اكتشف علماء جامعة ولاية كارولينا الشمالية مركبًا كيميائيًا ناتجًا عن عملية هضم المحليات الصناعية قد يُلحق ضررًا بالحمض النووي DNA.
ونُشر ذلك البحث في جزء من مجلة علم السموم والصحة البيئية.
البحوث المتزايدة حول التأثيرات السلبية للمحليات الصناعية:
دفعت التحذيرات من تأثير زيادة استهلاك السكر على الصحة، العديدَ من الناس، إلى استبداله في أنظمتهم الغذائية، بالمحليات الصناعية منخفضة السعرات الحرارية، والمعروفة أيضًا باسم المحليات الصناعية غير السكرية.
مع ذلك، فإن العدد المتزايد للدراسات في الأدب العلمي، يشير إلى أن هذا الاستبدال الصحي قد يكون مُكلفًا.
الأبحاث الحديثة المتعلقة بالمحليات الصناعية:
في شهر مايو2023، نشرت منظمة الصحة العالمية إرشادات جديدة حول استخدام المحليات الصناعية غير السكرية، توصي بعدم استخدامها للتحكم في وزن الجسم، أو للتقليل من خطر الإصابة بالأمراض غير المُعدية.
بعد بضعة أيام، نشر باحثون من معهد بيولوجيا نظم الغذاء، في الجامعة التقنية في ميونيخ، بياناتٍ جديدة توضح أن استهلاك متوسط المحليات غير السكرية قد يؤثر أيضًا على الخلايا المناعية في الدم.
وأظهرت دراسة أجريت عام 2022 على أكثر من 100 ألف بالغ، أن المحليات الصناعية تزيد خطر الإصابة بالسرطان.
نشر فريق من الباحثين، تقوده الدكتورة سوزان شيفمان، الأستاذة المساعدة في قسم الهندسة الطبية الحيوية المشترك بين جامعة ولاية كارولينا الشمالية وجامعة كارولينا الشمالية في تشابل هيل، بيانات جديدة توضح أن المادة الكيميائية التي تتشكل في أثناء استقلاب بعض المحليات الصناعية شائعة الاستخدام التي تُعرف بالسكرالوز، تسبب تلف الجينات.
ما السُمّية الجينية؟
قد تُلحق العوامل المسممة للجينات ضررًا مباشرًا أو غير مباشر بالحمض النووي (DNA)، ويحدث ذلك بسبب تأثيرها السلبي على الإنزيمات التي تعد عاملًا أساسيًا في عمليات تضاعف الحمض النووي، إذ يحطم السكرالوز-6-أسيتات سلاسل الحمض النووي.
أظهر بحث سابق أجرته شيفمان وزملاؤها أنه عند تناول الفئران للسكرالوز، تنتج العديد من المركبات القابلة للذوبان في الدهون داخل الأمعاء، بما في ذلك سكرالوز-6-أسيتات.
كان الفريق قلقًا لأن المركبات التي تذوب بسهولة في الدهون قد تبقى في الجسم، ما يُعارض النتائج المبلغ عنها في الدراسات التي قُدمت للحصول على الموافقات التنظيمية للسكرالوز والمحليات الصناعية التي تحتوي عليه، التي زعمت أنه لا يتحلل في الجسم.
تضمنت الدراسة الجديدة سلسلة من التجاربالمختبرية، عُرِّضَت فيها خلايا الدم البشرية لسكرالوز-6-أسيتات لتقييم علامات السمية الجينية، واستُخدِمت في تلك الدراسة أداة فحص ذات كفاءة عالية، إضافة إلى اختبار يُعرف باختبار النواة الدقيقة.
تقول شيفمان: «يثبت عملنا الجديد أن مادة سكرالوز-6-أسيتات مادة سامة للجينات، وتشير البيانات إلى أن هذه السمية الجينية تتجلى في تسببها بانكسارات في سلاسل الحمض النووي DNA».
أجرى الفريق أيضًا اختبارات عرّضت أنسجة الأمعاء لذلك المركب.
تصف شيفمان قائلة: «اكتشفت دراسات أخرى أن السكرالوز له تأثير سلبي على صحة الأمعاء، لذلك أردنا أن نرى ما يحدث هناك. وعندما عرّضنا أنسجة الأمعاء الظهارية، أي الأنسجة التي تبطن جدار الأمعاء، لكل من السكرالوز والسكرالوز -6-أسيتات، وجدنا أن كلا المادتين الكيميائيتين تسببان تسرب الأمعاء. تجعل هاتان المادتان جدار الأمعاء أكثر نفاذية، وتسبب إتلاف الوصلات الضيقة بين الخلايا الموجودة في جدار الأمعاء».
عندما يحدث تسرب الأمعاء، فإن الجزيئات التي تُطرح عادة من الجسم، تتسرب إلى خارج الأمعاء، ثم تُمتص في مجرى الدم.
استخدم الباحثون تسلسل الحمض النووي الريبوزي RNA لتحليل نسخ الأنسجة المعوية البشرية بعد التعرض إلى السكرالوز-6-اسيتات، فوجدوا زيادة كبيرة في الجينات الشائع ارتباطُها بالالتهاب والإجهاد التأكسدي والسرطان.
دعوات لإعادة النظر في الوضع التنظيمي للسكرالوز:
تمكنت شيفمان وزملاؤها من اكتشاف كميات ضئيلة من السكرالوز-6-أسيتات في المحليات الصناعية المتوفرة في الأسواق، ويشير هذا إلى أن المركب لا ينتج عن عملية الاستقلاب فقط، فقد يوجد في المنتج نفسه.
تقول شيفمان: «يثير هذا العمل مجموعة من المخاوف بشأن التأثيرات الصحية المحتملة المرتبطة بالسكرالوز واستقلاباته، وقد حان الوقت لإعادة النظر في سلامة السكرالوز ووضعه التنظيمي، لأن الأدلة على أنه ينطوي على مخاطر كبيرة في ازدياد. أنا أشجع الناس على تجنب المحليات الصناعية والمنتجات التي تحتوي على السكرالوز؛ إنه شيء لا يجب أن تأكله».
اقرأ أيضًا:
الأسبارتام: محلٍّ صناعي قد يرتبط بازدياد معدلات القلق
ترجمة: يمام نضال دالي
تدقيق: نور حمود