تُعرّف المنافسة الاحتكارية بأنها صناعة تقدم فيها العديد من الشركات منتجات وخدمات متشابهة ولكنها لا تُعد بدائل مثالية لبعضها، وتكون عوائق دخول هذه السوق الاحتكارية أو خروجها شبه منعدمة، وﻻ تؤثر قرارت أي شركة مباشرةً على قرارات المنافسين، وترتبط المنافسة الاحتكارية باستراتيجيات العمل المتمثلة في تمييز العلامات التجارية.
مقتطفات رئيسية
- تكون المنافسة احتكارية عندما يكون لدى صناعة معينة العديد من الشركات التي تعرض منتجات متشابهة ولكنها غير متطابقة.
- على عكس الاحتكار، ﻻ تستطيع شركات المنافسة الاحتكارية الحد من العرض أو رفع الأسعار من أجل زيادة الأرباح.
- تعمل الشركات في المنافسة الاحتكارية جاهدة لتمييز منتجاتها في سبيل الحصول على حصة سوقية كبيرة.
- يُعد الترويج المكثف من سمات الشركات في المنافسة الاحتكارية، وينتقد الاقتصاديون ذلك لأنه إهدار للموارد.
مفهوم المنافسة الاحتكارية
تُعد المنافسة الاحتكارية حالة وسيطة تجمع بين عناصر من الاحتكار ومن المنافسة المثالية (حالة نظرية بحتة)، وتأثير جميع شركات المنافسة الاحتكارية على السوق منخفض نسبيًا فهي معًا صانعة أسعار. وعلى المدى الطويل يكون الطلب مرنًا للغاية ويتأثر بشدة بتغيرات الأسعار، ولكن على المدى القصير يكون الربح الاقتصادي إيجابيًا ويقترب من الصفر على المدى الطويل. ويرجع ذلك إلى ميل شركات المنافسة الاحتكارية إلى الإنفاق المكثف على الترويج والإعلانات.
تمثل المنافسة الاحتكارية شكلًا من أشكال المنافسة التي تميز عددًا من الصناعات المألوفة للمستهلكين في حياتهم اليومية، مثل المطاعم وصالونات الحلاقة والملابس والأجهزة الإلكترونية الاستهلاكية، ولتوضيح أبرز خصائصها سنأخذ مثال منتجات التنظيف المنزلية.
- عدد الشركات
لنفترض أنك انتقلت إلى منزل جديد، وتريد شراء مواد تنظيف، إذهب إلى الرواق المناسب في محل البقالة ، وسترى أن أي منتج (سائل الجلي، صابون اليد، منظف الملابس، مطهر الأسطح، منظف المرحاض، إلخ…) متاح بأصناف عديدة في كل عملية شراء تقوم بها، وستجد خمس إلى ست شركات تتنافس في عملية الشراء تلك.
- تمايز المنتجات
في المنافسة الاحتكارية لا يملك البائعون سوى خيارات قليلة نسبيًا للتمييز بين عروضهم وعروض الشركات الأخرى ﻷن جميع المنتجات تخدم نفس الغرض، فقد يوجد حسومات على منتجات ذات جودة منخفضة، لكنه من الصعب أيضًا على المستهلكين التأكد من أن الخيارات الأعلى سعرًا هي الأفضل على أرض الواقع، فيكون عدم اليقين هذا ناتجًا عن عدم توفر المعلومات الكافية، ولا يعرف معها المستهلك العادي الفروق الدقيقة بين المنتجات المختلفة أو ما هو السعر العادل لأي منها.
وتميل الشركات هنا للتسويق الكثيف لأنها تحتاج إلى التمييز بين منتجاتها ومنتجات الشركات المشابهة. فقد تلجأ إحداها إلى تخفيض سعر منتجاتها، ومثاليًا تعود التضحية بهامش ربح أعلى بتحقيق مبيعات أعلى. وقد تأخذ شركات أخرى الطريق المعاكس وترفع الأسعار وتستخدم عبوات توحي بالجودة والتطور. وتُظهر شركة ثالثة نفسها على أنها أكثر صداقة للبيئة باستخدام صور خضراء تتضمن أختام موافقة من هيئات مراقبة بيئية -قد تكون هناك علامات تجارية أخرى مؤهلة أيضًا لكن لا تعرضها- وقد تكون في الواقع كل العلامات التجارية فعالة بشكل أو بآخر وبنفس القدر.
- اتخاذ القرار
تقتضي المنافسة الاحتكارية وجود الكثير من الشركات في صناعة معينة لدرجة لا يؤدي قرار إحداها إلى ردود أفعال متعاقبة، فليس الأمر كما في احتكار القلة، إذ قد يؤدي تخفيض الأسعار من قبل شركة واحدة إلى اندلاع حرب أسعار.
- قوة التسعير
في المنافسة الاحتكارية تحدد الشركات السعر وﻻ تأخذه من السوق، حالها حال الاحتكار. ومع ذلك، فإن قدرة الشركات الاسمية على تحديد الأسعار تنعكس بفعالية في مرونة الطلب وتأثره بالأسعار، وإن أرادت الشركات رفع أسعارها فعليها أن تمتلك القدرة على تمييز منتجاتها عن منافسيها بزيادة جودتها الحقيقية أو المتوقعة.
- مرونة الطلب
نظرًا لتنوع العروض المتماثلة، يكون الطلب في المنافسة الاحتكارية شديد المرونة، أي أن الطلب يتمتع بالاستجابة لتغيرات الأسعار، فإذا ازدادت فجأة كلفة منظف الأسطح متعدد الأغراض المفضل لديك بنسبة 20% ، فلن تتردد في البحث عن البديل الأرخص، ومن المحتمل ألا ترى فرقًا.
- الربح الاقتصادي
تستطيع الشركات تحقيق أرباح اقتصادية فائضة على المدى القصير، ونظرًا لانخفاض موانع دخول سوق المنافسة الاحتكارية، فإن الشركات الأخرى سيكون لديها الحافز لاختراق السوق ما يزيد من حدة المنافسة حتى يقترب الربح الاقتصادي الإجمالي من الصفر.
لاحظ أن الأرباح الاقتصادية لا تشبه الأرباح المحاسبية، فالشركة التي تسجل في فترة ما صافي دخل إيجابي قد يكون لديها ربح اقتصادي صفري، لأن هذا الأخير قد يتضمن تكاليف الفرصة البديلة.
الترويج في سوق المنافسة الاحتكارية
غالبًا ما يسلط الاقتصاديون المهتمون بالمنافسة الاحتكارية الضوء على التكلفة الإجمالية لهذا النوع من هيكل السوق على المجتمع، إذ تنفق الشركات في المنافسة الاحتكارية مبالغ هائلة من مواردها الحقيقية على الترويج وأشكال التسويق الأخرى. وعندما يوجد فرق حقيقي بين منتجات شركة ما والمنتجات الأخرى قد لا يعلم به المستهلك فهنا يمكن أن تكون المبالغ التي تنفقها الشركات على الترويج ذات جدوى اقتصادية مفيدة، أما إذا كانت المنتجات قريبة من البدائل -وهو أمر رائج في المنافسة الاحتكارية- فإن الموارد الحقيقة التي تُنفق على الترويج قد تمثل نوعًا من سلوك البحث عن الموارد المهدرة، التي بدورها تعتبر خسارة فادحة للمجتمع.
اقرأ أيضًا:
ترجمة: محمد أحمد العفيف
تدقيق: محمد حسان عجك