عند حواف مجموعتنا الشمسية، تنشب معركة عنيفة بين الرياح الشمسية والأشعة الكونية، وقد رصدت المركبة فويجر 2 (Voyager 2) التابعة لناسا ذلك بينما تعبر حدود المجموعة الشمسية.
ليست الرياح الشمسية Solar wind صديقةً لنا دائمًا.
تقذف الشمس دوريًّا طوفانًا من الحرارة والجسيمات المشحونة كهربيًّا، تنتشر في مجموعتنا الشمسية في صورة أشعة قادرة على تدمير الأقمار الاصطناعية المعرضة لها، وتجعل الحياة مستحيلةً على الكواكب غير المحمية بغلاف جوي، تهب الرياح الشمسية -مجازيًّا وحرفيًّا- في عاصفة، لكن تبين المشاهدات الحديثة من حواف النظام الشمسي إنها تحمي مجموعتنا الشمسية من قوة أكثر تدميرًا، قادمة من الفضاء الخارجي.
تخلق حركة الرياح الشمسية لملايين الكيلومترات في جميع الاتجاهات عبر مجوعتنا الشمسية درعًا طاقيًّا يشبه الفقاعة حول نظامنا الشمسي، وعلى حواف هذه الفقاعة، تصطدم الرياح الشمسية بالأشعة الكونية cosmic rays التي تعبر الفضاء بين النجمي، ما يكوّن جدارًا سميكًا من البلازما يُدعى الغلاف الشمسي heliopause، يبعد هذا الحاجز عن الشمس 120 مثل المسافة بين الشمس والأرض، وهو يساعد على تشتيت وتخفيف الإشعاعات المنبعثة من النجوم البعيدة والانفجارات النجمية.
في مجموعة دراسات نُشرَت في مجلةNature Astronomy ، حلل الفلكيون هذه الحواف الكونية لأول مرة، اعتمادًا على البيانات التي جمعتها المركبة فويجر2 التابعة لناسا، عندما عبرت الحاجز الشمسي إلى الفضاء بين النجمي قبل سنة.
كان المتوقع أن تبحر المركبة بسلاسة عبر الحاجز الشمسي في يوم واحد، لكن وجد الباحثون إن الحاجز البلازمي أكثر سمكًا وحرارةً من المتوقع، فهو -فعليًّا- يشكل حاجزًا بين النظام الشمسي والفضاء الخارجي.
وفقًا لدراسة إدوارد ستون Edward Stone باحث الفلك في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا، فإن الدرع يمنع نحو 70% من الأشعة الكونية من أن تعبر نظامنا الشمسي: «يلتقي على الغلاف الشمسي نوعان من الرياح، الرياح الشمسية المنبعثة من الشمس، والأشعة الكونية القادمة من الفضاء، الناتجة من انفجارات السوبرنوفا قبل ملايين السنين، فتعبر 30% فقط من الأشعة الكونية الغلاف الشمسي».
المركبات الفضائية تتصل بالأرض
في نوفمبر 2018، أصبح القمر الاصطناعي الخاص بالمركبة V2 ثاني جسم من صنع الإنسان يعبر إلى خارج النظام الشمسي، وقد سبقه في ذلك V1 سنة 2012، لكنه لم يرسل بيانات إلى الأرض بسبب خلل تقني.
وفقًا لبيانات الأشعة التي سجلتها V2 في رحلتها إلى الفضاء الخارجي، فإن درجة الحرارة عند الغلاف الشمسي بلغت نحو 31 ألف درجة سيليزية، وهي ضعف القيمة المتوقعة نظريًّا، وهذا بسبب الاصطدامات العنيفة بين الرياح الشمسية والأشعة الكونية.
يمثل الغلاف الشمسي جدارًا سميكًا قويًّا، يحمي نظامنا الشمسي من الأشعة الكونية، لكن وفقًا لما رآه العلماء، فهو لا يشبه فقاعةً مثالية، لكن حوافه بها ثغرات عند نقاط معينة، تمرر بعضًا من الأشعة الكونية.
تبين بيانات فويجر 2 وجود ثقبين في جانبنا من الغلاف الشمسي، حيث يرتفع معدل الأشعة الكونية التي تعبر النظام الشمسي عن المعدل الطبيعي للأشعة الكونية الخلفية، قبل أن يهبط مجددًا. وعندما ثبت معدل الأشعة الكونية التي تقيسها فويجر 2 عند هذا المعدل المرتفع، أصبح من الواضح إنها قد عبرت إلى ما وراء الغلاف الشمسي.
هذا الدرع من الحرارة والجسيمات المشحونة الذي يطوق نظامنا الشمسي قد لا يكون مثاليًّا، وهو ليس صديقنا دائمًا، ولكنه -كما بينت فويجر 2- يحمي نظامنا الشمسي من المخاطر البالغة الموجودة في الفضاء الشاسع، ولهذا فلنكن من الشاكرين.
اقرأ أيضًا:
فوياجر 2 توشك على الخروج من النظام الشمسي للسفر بين النجوم
تلسكوبات ناسا تكتشف الغلاف الجوي الغريب لكوكب خارج المجموعة الشمسية
ترجمة: ياسمين نصر الله
تدقيق: عون حداد
مراجعة: أكرم محيي الدين