الجهاز المناعي هو مجموعة معقدة من الأعضاء والخلايا والبروتينات وغيرها من المواد التي تعمل على مكافحة العدوى، تتميز أمراض نقص المناعة الأولية بشذوذ في مكونات محددة من الجهاز المناعي، ما يؤدي إلى زيادة قابلية العدوى.
تعريف المناعة الذاتية في نقص المناعة الأولية:
يشكل الجهاز المناعي الطبيعي بروتينات تدعى الأجسام المضادة، تتعرف على الكائنات الغريبة (البكتيريا والفيروسات) وتمنعها من التسبب بالعدوى، يتمثل أحد الأنواع الشائعة للمناعة الذاتية بتشكيل الجهاز المناعي أجسامًا مضادة ضد الخلايا العادية أو أنسجة الجسم والتي تعرف باسم (الأجسام المضادة الذاتية). أحيانًا لا يمكن للأشخاص الذين يعانون من أمراض نقص المناعة الأولية صنع أجسام مضادة (جيدة) للحماية من العدوى، ولكنهم يصنعون أجسامًا مضادة ذاتية (سيئة) فقط، والتي تسبب أمراض المناعة الذاتية. أحيانًا تكون هذه الأجسام المضادة غير مؤذية ولكنها تشير إلى حدوث مرض مناعي ذاتي. في أمراض المناعة الذاتية الأخرى، قد يتفاعل نظام المناعة الخلوي أيضًا ضد مستضدات الجسم الذاتية.
ومن المفارقات في هذه الحالة أن علاج حالات المناعة الذاتية هو استخدام كابحات المناعة لإيقاف الاستجابة المناعية غير المناسبة التي تسبب المشكلة. من الواضح أن استخدام العلاج المثبط للمناعة لمريض مصاب بالفعل بنقص المناعة يتطلب عملية توازن معقدة لتجنب العدوى غير المرغوب فيها والآثار الجانبية الخطيرة الأخرى.
نقص تعداد خلايا الدم المناعي الذاتي:
إن تطور الأجسام المضادة الذاتية التي ترتبط بخلايا الدم وتدمرها هو أكثر أمراض المناعة الذاتية شيوعًا في أمراض نقص المناعة الأولية. وخلايا الدم المتضررة هي خلايا الدم الحمراء والصفيحات الدموية وخلايا الدم البيضاء.
خلايا الدم الحمراء:
قد تسبب الأجسام المضادة الذاتية ضد كرات الدم الحمراء تدمير هذه الخلايا ويدعى هذا فقر الدم الانحلالي المناعي الذاتي (AIH).
وتشمل الأعراض المرتبطة بهذا المرض التعب والصداع والدوار والإغماء وضعف القدرة على تحمل الجهد. يبدو الشخص في بعض الأحيان شاحبًا. في الحالات الشديدة يتلون الجلد والعينان باللون الأصفر وهذا يُعرف باسم اليرقان. قد يتضخم الطحال عندما يحبس خلايا الدم الحمراء المتضررة. يحاول الجسم تعويض القدرة المنخفضة على حمل الأوكسجين عن طريق زيادة عمل الرئتين والقلب.
الصفيحات الدموية:
عندما تتشكل الأجسام المضادة الذاتية ضد الصفائح الدموية تسبب قلة الصفيحات، يعرف هذا الخلل باسم نقص الصفيحات الأساسية أو مجهولة السبب (ITP). قد يسبب نقص الصفيحات المناعية الأساسية نزيفًا غير طبيعي. يلاحظ المرضى في كثير من الأحيان الكدمات المتزايدة الظهور، أحيانًا في مناطق غير عادية أو دون وجود رضوض معروفة في المنطقة. وقد يصاب بطفح جلدي أحمر دقيق يسببه نزيف صغير يُدعى الحَبرات. وقد يلاحظ رُعاف الأنف وصعب الإيقاف.
قد تنزف اللثة بسهولة. قد يكون للبول لون برتقالي أو وردي أو أحمر. قد يظهر البراز بلون أسود ما يمكن أن يشير إلى نزيف في الجهاز الهضمي. نادرًا يحدث نزيف في الدماغ قد يسبب تغيرًا في الحالة العقلية أو الموت.
خلايا الدم البيضاء:
يوجد عدة أنواع من خلايا الدم البيضاء. العدلات خلايا الدم البيضاء التي لها دور رئيسي في الاستجابة للعدوى. العدد القليل من العدلات يسمى قلة العدلات. يحدث نقص العَدِلات المناعي الذاتي عند إنتاج الأجسام المضادة ضد العَدِلات.
الحمى أهم الأعراض المرتبطة بنقص العدلات المناعي الذاتي، إذ قد تشير إلى عدوى خطيرة. وقد تكون هناك علامات أخرى للعدوى مثل السعال والاقياء والإسهال والطفح الجلدي. قد تتطور العدوى الخطيرة بسرعة عند الأشخاص الذين يعانون من نقص العدلات المناعي الذاتي، وقد تتطلب التقييم في غرفة الطوارئ أو قبولًا في المشفى. وهناك حاجة ماسة للعلاج بالمضادات الحيوية في هذه الحالات. قد يعاني المرضى الذين يعانون من نقص العدلات المناعي الذاتي من قروح في الفم أو المريء أو الأمعاء. وقد تصبح اللثة ايضًا ملتهبة وحمراء.
تشخيص نقص تعداد خلايا الدم المناعي الذاتي: يمكن تشخيص الخلايا ذاتية المناعة عن طريق اختبارات الدم. أحيانًا يجب الحصول على عينة من نقي العظم لتحديد ما إذا كانت هناك مشكلة في إنتاج خلايا الدم.
علاج نقص تعداد خلايا الدم المناعي الذاتي:
الهدف من العلاج هو إزالة الأجسام المضادة الذاتية وترك الجسم يجدد خلايا الدم. وقد استخدمت العديد من العلاجات بما في ذلك الغلوبولين المناعي الوريدي (IVIG)، والستيرويدات، وأدوية العلاج الكيميائي وأدوية مثل مضاد CD20، الذي يستخدم لاستنفاد الخلايا البائية تحديدًا التي تنتج الأجسام المضادة.
أمراض الرئة المناعية الذاتية:
في معظم حالات أمراض الرئة، لا تكون المناعة الذاتية بسبب تكوين الأجسام المضادة، ولكنها بسبب التراكم غير الطبيعي لخلايا الدم البيضاء في أنسجة الرئة، ما يسبب الالتهابات والأضرار. أحيانًا تتراكم خلايا الدم البيضاء في جزء معين من الرئة يعرف باسم النسيج الخلالي. وهذا يدعى مرض الرئة الخلالي ويتداخل مع القدرة على امتصاص الأوكسجين إلى مجرى الدم.
بعض المرضى الذين يعانون من أنواع معينة من أمراض نقص المناعة الأولية يطورون تجمعات من الخلايا المناعية تسمى الأورام الحبيبية في الرئة.
الأعراض:
في معظم الحالات، تتطور أعراض مرض الرئة الخلالي ببطء مع مرور الوقت. المرضى الذين يعانون من (CGD) عادة يكون لديهم بداية أكثر حدة لأن لديهم عدوى مستمرة تسبب التهاب الرئة. قد يلاحظ المرضى انخفاضًا في قدرتهم على تحمل الأنشطة اليومية. فقد يضطرون الى التوقف عن ممارسة التمارين الرياضية مثل ركوب الدراجات أو الركض. وغالبًا تعزى هذه التغيرات إلى أسباب أخرى، والتي قد تؤخر تشخيص المرض الرئوي نفسه. يشكو المرضى في كثير من الأحيان من السعال، والذي يكون عادة غير منتج. قد نلاحظ تضخم واستدارة أظافر القدمين واليدين والذي يُدعى التبقرط. وقد يصبح لون الجلد أو الأغشية المخاطية مائلًا للأزرق وهذا يُعرف باسم الزُراق. الحمى ليست من الموجودات النموذجية، ما لم تكن العدوى موجودة أيضًا. في اختبار الرئة، قد يسمع الفاحص أصوات تنفس غير طبيعية مثل الخراخر، أو الأزيز أو انخفاضًا في كمية الهواء الداخل والخارج من الرئة مع التنفس.
تشخيص المضاعفات الرئوية:
الاختبارات الشعاعية قد تكون مفيدة في تحديد مشاكل الرئة. الأشعة السينية للصدر مفيدة لتشخيص العدوى (الالتهاب الرئوي). ولكن، قد تكون الأشعة السينية للصدر طبيعية أحيانًا، حتى عندما لا يزال هناك مرض رئوي ملحوظ.
الأعراض:
قد تشير اختبارات التنفس، التي تسمى اختبارات وظائف الرئة (PFTs)، إلى درجة ضعف الرئة. يمكن العثور على بعض التغييرات في اختبارات وظائف الرئة في أمراض الرئة الخلالية وأنواع أخرى من أمراض الرئة. ومع ذلك، يجب أن يفقد المرضى في كثير من الأحيان كمية كبيرة من وظائف الرئة لإظهار الأعراض التي تتطلب طلبًا فوريًا من PFTs.
في بعض الحالات، هناك حاجة إلى خزعة الرئة لإجراء التشخيص الصحيح وتحديد مسار العلاج الصحيح.
العلاج:
يُحال المرضى المصابون بالأورام الخبيثة إلى طبيب أورام (طبيب سرطان) لمواصلة الرعاية. يُعالج المرضى المصابين بالعدوى بالمضادات الحيوية. عادة تعالج التغيرات الالتهابية في الرئة بالأدوية المثبطة للمناعة التي تثبط أو تعدل استجابة الجهاز المناعي. الدواء الأكثر شيوعًا هو الكورتيكوستيرويدات (مثل البريدنيزون)، والتي تعطى عن طريق الاستنشاق أو عن طريق الفم أو عن طريق الوريد، وقد تكون الستيرويدات فعّالة، ولكنها لا تؤدي أحيانًا إلى تحسن طويل الأجل. يرتبط الاستخدام المديد للستيرويد عن طريق الفم أو الوريد بآثار جانبية كبيرة مثل ارتفاع ضغط الدم، وارتفاع السكر في الدم، وهشاشة العظام (ضعف العظام)، وارتفاع الشحوم (ارتفاع الكولسترول)، وإجهاد الكلى والعينين. الأدوية الأخرى المثبطة للمناعة مثل السيكلوسبورين والسيروليمس تكون مفيدة أحيانًا. تستجيب بعض أنواع أمراض الرئة لنوع واحد من الأدوية المثبطة للمناعة دون الأنواع الأخرى. قد تحسن الغلوبيولينات المناعية الوريدية أحيانًا التهاب الرئتين إضافة إلى الأدوية الأخرى.
بدون علاج، قد تتطور أمراض الرئة الخلالية وتسبب تلفًا دائمًا في الرئة. التليف هو النتيجة النهائية للالتهاب المزمن غير المعالج، لا يمكن عكس مسارها. ومن المهم جدًّا أن يكون لدى الطبيب التشخيص الصحيح للمرض الرئوي أو أن تكون لديه الخبرة في علاج هذا الاضطراب بالتحديد من أجل ضمان أفضل النتائج.
مرض الجلد المناعي الذاتي:
أحيانًا، يكون المرض الجلدي أحد الأعراض المبكرة لمرض نقص المناعة الأولي وقد يحتاج إلى المزيد من التقييم السريري أو المخبري لإثبات نقص المناعة.
إضافة إلى اضطرابات الجلد ذات الطبيعة ذاتية المناعة أو الالتهابية، يمكن ملاحظة مظاهر جلدية أخرى غير طبيعية، مثل الشعر الجاف أو الخشن، والخلل في بنية الأسنان والأظافر، وغياب الغدد العرقية، في بعض أمراض نقص المناعة الأولية ولكنها ليست بسبب المناعة الذاتية، وهذه لن نتناولها بالتفصيل هنا.
الإكزيما:
الإكزيما، المعروف أيضًا باسم التهاب الجلد التأتبي، هو عمومًا مرض جلدي خفيف وهو أكثر الأمراض الجلدية شيوعًا في أمراض نقص المناعة الأولية. وعادة يشار إليها باسم (الحكة التي تسبب طفح)، تبدأ الإكزيما عادة على هيئة بقع من الجلد الجاف المثير للحكة والذي يسوء ويتحول إلى طفح جلدي عند خدشه. من الشائع للمرضى الذين يعانون من أمراض نقص المناعة الأولية الذين لديهم مظاهر مناعة ذاتية أخرى أن يعانوا من الإكزيما أيضًا. ومع ذلك، ترتبط بعض أمراض نقص المناعة الأولية بالإكزيما الأكثر حدة. وتشمل هذه متلازمة واس-WAS ومتلازمة فرط الغلوبولين المناعي ومتلازمة إيبيكس وأشكالًا معينة من نقص المناعة الشديد المشترك. في هذه الاضطرابات، قد تكون الإكزيما مقاومة تمامًا للعلاجات النموذجية.
الصدفية:
الصدفية نوع آخر من أمراض الجلد المناعية الذاتية الأكثر حدة من الإكزيما. لويحات الصدفية عادة ما تكون حمراء، ومرتفعة، ومؤلمة وتُسبب الحكة. وتتميز بوجود قشور فضية على سطح اللوحات التي غالبًا تنزف عند إزالتها. تشمل الأماكن الأشيع لتوزع اللويحات فروة الرأس والمرفقين والركبتين. ويحدث هذا المرض بصورة متكررة عند المرضى الذين يعانون من العوز المناعي ولكن يمكن ملاحظته أيضًا في إيبيكس وأحيانًا في أمراض نقص المناعة الأولية الأخرى.
تصبغ الشعر والجلد:
أمراض نقص المناعة الأولية المتعددة قد تؤثر في الشعر وصباغ الجلد. بعض المرضى يصابون بالثعلبة، أو بقع من الصلع نتيجة الأجسام المضادة الذاتية ضد الخلايا المنتجة للشعر. تشير الثعلبة إلى المناطق الدائرية لسقوط الشعر. كما يصاب بعض المرضى بالبهاق، أو فقدان الصبغة في الجلد. وتظهر المنطقة المصابة من الجلد باللون الأبيض. وسيحدد تباين الجلد المحيط مدى وضوح التغيير. غالبًا تتغير المناطق المتضررة إلى حد ما مع مرور الوقت.
تشخيص أمراض الجلد:
في معظم الأحيان، يمكن لمقدم الرعاية الصحية الحكيم تشخيص الاضطرابات الجلدية عن طريق الفحص السريري فقط. لكن إذا كان الطفح غير عادي، هناك حاجة أحيانًا إلى خزعة من الجلد لتحديد نوع الطفح.
العلاج:
مع أن اضطرابات المناعة الذاتية والالتهابات في الجلد لا تهدد الحياة عادة، إلا أنها قد تؤدي إلى عواقب نفسية كبيرة، وفي حالات نادرة قد تؤدي إلى تشوه دائم. لأن الجلد يؤدي دورًا هامًا بوصفه حاجز البكتيريا والكائنات الحية الأخرى من البيئة، والطفح الجلدي الشديد مثل الأكزيما قد يكون بمثابة نقطة دخول للبكتريا من الجلد إلى مجرى الدم.
يبدأ علاج معظم الحالات عادة مع التطبيق الموضعي لمستحضرات ترطيب ومراهم الستيرويد مباشرة على الطفح الجلدي. إذا لم يكن هذا كافيًا للسيطرة على الأعراض، يمكن استخدام المراهم التي تحتوي على الستيرويدات الأكثر قوة أو الأدوية الأخرى المثبطة للمناعة. في حالات نادرة، قد تكون هناك حاجة لأدوية كابتة للمناعة عن طريق الفم أو الوريد لعلاج الأمراض الشديدة.
أمراض الجهاز الهضمي ذاتية المناعة:
أمراض الجهاز الهضمي الذاتية المناعة شائعة بين المرضى الذين يعانون من أمراض نقص المناعة الأولية، ومن المرجح أن ذلك يرجع إلى حقيقة أن الأمعاء تحتوي باستمرار البكتيريا والمنتجات البكتيرية والمواد الغذائية، والتي لديها جميعًا القدرة على التسبب في تهيج البطانة المعوية (الغشاء المخاطي). ونتيجة لذلك، يؤدي الجهاز المناعي دورًا مهمًا في الحفاظ على وظيفة الحاجز للأمعاء وحماية الجسم من غزو البكتيريا الموجودة في الأمعاء.
تغيرات مخاطية:
أمراض المناعة الذاتية أو الالتهابات في الجهاز الهضمي قد تصيب الأغشية المخاطية التي تبطن الفم والمريء والمعدة والأمعاء. وقد يسبب ذلك مجموعة متنوعة من الأعراض بما في ذلك: اللسان الجغرافي -مظهر اللسان غير الطبيعي الذي يعتبر خطأ عدوى الخميرة الفموية (مرض القلاع) – والتهاب اللثة، والقرحة أو القرحة الفموية وألم البطن والإسهال المائي أو الدموي والحاجة الملحة إلى التبرز بعد تناول الطعام وفقدان الوزن على الرغم من اتباع نظام غذائي معقول.
التهاب الكبد:
قد يسبب مرض المناعة الذاتية أو الالتهابية في الكبد، والذي قد يحدث في أمراض نقص المناعة الأولية، أضرارًا مؤقتة أو دائمة قد تعطل واحدة أو أكثر من وظائف الكبد المهمة. وقد يؤدي ذلك إلى تراكم السوائل في البطن (الحبن)، وارتفاع البيليروبين في الدم ما يؤدي إلى اليرقان، واضطرابات تخثر الدم، وما إلى ذلك.
تشخيص أمراض الجهاز الهضمي:
غالبًا يتطلب تشخيص اضطرابات الجهاز الهضمي في أمراض نقص المناعة الأولية مزيجًا من الأساليب التي تشمل الفحص السريري، والفحوصات المخبرية للدم والبراز، واختبارات الأشعة، والتنظير عن طريق الخزعات من الغشاء المخاطي المعوي. وتشمل نتائج الفحص السريري الشائعة على قرحات فموية أو شرجية، والمضض البطني، وسوائل في البطن (الحبن)، وتوسع أو ألم في الكبد، وتشققات أو شقوق حول فتحة الشرج، وما إلى ذلك.
تشمل الاختبارات المختبرية التي غالبًا ما ينصح بها في الدم تعداد الدم الكامل لتحديد ما إذا كان المريض قد يفقد الدم في الأمعاء الملتهبة، ومقاييس الالتهاب بما في ذلك البروتين الارتكاسي وسرعة التثفل (ESR)، ومستويات الألبومين وما قبل الألبومين مقياسًا أوليًا للحالة الغذائية، ومستويات إنزيمات الكبد والبيليروبين مقياسًا لإصابة الكبد. لاستبعاد احتمال عدوى الأمعاء، يمكن غالبًا جمع البراز وزرعه لتحديد نوع البكتيريا أو الفيروسات. كما يمكن تلوين عينات البراز وتقييمها تحت المجهر بحثًا عن وجود بكتيريا محددة أو كائنات طفيلية.
الاختبارات الشعاعية التي قد تكون مفيدة تشمل الأشعة السينية في البطن، والموجات فوق الصوتية في البطن والكبد، والتصوير المقطعي المحوسب للبطن بعد ابتلاع مادة التباين. أحيانًا، تكون الطريقة الوحيدة للتشخيص النهائي لالتهاب الأمعاء أو الكبد هي الحصول على جزء من الأنسجة التي قد يقيمها أخصائي التشريح المرضي تحت المجهر.
العلاج:
تستخدم الأدوية المثبطة للمناعة لعلاج اضطرابات المناعة الذاتية أو التهابات الأمعاء في معظم المرضى الذين يعانون من أمراض نقص المناعة الأولية. هذه العملية فردية جدًا تتطلب خطط علاج مرنة لتحقيق التوازن بين شدة آلية المناعة الذاتية ومخاطرها مع شدة نقص المناعة ومخاطرها والعلاج المثبط للمناعة.
مرض الكلى المناعي الذاتي:
تتكون الكلية من عدد كبير من وحدات الترشيح الصغيرة. كل وحدة تسمى الكبيبة. ويسمى أكثر أشكال أمراض الكلى المناعية الذاتية شيوعًا في أمراض نقص المناعة الأولية بالتهاب الكبيبات.
الأعراض:
في كثير من الحالات، فإن العلامة الأولى لأمراض الكلى ذاتية المناعة هي ارتفاع ضغط الدم. وغالبًا يرافق ذلك ظهور الدم أو البروتين في البول. في حالة التهاب الكبيبات والكلية النشط، قد لا يبدو الدم في البول ورديًا، ولكن بدلًا من ذلك من المرجح أن يظهر لون البول أقرب إلى الشاي أو الكولا. يمكن الكشف عن الدم والبروتين بسهولة في البول باستخدام شرائط الاختبار المتاحة. إذا كان هناك فقدان كبير للبروتين في البول، فإنه قد يؤدي إلى احتباس السوائل وتورم (وذمة) في الساقين والقدمين.
تشخيص مضاعفات الكلى:
عندما يُشتبه في مرض الكلى، فإن اختبارات الدم الشائعة مفيدة لتحديد مدى الخلل الوظيفي الذي قد يحدث في الكلى. وعادة يكون تقييم البول للكشف عن وجود الدم والبروتين والخلايا الالتهابية والشوارد مفيدًا للغاية. في كثير من الحالات، هناك حاجة إلى خزعة الكلى لإجراء التشخيص الصحيح وتحديد الخطة العلاجية الصحيحة.
العلاج:
غالبا يُحال المرضى الذين يعانون من أمراض الكلى ذاتية المناعة إلى طبيب الكلى لتقييم مشاكل الكلى وإدارتها. توصف أدوية ضغط الدم عادة للتحكم في ارتفاع ضغط الدم، وتستخدم مثبطات المناعة للسيطرة على عملية المناعة الذاتية.
أمراض الغدد الصماء المناعية الذاتية:
تفرز الغدد الصماء هرمونات مهمة تؤدي دورًا أساسيًّا في الحفاظ على وظائف الجسم الأساسية. وبالتالي قد تسبب المناعة الذاتية الموجهة ضد أعضاء الغدد الصماء مشاكل صحية كبيرة.
التهاب الغدة الدرقية:
قد تسبب الأجسام المضادة الذاتية الموجهة ضد الغدة الدرقية قصور الغدة الدرقية أو فرط نشاط الغدة الدرقية. مرض الغدة الدرقية ذاتية المناعة هو أكثر أمراض المناعة الذاتية شيوعًا بين عامة السكان.
يمكن تشخيص أمراض المناعة الذاتية للغدة الدرقية عن طريق سلسلة من اختبارات الدم. يُعالج قصور الدرقية عن طريق تناول مكملات من هرمون الغدة الدرقية. يُعالج فرط نشاط الغدة الدرقية غالبًا عن طريق تقليل قدرة الغدة الدرقية على إنتاج هرمون الغدة الدرقية. وقد يتطلب ذلك استئصال جزء من الغدة الدرقية أو الإشعاع أو أدوية أخرى. ويحدث ذلك دائمًا تحت إشراف اختصاصي الغدد الصماء.
الداء السكري:
ينتج الداء السكري (ارتفاع غير طبيعي في مستويات السكر في الدم) عن عدم القدرة على إنتاج ما يكفي من الأنسولين (السكري من النوع الأول) أو لأن خلايا الجسم تصبح مقاومة لآثار الأنسولين (السكري من النوع الثاني). النوع الأول من داء السكري (T1D) هو الشكل الناجم عن هجوم مناعي ذاتي على خلايا الجزر البنكرياسية التي تنتج الأنسولين.
بمجرد تدمير الخلايا الجزيرية، فإنها لا تتعافى. عندما ينخفض عدد خلايا الجزر المنتجة للأنسولين أقل من عتبة معينة، يصاب المرضى بمرض السكري. النوع الأول شائع جدًا في بعض أمراض نقص المناعة الأولية، مثل متلازمة إيبيكس حيث يحدث لنحو 70 % من المرضى. كما أن معدل الإصابة أعلى في أمراض نقص المناعة الأولية الأخرى، بما في ذلك العوز المناعي، ومتلازمة اعتلال الغدد الصم المناعي وغيرها.
يمكن تشخيص النوع الأول عن طريق فحص وجود الجلوكوز (السكر) في البول وعن طريق قياس مستويات الجلوكوز في الدم. إذا كانت هذه لا تنخفض كما هو متوقع بعد تناول الطعام أو إذا كانت مرتفعة حتى عندما يكون المريض صائمًا، قد يكون تطور مرض السكري. قد يساعد تحديد الأجسام المضادة الذاتية الموجهة نحو البروتينات في البنكرياس (الأجسام المضادة للخلايا الجزيرية) في إثبات أن العملية مناعية ذاتية.
علاج النوع الأول عادة يشمل السيطرة على مستويات الأنسولين عن طريق الحقن أو عن طريق مضخة الأنسولين.
تشخيص مضاعفات الغدد الصماء:
يمكن تشخيص مضاعفات الغدد الصماء بتحديد مستويات غير طبيعية من هرمونات معينة في الدم أو في قياس مستويات الشوارد أو الجلوكوز غير الطبيعية في الدم. تحديد أجسام مضادة ذاتية معينة في الدم يساعد في التأكد من أن هذه العملية ذات طبيعة مناعية ذاتية.
العلاج:
يتضمن العلاج إعطاء هرمون بديل لمحاولة تحقيق مستويات طبيعية. في حالة الغدة الدرقية، قد تتسبب المناعة الذاتية أيضًا في زيادة الوظيفة، ما يتطلب إزالة أو تدمير جزء على الأقل من الغدة لتصحيح المشكلة.
مرض المناعة الذاتية العضلي الهيكلي:
التهاب المفاصل هو مرض شائع عند عامة الناس. قد يحدث التهاب المفاصل نتيجة التآكل والتمزق على المفاصل (الفصال العظمي) أو نتيجة هجوم مناعي ذاتي (كما هو الحال في التهاب المفاصل الروماتويدي).
الأعراض:
تشمل العلامات والأعراض النموذجية لالتهاب المفاصل الألم وتصلب المفاصل، تورم المفاصل، وأحيانًا الحرارة أو الاحمرار على المفاصل التي تعاني الالتهاب المفصلي. غالبًا يكون التيبس أسوأ بعد عدم تحريك المفصل، كما هو الحال في الصباح بعد النوم أو بعد الراحة، وغالبًا يتحسن إلى حد ما مع النشاط. عندما يكون التهاب المفاصل فعالًا، قد يعاني المرضى أيضًا من الحمى، والشعور بالتعب، وفقدان الشهية.
تشخيص مضاعفات أمراض العضلات والعظام
إن الفحص السريري الذي يجريه طبيب ذو خبرة مفيد جدًّا في تشخيص التهاب المفاصل. وغالبًا يُحال المرضى إلى أخصائي التهاب المفاصل (أخصائي الروماتيزم) للتقييم.
اختبارات الدم تساعد على تحديد إذا كان هناك التهاب مستمر. قد يكون قياس أجسام مضادة ذاتية معينة في الدم مفيدًا أيضًا لإجراء التشخيص. الاختبارات الشعاعية بما في ذلك الأشعة السينية والتصوير المقطعي المحوسب والتصوير بالرنين المغناطيسي للمفاصل الملتهبة قد تكون مفيدة في تحديد إذا كان هناك التهاب مستمر وإذا كان للمفصل علامات ضرر من التهاب المفاصل. أحيانًا، قد يكون الحصول على عينة من السائل من داخل المفصل للاختبار مفيدًا للغاية في إجراء تشخيص دقيق واستبعاد العدوى في المفصل. وعادة يحدث ذلك عن طريق سحب السائل من المفصل بإبرة وحقنة.
العلاج:
علاج التهاب المفاصل عادة يتطلب استخدام مثبطات المناعة. الستيرويدات مثل بريدنيزون من العلاجات الأكثر استخدامًا. قد تعطى عن طريق الفم، أو الحقن في الدم عن طريق الوريد أو الحقن مباشرة في المفاصل الملتهبة. بما أن إعطاء الأدوية المثبطة للمناعة لمريض يعاني من أمراض نقص المناعة الأولية قد يؤدي إلى تثبيط جهازه المناعي بشكل أكبر، ما يجعله أكثر عرضة لأنواع معينة من الأخماج، فإن هذه العلاجات غالبًا تحتاج إلى التنسيق بين اختصاصَي المناعة وطبيب الروماتيزم.
توقعات:
أمراض المناعة الذاتية أو الالتهابات شائعة بين المرضى الذين يعانون من أمراض نقص المناعة الأولية. إن التعرف المبكر على هذه الأعراض وعلاجها أمر بالغ الأهمية لتحسين نوعية الحياة وتقليل المضاعفات المرتبطة بأمراض نقص المناعة الأولية. ويتطلب ذلك أن يكون المرضى ومقدمو الرعاية لهم على دراية بالعلامات والأعراض التي قد توحي بوجود مرض مناعي ذاتي ويجب الشروع في الاختبارات التشخيصية والعلاج المناسب في الوقت المناسب. يتطلب الحفاظ على التوازن بين مثبط المناعة المستخدم للسيطرة على عملية المناعة الذاتية مع تجنب مضاعفة عيوب نقص المناعة الأساسي التعاون الوثيق بين المريض ومختلف المتخصصين المشاركين في رعايته. قد يتطلب العلاج تعديلات متكررة للجرعة أو تغييرات في النهج العام للوصول إلى التوازن المطلوب.
اقرأ أيضًا:
هل يمكن أن يكون كوفيد-19 من أمراض المناعة الذاتية؟ أدلة جديدة تشير لذلك!
فقر الدم الانحلالي بالمناعة الذاتية: الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج
ترجمة: هبة علي
تدقيق: نور عباس
مراجعة: مازن النفوري