دهست المركبة كريوستي، بالخطأ، صخرة قد تبدو عادية بسبب قشرتها الخارجية، لكنها كشفت بداخلها مفاجأة غير متوقعة.
في أثناء تنقل المركبة كريوستي على سطح المريخ، بوزنها البالغ 899 كيلوجرامًا، مرت فوق صخرة ما أدى إلى تكسرها وكشف بلورات صفراء من عنصر الكبريت بداخلها.
رغم انتشار مركّبات الكبريتات على سطح المريخ، للمرة الأولى يُعثر على الكبريت في صورته النقية على الكوكب الأحمر.
قناة جيديز فاليس، المنطقة التي عثرت فيها المركبة كريوستي على الصخرة، تنتشر فيها صخور شبيهة بتلك الصخرة التي تحطمت بالصدفة، ما يشير إلى أن الكبريت النقي ربما ينتشر بكثرة في بعض المناطق هناك.
قال أشوين فاسافادا، العالم المسؤول عن مشروع كريوستي في مختبر الدفع النفاث التابع لناسا: «العثور على منطقة مليئة بصخور الكبريت النقي يشبه العثور على واحة في قلب الصحراء».
«لم يكن من المفترض لتلك الصخور أن توجد، الآن يجب علينا إيجاد تفسير لذلك. إن العثور على أشياء غريبة وغير متوقعة هو ما يجعل استكشاف الكواكب أمرًا مثيرًا».
الكبريتات هي أملاح تتكون عندما يختلط مركب الكبريت مع بعض المعادن الأخرى في المياه. عندما تتبخر المياه، تمتزج المعادن معًا وتترسب، مخلفةً الكبريتات.
توفر معادن الكبريت معلومات مهمة عن كوكب المريخ، مثل تاريخه المائي، وتأثره بعوامل التعرية، والظروف البيئية التي مر بها بمرور الزمن. لا يتشكل الكبريت النقي إلا في ظل ظروف محددة ونادرة، ولم يُعرف بعد هل تحققت تلك الظروف في المنطقة التي أُجري فيها الاكتشاف؟
لنكن منصفين، ما زال الكثير مما لا نعرفه عن التاريخ الجيولوجي لكوكب المريخ، لكن العثور على كميات كبيرة من الكبريت النقي على سطحه يشير إلى وجود عامل جيولوجي مهم غير معروف بعد.
جدير بالذكر أن الكبريت عنصر أساسي لجميع أشكال الحياة، إذ تمتصه الكائنات الحية عادةً في صورة كبريتات، وهو يدخل في تركيب اثنين من الأحماض الأمينية الضرورية التي تستخدمها الكائنات الحية لصنع البروتينات.
رغم معرفتنا بوجود الكبريتات على المريخ منذ فترة، فإن هذا الاكتشاف لا يُعد دليلًا على إمكانية وجود حياة على الكوكب الأحمر. حتى الآن، لم يُعثر على أي دليل يشير إلى وجود حياة هناك.
نواصل اكتشاف أشياء على سطح المريخ قد تكون ذات أهمية للحياة، مثل مركبات كيميائية، ومياه، وظروف بيئية ماضية قد تكون ملائمة لوجود الحياة.
بفضل أدواتها المتقدمة، تستطيع المركبة كريوستي تحليل الصخور الكبريتية والتعرف عليها في قناة جيديز فاليس، ما يغني العلماء عن الحاجة إلى الذهاب إلى المريخ لاستكشاف هذه الصخور وتحليلها. من المثير للاهتمام أنه لو لم تسلك المركبة كريوستي المسار الذي أدى إلى مرورها فوق تلك الصخرة وتحطيمها، لربما استغرق الأمر وقتًا أطول حتى نكتشف الكبريت النقي.
الخطوة التالية ستكون معرفة كيفية وصول الكبريت إلى هذه القناة تحديدًا، استنادًا إلى ما نعرفه عن جيولوجيا المريخ. سيتطلب ذلك المزيد من البحث، وربما استخدام نماذج حاسوبية لدراسة التطور الجيولوجي للمريخ.
في هذه الأثناء، ستواصل المركبة كريوستي جمع المزيد من البيانات عن الأمر.
قناة جيديز فاليس منطقة غنية بالمعلومات عن تاريخ المريخ، فهي ممر مائي قديم لا تزال صخوره تحتفظ بآثار النهر الذي كان يجري فوقها منذ ملايين السنين.
حفرت المركبة كريوستي ثقبًا في إحدى هذه الصخور، وأخذت عينة غبار من داخلها لتحليلها كيميائيًا. ما زالت المركبة تواصل تقدمها عبر القناة، بحثًا عن مفاجآت أخرى قد تكون مختبئة خلف مزيد من الصخور.
اقرأ أيضًا:
الانقسام المريخي الثنائي: حل أهم ألغاز الكوكب الأحمر
لغز المريخ القديم: مياه حارّة جدًا تركت بصمتها عبر الزمن!
ترجمة: محمد إسماعيل
تدقيق: يامن صالح