جلدك مغطى بمسببات الأمراض القاتلة ، إليك ما يجب عليك معرفته عنها
(المكورات العنقودية البشروية – Staphylococcus epidermidis)، أحد أنواع البكتيريا، وتتواجد على جلد الإنسان، جميعنا حظينا بها على بشرتنا وهي لا تشكّل تهديدًا لنا بشكلٍ مباشر . ولأنّها من أكثر الأنواع شيوعًا، لم يعِر الأطباء اهتمامًا للجانب المظلم منها، ولكنّ الأبحاث تشير إلى أنّه يتعيّن علينا جديًا أن نوليها الكثير من الاهتمام، إذ قد تكون مميتةً في حال مقاومتها لمعظم المضادات الحيويّة . اكتشف باحثون من (مركز ميلنر للتطور – the Milner Centre for Evolution) في جامعة باث، أكثر من 60 جينًا قادر على تحويل هذا الميكروب إلى ميكروبٍ أشدّ خطورةً. (سام شيبارد – Sam Sheppard) الباحث الرئيسيّ في هذه الدراسة يقول: «إنّ المكورات العنقودية البشروية بكتيريا مُسبِّبة ل الأمراض ، قاتلة، يجدر بنا تسليط الضوء عليها».
يعرف معظم الناس بكتيريا (المكورات العنقودية الذهبية – Staphylococcus aureus)، ويشار إليها عادةً باسم العنقودية الذهبية. تعيش العنقوديّات الذهبية أيضًا على أجسادنا دون أن تُتسبِّب مشاكل صحيّةً، لكنها إن تسبَّبت بحدوث التهاباتٍ فإنّها قد تصبح مُميتةً لثلث المرضى خلال العام الواحد. تُعتبَر المضادات الحيويّة أفضل العلاجات المُستخدمة في هذه الظروف، ولكنّ بعض السلالات من المكورات العنقودية الذهبية طَوَّرَت طُرقًا مقاومةً لمجموعةٍ متعددة من العلاجات، وبذلك أصبحت بكتيريا ضارةً تُسبِّب المرض وتُعرَف باسم “superbugs”.
بكتيريا “Staphylococcus aureus” المُقاومة لـِ(الميثيسيلين Methicillin) والتي تُعرَف بـِ(MRSA)، تحظى باهتمامٍ أكبر في هذه الأيام، وهناك بعض السلالات الأقل شيوعًا، ولكنّها قد تكون خطرةً جدًا ومُهدِدَة لحياة الإنسان إذا ما تسبَّبت بالاتهابات مثل بعض أنواع (الكلبسيلة الرئويّة – Klebsiella pneumoniae). لا تُصنَّف العنقودية البشروية بكونها مُسبِّبةً للأمراض، خطرةً كما ذُكر سابقًا، وفي هذه النقطة قال شيبارد: «تم دائمًا تجاهلها سريريًا لأنّه يُفتَرض في كثيرٍ من الأحيان أنّها نتجت من تلوّث عيّنات المختبر، أو تمّ تقبّل وجودها واعتبارها أحد المضاعفات المتوقّعة بعد العمليّة الجراحية».
قد تكون فعلًا عدوى متوقعة بعد العمليّة الجراحية، ولكن مع ما لوحِظ عن الميكروبات الشائعة التي تمتلك القدرة على أن تصبح أكثر خطورةً، فبإمكانها أن تُحدِث فرقًا كبيرًا عند بعض المرضى فعلًا. وأضاف شيبارد: «إذا استطعنا تحديد الأفراد الأكثر عرضةً للإصابة بالعدوى، يمكننا زيادة الاحتياطات الخاصة بالتعقيم قبل خضوعهم للعمليّة الجراحية».
ومن الجدير بالذكر أنّ الخطر لا يتعلّق فقط بوجود العنقودية البشروية بحد ذاتها، بل إنّ وجود أعداد هائلة من البكتيريا في مكان واحد يسهّل لها الطريق في اكتساب صفاتٍ جديدة نتيجةً لانتقال جيناتٍ جديدة لها. وفي حال اكتسبت الجينات التي تحمل صفة القدرة على مقاومة المضادات الحيوية فعلًا، سينتج عنها مشاكل كثيرةً، إذ لا تُعتبَر القضية بالسهلة لتُعالَج في المستشفيات.
وفي هذا الصدد قال شيبارد: «إذا لم نفعل شيئًا للتحكّم في هذا الأمر، فإن خطورةً تكمن في انتشار هذه الجينات المُسببة للأمراض على نطاقٍ أوسع، ما يعني أنّ عدوى بعد الجراحة، والتي تقاوم المضادات الحيويّة، قد تصبح أكثر شيوعًا». وفي هذه الدراسة، حلّل الباحثون أكثر من 400 عينةٍ من المكورات العنقودية البشريّة مأخوذةً من متطوعين أصحاء ومرضى بعد العمليّة الجراحية، قُرِأَت فيها الجينات وحُدِّدَت وظيفتها .
حُدِّدَ في النتيجة النهائيّة عنصر جينيّ يُلقى عليه اسم “k-mers”، يمكنه المساعدة في حدوث العدوى. وعلى كلّ حال، فقد يتسبَّب وجود أيّ من الـ61 جينًا المُحتوية على “k-mers” بعدوى واحدة كافية لاحداث مشاكل كبيرة. قد تكون عادةً الصفات المُكتسَبة على سبيل المثال، زيادة قوّة التصاق الغشاء الخارجيّ للخليّة لتعزيز تأثير المركّبات السامة، أو إكسابها القدرة على مقاومة بعض المضادات، مثل الميثيسيلين.
قد تساعد معرفة المزيد عن خصائص هذه الجينات علماء الأمراض على تحديد وتشخيص العدوى بشكلٍ أفضل، كما تساعد الأطباء على تحديد العلاج المناسب في حال حدثت العدوى. في الوقت الحالي، يجب القيام بالمزيد من العمل لتحديد ما يمكن اعتباره سلالةً خطيرةً من العيّنات المخبريّة الملوثة.
(ديتريش ماك – Dietrich Mack) باحث من معهد (بيوسينتيا – Bioscientia) للتشخيص الطبيّ في ألمانيا، يؤكّد المشاكل التي قد تنتج إذا تمّ التغاضي عن الأمر وعدم أخذه بشكلٍ أكثر جديّة.
يقول ماك: «يصعب تشخيص هذه الإصابات، وهناك أمل في إمكانيّة مساعدة الجينات المرتبطة ب الأمراض على فصل السلالات غير المُسبِّبة ل لأمراض عن السلالات المسبِّبة للأمراض في المختبر السريريّ». «يحتاج هذا إلى القيام بالكثير من الدراسات في المستقبل».
نُشِرَ هذا البحث في “Nature Communications”.
اقرأ أيضًا:
ماذا يحدث في الجلد عند إصابتك بالأكزيما؟ العلماء وجدوا الحلّ أخيرًا
لقد اكتشف العلماء كيفية توظيف وإعادة برمجة خلايا الجلد لمكافحة السرطان
هل يمكن حماية أصحاب الشعر الأحمر من سرطان الجلد؟
أكثر المشاكل التي تصيب الجلد شيوعًا
تدقيق: آية فحماوي
ترجمة: أريج المالطي