلب على ضخ الدم، تتأثر أجهزة الجسم الأخرى المعتمدة عليه؛ فعلى سبيل المثال، يؤدي اضطراب نظم القلب أحيانًا إلى تكوّن جلطة قد تنتقل بعدئذ إلى الدماغ وتسبب سكتةً دماغية، ويزداد خطر الإصابة بها مع ارتفاع ضغط الدم. وفي حال أصابت الجلطة جذع الدماغ، فقد تتسبب بمشكلات في الوعي والتنفس وفتح العينين والتحكم في العضلات؛ ما يعني أن هذه السكتات الدماغية قد تكون مميتة وتحدث في أثناء النوم.

توقف التنفس:

تتمثل وظيفة الرئتين الأساسية في تبادل غازي الأكسجين وثاني أكسيد الكربون مع الهواء المحيط، ويؤدي اختلال وظيفتهما إلى انخفاض مستوى الأكسجين وارتفاع مستوى ثاني أكسيد الكربون؛ ما قد يسبب تغيرات خطيرة في التوازن الحمضي القاعدي، وتؤدي التغيرات الكبيرة إلى توقف التنفس، لكنها قد تزيد أيضًا الحمل على القلب وتسبب فشله تدريجيًا.

بيد أن توقف التنفس قد ينجم أيضًا عن بعض أمراض الرئة التنكسية والمزمنة، مثل مرض الانسداد الرئوي المزمن، والتليف الكيسي، والنفاخ الرئوي، وسرطان الرئة، والالتهاب الرئوي، والانصمام الرئوي، والأزمة الربوية الحادة، والتليف الرئوي.

علاوةً على ذلك، قد يحدث الفشل الرئوي أيضًا بسبب اضطرابات في عضلات التنفس أو الجهاز العصبي مثل التصلب الجانبي الضموري والوهن العضلي الوبيل، وبعض الاضطرابات الخلقية في التنفس مثل متلازمة نقص التهوية المركزي الخلقية، إضافةً إلى متلازمة موت الرضيع الفجائي التي تُعد مثالًا على فشل التنفس الطبيعي في أثناء النوم.

النمط الأول من داء السكري:

قد يكون السكري سببًا كامنًا وراء أمراض أخرى مثل أمراض القلب، ما يزيد خطر الموت في أثناء النوم. قد يسبب السكري أيضًا تقلبات في سكر الدم ليلًا، ويؤدي إلى الموت الفجائي، وتحدث هذه المشكلات أحيانًا مع المصابين بالنمط الأول من مرض السكري بصرف النظر عن حرصهم على ضبط مستوى سكر دمهم في فترة النهار، إذ ليس بإمكانهم مراقبة سكر الدم في أثناء النوم، لكنه مع ذلك قد ينخفض ويسبب نوبات تشنجية أو حتى الموت.

يشير مصطلح «متلازمة الميت في الفراش» إلى ظاهرة الموت غير المفسر الذي يحدث لدى قرابة 5% من مرضى السكري في أثناء نومهم، وفي حين أنه قد يكون ناجمًا عن هبوط سكر الدم، فلا توجد أدلة كافية تبين السبب الدقيق لهذه الظاهرة. تتضمن الفئات الأكثر عرضةً إلى متلازمة الميت في الفراش المرضى المصابين بالنمط الأول من مرض السكري الأصغر من أربعين عامًا.

التسمم بأول أكسيد الكربون:

قد تؤدي التهوية الضعيفة إلى الموت نتيجة الاختناق بأول أكسيد الكربون؛ إذ يسبب التعرض إلى مستويات مرتفعة من أول أكسيد الكربون أعراض متفاقمة تدريجيًا، مثل الدوار وضيق التنفس والغثيان وعدم انتظام دقات القلب.

لا يمكن أن يشعر الشخص المصاب في أثناء نومه بهذه الأعراض، لكن يحول دخول أول أكسيد الكربون في الدم دون وصول الأكسجين إلى أعضاء الجسم؛ ما يؤدي بدوره إلى فشل القلب وتوقف التنفس، أي أن أول أكسيد الكربون قادر على التسبب بالموت في غضون عدة دقائق.

الأدوية:

تؤدي بعض الأدوية المستخدمة في علاج الألم والأرق إلى زيادة خطر الموت بسبب تثبيطها أجزاء الدماغ المسؤولة عن ضبط التنفس، ويحدث ذلك غالبًا عند أخذ جرعات مفرطة أو تناولها مع مثبط دماغي آخر مثل الكحول.

من ضمن الأدوية التي تتسبب جرعاتها المفرطة بتوقف التنفس: الأمفيتامينات مثل الميثامفيتامين والريتالين، والبنزوديازيبينات مثل الفاليوم والزاناكس، والأفيونات مثل الفنتانيل والمورفين والأوكسيكودون، والمهدئات مثل الزولبيديم والترامادول، والكوكايين.

الإصابات:

تسبب إصابات الدماغ الشديدة الغثيان والصداع المستمر واتساع بؤبؤ العين، لكن قد لا تُلحظ هذه الأعراض في بعض الأحيان، أو قد ينام الشخص المصاب للتخفيف منها، إلا أنه يتعرض إلى نزيف في الدماغ ويموت موتًا فجائيًا في أثناء نومه.

الاختناق:

يعد الاختناق من ضمن الأسباب للموت في أثناء النوم، وهو قد يحدث عند تقيؤ الشخص النائم بسبب نوبة تشنجية أو شرب كمية مفرطة من الكحول، لكنه قد ينجم أيضًا عن شفط طعام أو قرص سعال من الفم خلال النوم دون قصد.

الصرع:

توجد حالة ما تزال غامضة بعض الشيء تسمى «الموت المفاجئ في الصرع»، وهي تصيب المرضى المصابين بالصرع بنسبة 1 إلى 1000 سنويًا، وتُعد السبب الرئيسي لوفاة المصابين بالتشنجات غير المضبوطة.

تعتبر ظاهرة الموت المفاجئ في الصرع سبب وفاة المصابين بالصرع عند عدم وجود سبب واضح لوفاتهم، وهم قد يتوفون في أثناء النوبة التشنجية أو بعدها أو دون إصابتهم بنوبة ظاهرة. تشير بعض النظريات إلى أن الموت في هذه الحالة قد ينجم عن توقف التنفس في أثناء نوبة الصرع، أو نتيجة تأثر القلب بها.

نظرًا إلى أن ظاهرة الموت المفاجئ في الصرع تحدث عادةً في أثناء الليل، يرى بعض الباحثين أنها مرتبطة بدورة النوم واليقظة لدى المصابين، بيد أن الأسباب التي طرحت لم تؤكد بعد.

انقطاع النفس الانسدادي النومي:

قد يسبب انقطاع النفس الانسدادي النومي تفاقم مشكلات أخرى تؤدي في نهاية المطاف إلى الموت، مثل السكتات الدماغية، والنوبات القلبية، وفشل القلب، واضطرابات النظم القلبي؛ وقد ينجم عن جميع هذه الحالات موت فجائي. فضلًا عن ذلك، قد يؤدي انقطاع النفس الانسدادي النومي إلى الاختناق، بيد أنه احتمال مستبعد.

اضطرابات النوم الأخرى:

قد يقضي بعض الأشخاص حتفهم بسبب اضطرابات نوم أخرى إلى جانب انقطاع النفس الانسدادي النومي، ومن ضمنها:

  •  الخطل النومي أو سلوكيات غير طبيعية خلال النوم.
  •  المشي في أثناء النوم، والذي قد يوقع بهم في مواقف خطيرة مثل السقوط أو التجول في الطرقات.
  •  اضطراب نوم حركة العين السريعة السلوكي، وهو قد يسبب الوقوع من الفراش وإصابة الرأس بجرح مميت.

من أجل تقليل خطر الموت بسبب اضطرابات النوم، ينبغي الانتباه إلى الأعراض التي قد تدل عليه مثل الأرق والاستيقاظ في الصباح المبكر، إلى جانب علامات انقطاع النفس النومي مثل انقطاعات التنفس والشخير والتبول الليلي وصرير الأسنان والنعاس المفرط في أثناء النهار ومشكلات المزاج والاضطرابات المعرفية.

لحسن الحظ يمكن علاج اضطرابات النوم، لكن يجب الحرص على تحسين الصحة العامة وعدم الاستهانة بأهمية النوم الصحي.

اقرأ أيضًا:

اضطرابات النوم: تأثيراتها خطيرة في الصحة

تعرف على أهم أسباب اضطرابات النوم

هل تمكن معالجة النوبة القلبية قبل حدوثها؟

ترجمة: رحاب القاضي

تدقيق: بدور مارديني

المصدر