ما هو الموت الحراري للكون ؟ وهل هذا هو مصير كوننا في المستقبل ؟ رأى عالم الفلك (إدوين هابل-Edwin Hubble) عند النظر من خلال تلسكوبه أنه من المفترض انتهاء الكون بالجليد. وتقول النظريات الكمومية أنه قد ينتهي احتراقًا. أما الديناميكا الحرارية وهي أحد أقدم العلوم في الفيزياء تقول أنّه قد ينتهي بطريقة مختلفة: إذ تكون كل الأشياء خافتةً وذات حرارة معتدلة وبطيئة: أي في حالة توازن من الطاقة.
سيكون المصير النهائي للكون من وجهة النظر هذه ما يسمى ب الموت الحراري للكون. تقول علوم الديناميكا الحرارية أن الأنظمة الكبيرة تتطور باتجاه التوازن مع مرور الوقت. هذه الحالة المتوازنة والهادئة لا تملك أي ردود أفعال. لا شيء يملك طاقة لتُخسر أو تُكتسب مقارنةً بأي شيء آخر.
يختلف الكون من مكان لآخر في الوقت الراهن بشكلٍ كبير من حيث التكوين. نحن نعيش الآن بين خيوط من المادة والطاقة مجتمعة معًا، والتي تحيط بها بيئة من العدم. إنَّ النجوم والأنظمة الكوكبية والمجرات والسدم والثقوب السوداء جميعها نقاط مركزة بشكلٍ كبير في الفراغ الواسع من الفضاء.
إذا كان النظر للكون بمثابة نظام ديناميكي حراري ممكنًا فإن هذه النظرية توضح النتيجة النهائية المؤكدة. ستنتشر في المستقبل البعيد جميع هذه المناطق الساخنة والمليئة بالكتلة في الفراغ الواسع البارد، وتختلط حتى يصبح كل شيء ضبابًا متجانسًا. مثل إضافة الماء المغلي إلى وعاء من الحساء البارد: سيتوازن الطرفان وينتجان حساءً فاترًا.
برزت نظرية الموت الحراري للكون من خلال أبحاث أجراها العديد من علماء الفيزياء الذين بدؤوا دراسةً لفهم كيف تحول الآلات الحرارة إلى عمل ميكانيكي. طرح لورد كلفن وسادي كارنوت وغيرهما فهمًا تجريبيًا لطريقة قيام المحركات البخارية ومولدات القوة الدافعة بعملها. اكتشفوا أن الآلات تستغل ميل الطاقة إلى الانتقال من المناطق الساخنة إلى المناطق الباردة. وفي النهاية يستقر النظام بأكمله على درجة حرارة متوسطة ولا يحدث المزيد من انتقال الطاقة. (تمثل حالة الإنتروبي العظمى).
تصطدم الجزيئات والذرات والجزيئات دون الذرية في الفضاء ببعضها البعض ما يقلل زخمها وطاقتها وحركتها من الحالة السريعة إلى البطيئة. ستصبح حركة كل جزيئات الكون متوازنةً تدريجيًا (عشوائية)، وستصطدم وتتفاعل دون حصول أي تغيير في الطاقة. في نهاية المطاف سوف تسير الجزيئات بمفردها إلى الأبد بعد تصادم وارتداد أخير.
هل يمكن تجنب مصير الموت الحراري للكون ؟ الجواب هو لا، إذا كان الكون نظامًا ديناميكيًا حراريًا بشكلٍ كامل. ومع ذلك فمن غير الواضح ما إذا كان يمكننا وصف قوى الجاذبية داخل وبين الأجسام الفلكية الضخمة بدقة بواسطة هذه الطريقة. يعتقد الفيزيائي (فريمان دايسون – Freeman Dyson) أن الجاذبية ستمنع حدوث الموت الحراري للكون.
في جميع الأحوال عليك ألا تقلق بسبب هذا المصير الكوني بعيد الحدوث (أو أي شيء آخر). وإذا حدث ذلك فإن عملية التوازن ستستغرق وقتًا طويلاً غير محدود. هل يمكن لك أن تتخيل مدةً زمنيةً تعادل 10 للقوة 100 عامًا (عدد غوغول – googol)؟ أي الزمن المطلوب لتبخر ثقب أسود كبير تمامًا. نملك وقتًا طويلًا للاستمتاع بكوننا قبل أن يتلاشى بهذه الطريقة.
اقرأ أيضًا:
ترجمة: حبيب بدران
تدقيق: جعفر الجزيري