يمكن يومًا ما تصنيع الأجهزة الإلكترونية وأجهزة الاستشعار القابلة للارتداء من مادة تزداد صلابتها عند تعرضها للطرق أو التمدد، وذلك بفضل بحث جديد أجراه فريق من جامعة كاليفورنيا في ميرسيد. تُعد المتانة التكيفية خاصيةً مهمة في علم المواد، وتعني الحماية من التلف ومقاومة الإجهاد حتى في البيئات القاسية.

استوحيت المادة الجديدة من نشأ الذرة المستخدم في الطهي، الذي يمكن تحريكه عند إضافة الماء. يعمل ملاط نشأ الذرة مثل السائل عند تحريكه بلطف ومادًة صلبة عند ثقبه بسرعة، على عكس الرمل الرطب، الذي يتمتع بلزوجة ثابتة سواء بالخلط أو بالثقب.

يؤدي سحق نشأ الذرة ببطئ إلى تنافر الجزيئات الصغيرة عن بعضها بعضًا، ما يجعلها شبيهة بالسائل. يؤدي اصطدامها السريع بالسطح إلى حدوث تلامس، ما يسبب الاحتكاك ويجعلها مثل المادة الصلبة. يعود هذا الاختلاف إلى حجم الجزيئات المتباين.

أراد الباحثون معرفة ما إذا كان بإمكانهم الحصول على نفس النتائج من مادة البوليمر.

بدأ الفريق بالبوليميرات المترافقة لتحقيق ذلك، وهي بوليميرات ذات خصائص تساعد المواد على توصيل الكهرباء مع بقائها ناعمة ولينة نسبيًا، ويمكن تصنيع هذه المواد من جميع أنواع مجموعات الجزيئات.

دمج الباحثون في هذه التجربة جزيئات طويلة من حمض بولي (2-أكريلاميدو-2-ميثيل بروبانيسولفونيك)، وجزيئات بولي أنيلين قصيرة، وموصل عالي الكفاءة بولي (3،4-إيثيلين ديوكسي ثيوفين) بوليسترين سلفونات (PEDOT:PSS).

قد تبدو هذه الأسماء تقنية جدًا لكن ما يهم هو أن التركيبة خلقت طبقةً مشوّهةً أو ممتدةً عندما تعرضت لتأثيرات سريعة.

تُصبح المادة أكثر متانة كلما كانت التأثيرات أسرع.

أدت إضافة 10٪؜ من PEDOT:PSS إلى تحسين المتانة التكيفية وموصلية المادة.

يخلق نوعان من البوليميرات ذات الشحنة الموجبة ونوعان من البوليميرات ذات الشحنة السالبة مادةً ذات هياكل صغيرة جدًا مثل كرات اللحم المصغرة، في وعاء متشابك من السباغيتي.

تمتص هذه الأجسام الشبيهة بكرات اللحم هذه الصدمات الناتجة، دون أن تتفكك تمامًا وتحافظ المادة على موصليتها.

تُشير تجارب أخرى إلى أن إضافة جسيمات نانوية 1.3-بروبانديامين موجبة الشحنة تعمل على تحسين المتانة على نحو أكبر، ما يؤدي إلى إضعاف كرات اللحم قليلاً، وبالتالي يمكن للمادة أن تتلقى ضربات أكبر، مع تقوية خيوط السباغيتي حولها للحفاظ على المادة.

لا شك أن كل ما سبق معقد وتقني للغاية، لكن يجب أن تكون هناك تطبيقات للمادة خارج المختبر، ليتأكد الباحثون ما إن كان بالإمكان تصنيعها على نطاق واسع.

تُعد أحزمة الساعات الذكية وأجهزة الاستشعار التي يمكن ارتداؤها وأجهزة مراقبة الصحة -لصحة القلب والأوعية الدموية أو مستويات الجلوكوز- أمثلةً طرحها فريق البحث لتجربة تصنيعها بعد إضافة المادة المكتشفة إليها.

تُعد أيضًا الأطراف الصناعية الإلكترونية الشخصية حالة استخدام محتملة أخرى، وقد جربها الباحثون بالفعل.

يمكن طباعة الأطراف الصناعية ثلاثية الأبعاد من هذه المادة متعددة الاستخدامات.

يؤكد البحث إمكانية اكتشاف مواد جديدة وتحسين المواد الموجودة، وتسخير ذلك في خدمة البشرية، من الأجهزة التي نستخدمها إلى الملابس التي نرتديها.

يقول عالم المواد يو وانغ: «توجد عدد من التطبيقات المحتملة، ونحن متحمسون لرؤية الإمكانات الفريدة من نوعها التي يُتيحها استخدام هذه المادة».

قُدم البحث في اجتماع ربيع 2024 للجمعية الكيميائية الأمريكية.

اقرأ أيضًا:

اكتشاف طور غريب للمادة لم يكن موجودًا إلّا في الكتب والنظريات

ما هي المادة؟ الجواب ليس سهلًا مع إنها تشكل ثلث الكون

ترجمة: طاهر قوجة

تدقيق: ألاء ديب

المصدر