يُفترض دائمًا استبدال الواقي الشمسي بعد انتهاء صلاحيته، ولكن ماذا لو كان كل ما تملكه للحماية من الشمس واقيًا شمسيًا منتهي الصلاحية؟

أوضحت دراسة جديدة أنه عند تطبيق كمية من الواقي الشمسي ونشرها على البشرة، تُمتص المواد الكيميائية الداخلة في تركيبه إلى مجرى الدم، وما زالت تأثيراته غير معروفة إلى الآن.

في دراسة أجراها باحثون في إدارة الغذاء والدواء، تبين حدوث امتصاص للمواد الكيميائية الموجودة في الواقي الشمسي إلى مجرى الدم، وبلوغها مستويات عالية كافية لوضعها تحت الاختبار وإجراء المزيد من الاختبارات حول سلامتها.

كانت الدراسة صغيرة، إذ شملت أربعة وعشرين شخصًا فقط، لكنها من أولى الدراسات التي تفحص بدقة مستويات المواد الكيميائية للواقي الشمسي الواصلة إلى الدم عند تطبيق المنتجات على البشرة وفقًا للإرشادات، وتدرس استمرار وجود هذه المواد في الدم.

كتب الباحثون: «لم يُقصد بالدراسة أن يتوقف الناس عن استخدام الواقي الشمسي، خاصةً في ظل ما نعرف عن المخاطر الجدية والكبيرة الناتجة من التعرض لأشعة الشمس».

قالت طبيبة الأمراض الجلدية كانادي شينكاي: «يجب على الجميع مواصلة استخدام الواقي الشمسي، واتباع التوصيات جيدًا للحماية من أشعة الشمس. جميعنا يعلم جيدًا أن الشمس قد تسبب الإصابة بسرطان الجلد والورم الميلانيني».

أشارت النتائج إلى ضرورة إجراء المزيد من الأبحاث بشأن الآثار الصحية المحتملة لهذه المواد الكيميائية إذ تصل إلى الدم، قالت شينكاي: «من المقلق أننا لا نعرف تفسير بيانات الامتصاص الجهازي لهذه المواد، وما يترتب عليها».

مع انتشار واقيات الشمس على نطاق واسع من العالم، فإن ما يثير الدهشة وجود القليل من الأبحاث التي تدرس سلامة العديد من المواد الكيميائية الداخلة في تصنيعها عادةً وفعاليتها.

تطوع في الدراسة 24 بالغًا من الأصحاء لتطبيق الواقي الشمسي على بشرتهم، أربع مرات في اليوم مدة أربعة أيام، قُسّموا إلى أربع مجموعات استخدم كل منها تركيبة مختلفة من الواقيات الشمسية: غسول وكريم ونوعين من الرذاذ.

طبّق الباحثون الواقي الشمسي تبعًا للكمية الموصّى بها: 2 ملليجرام لكل سنتيمتر مربع من الجلد، طُبقت على 75% من الجسم.

ظل المشاركون في المختبر مدة أسبوع دون التعرض لأشعة الشمس، ثم أُخذ من كل منهم 30 عينة دم على مدار فترة إقامتهم.

فحص الباحثون مستويات الدم لأربع من المواد الأكثر استخدامًا في واقيات الشمس: أفوبنزون وأوكسيبنزون وأوكتوكريلين وإيكامسول، إذ أرادوا معرفة هل تتجاوز التركيزات في الدم 0.5 نانوغرام لكل ملليلتر، وهي العتبة التي حددتها إدارة الغذاء والدواء عام 2016، إذ إن أي دواء يُمتص في الدم بمستويات تفوق هذه العتبة يجب أن يخضع لمزيد من الدراسات الإضافية للتحقق من سلامته.

أظهرت النتائج تجاوز جميع هذه المواد الكيميائية العتبة المسموح بها في الدم، في غضون يوم واحد من تطبيق الواقي الشمسي.

أهم من ذلك، حدوث تزايد لمستويات هذه المواد مع إعادة تطبيق الواقي الشمسي في الأيام اللاحقة، ما يشير إلى إمكانية تراكمها في الدم بمرور الوقت.

دراسات السلامة:

أوضحت شينكاي، غير المشاركة في الدراسة، أن النتائج الجديدة لم تنفِ أمان المستحضرات الكيميائية للوقاية من الشمس، لكنها تشير إلى الحاجة إلى إخضاع هذه المكونات إلى اختبارات السلامة التي تُجرى على الأدوية الجهازية –أي التي تصل إلى الدم- للتحقق من سلامتها وأمانها، وأن تبحث الدراسات اللاحقة احتمالية وجود علاقة تربط خطر الإصابة بالسرطان أو التأثير في الجهاز التناسلي بالتعرض لهذه المواد الكيميائية ووصولها إلى الدم.

نوّه الباحثون بأنهم أجروا دراستهم دون التعرض إلى أشعة الشمس أو الحرارة، وهي غالبًا العوامل المؤثرة في مدى امتصاص المواد الكيميائية الداخلة في تركيب واقي الشمس ووصولها إلى الدم.

أيضًا توجد حاجة إلى مزيد من الدراسات لبحث وجود عوامل معينة تؤثر في مدى اختلاف مستويات الامتصاص إلى الدم، مثل نوع البشرة والعمر، وكمية الواقي الشمسي المستخدمة.

اقترحت إدارة الغذاء والدواء وضع قواعد جديدة بهدف تحسين أمان الواقي الشمسي، وطالبت مصنعي واقيات الشمس بتقديم ما يثبت سلامة 12 من المواد الشائعة الداخلة في تركيبه.

قالت شينكاي إنه من المحتمل نظريًا أن تُسحب جميع الواقيات الشمسية المحتوية على هذه المواد من السوق حال لم يقدم المصنعون بيانات أمانها بحلول نوفمبر، وأنها تتوقع من المُصنعين أن يطلبوا تمديد هذا الموعد، الذي لن يُوافَق عليه إلا حال إثباتهم مدى التزامهم بإجراء دراسات الأمان.

لا تنبغي المبالغة في القلق بشأن المواد الكيميائية المتضمنة في واقيات الشمس، فليست كلها تصل إلى الدم، وبعضها مُثبت أمانها ومتعارف عليها أنها لا تصل إلى الدم، مثل أكسيد الزنك وثاني أكسيد التيتانيوم، وهي المكونات المعروفة باسم الواقيات الشمسية المعدنية أو الفيزيائية.

قالت شينكاي إن آلية عمل مثل هذه المنتجات تتمثل بتغطية الجلد بطبقة حامية من الشمس وعكس الضوء بدلًا من امتصاصه، وهي بذلك تختلف عن آلية عمل واقيات الشمس الكيميائية.

تجدر الإشارة إلى أن استخدام الواقي الشمسي هو فقط أحد الطرق الموصى بها للأشخاص لحماية أنفسهم من أشعة الشمس، وتشمل الطرق الأخرى وفقًا لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها: تجنب الشمس والبقاء في الظل قدر الإمكان وارتداء الملابس السابغة والقبعات والنظارات الشمسية.

اقرأ أيضًا:

هل يقي الواقي الشمسي فعلًا من سرطان الجلد لدى ذوي البشرة الملونة أم هي خرافة

كيف تختار الواقي الشمسي المناسب؟

ترجمة: رغد شاهين

تدقيق: أكرم محيي الدين

مراجعة: باسل حميدي

المصدر