المهندسون على وشك وضع درع حماية هائل على موقع إنهيار مفاعل تشيرنوبيل، لكن هل يفي بالغرض؟
ثلاثةُ عقود مرت، منذ كارثة تشيرنوبيل النووية المدمرة في أوكرانيا والمناطق المحيطة بها، ولكنَّ السكانَ المحليِّين لا يزالون يعانونَ من عواقِبِها حتى اليوم، فَفِي محيط 2600كيلومتر مربع (1000 ميل مربع) من الأراضي المحيطة بالمجمع المنهار، لاتزال غير صالحة لحياة البشر.
في ذلك الوقت، سارعت السلطات المحلية لاحتواء المفاعل المُنهار في قبة خرسانية ضخمة، ولكن المخاوف الأخيرة حول التسرب الحالي للمواد المشعة – التي يمكن أن تكون على وشك الانهيار – هي التي قادت لفكرة بناء “تابوت” معدني أكبر لإخفاء كل شيء عن الانظار.
هذا الدرع الهائل، والذي دُعي “الحجز الجديد الآمن ” (New Safe Confinement)، بحجم 275 متراً (900 قدم) عرضاً، و 108 متر (354 قدم) طولاً، كلَّف 1.6 مليار دولار أمريكي لبنائِه.
وما يزال موقع الانهيار الكارثي في المفاعل رقم (أربعة) في تشيرنوبيل – الذي اعتُبِرَ تسرُّبُهُ الإشعاعي أكبر بعشر مرات من القنبلة النووية على هيروشيما – خطيرًا جدًا، لأيِّ شخص يفكر في الاقتراب منه فأصبح لابدَّ من بناء الدرعِ في مكان قريب، ويجري الآن نقله ببطء نحو المكان.
يزن هذا الشيء الضخم إجمالًا 36000 طن، أي ما يعادل حوالي 100 طائرة جامبو عملاقة، ويجري تحريكه بعناية نحو المفاعل باستخدام نظام شامل من الرافعات الهيدروليكية.
ويتوقع الخبراء أن يبلغ وجهته النهائية بحلول التاسع والعشرين من نوفمبر تشرين الثاني.
قال وزير البيئة الأوكراني (أوستاب سيميراك) (Ostap Semerak) للصحافة هذا الأسبوع: «إنَّ بداية وضع القوس فوق المفاعل الرابع من محطة تشيرنوبيل للطاقة النووية هو بداية النهاية لمعركة طويلة من الصراع استمرت 30 عامًا مع عواقب الحادث في عام 1986».
وقد صرَّح موظفون من البنك الأوروبي للإنشاءِ والتعميرِ (ERBD) وهي المجموعة المسؤولة عن بناء الصلب والخرسانة للتابوت، أنه أكبر هيكل أرضى منقول تم بناؤه على الإطلاق، هذا حسب اعتقادهم.
«[إنه] واحد من أكثر المشاريع طموحا في تاريخ الهندسة» يقول “ERBD ” عن بناء واعادة تموضع القبة.
إنَّ أروع جزء في هذا الهيكل العملاق ليس في توقِّعِ حجزه للإشعاع على مدى السنوات المائة المقبلة على الأقل، وإنما في إتمام تركيب الزوائد الروبوتية في سقفه، والتي بمجرد وضع كل شيء في مكانه ، فإنَّهُ يمكنها البدء بتفكيك أخطر أجزاء المبنى من الداخل.
وحتى إذا كان الدرع ناجحًا في حجز ما تبقى داخل المفاعل من الخروج والإنطلاق الى الأجواء، في هذه المرحلة، إلَّا أنَّ الأمل ضئيل في أنَّ منطقة الحظر العظمى ستكون مناسبةً أكثر من أيِّ وقت مضى لإعادة البشر إليها .
وبالرَّغِم من ظهور الحيوانات البرية في مدينة الأشباح المنكوبة بالإشعاع، إلَّا أنَّ الحليب الذي يُنتَج على حدود منطقة الحظر- بعضها على بعد آلاف الكيلومترات من موقع الانهيار – لا يزال يحتوي على عشرة أضعاف النسبة المقبولة للإشعاع ، حتى بعد وقوع الحدث بثلاثين عامًا.
ولايعني أنَّ تلك الأرض ليست مناسبة للبشر، إنَّها ليست مناسبة لأمور أخرى.
في يوليو الماضي، أعلنت الحكومة الأوكرانية عن خطة لتحويل المنطقة المحيطة بتشيرنوبيل إلى مزرعة ضخمة للطاقة الشمسية، والتي لن تقلل من اعتماد البلاد على الطاقة من روسيا فحسب، ولكن أيضًا ستقوم بخلق صناعةٍ جديدةٍ بينما يجري تثبيت الألواح.
فكما قال وزير البيئة في أوكرانيا؛ (أوستاب): «موقع تشيرنوبيل لديه حقًا إمكانات جيدة للطاقة المتجددة، لدينا بالفعل خطوط نقل كهربائية ذات جهدٍ عالٍ والتي أُستخدمت سابقًا في المحطات النووية، كما أنَّ الأرضَ رخيصةٌ جدًا، ولدينا العديد من النَّاس المدربين على العمل في محطات توليد الكهرباء».
و مع وجود قبة الدرع الضخمة والألواح الشمسية الوفيرة، فإن الأمور قد بدأت أخيرا بالتحسن في تشيرنوبيل.
ترجمة: صقر محمد عبدالرحمن أسعد
تدقيق: هبة أبو ندى.
المصدر