تشير نتائج الدراسات إلى ارتباط التعرض إلى المبيدات الحشرية بالانخفاض العالمي في عدد الحيوانات المنوية البشرية، وفقًا لمراجعة منهجية جديدة لـ 25 دراسة امتدت على مدار خمسين عامًا، بقيادة فريق بحث من إيطاليا والولايات المتحدة، وذكروا أنها المراجعة المنهجية الأكثر شمولية للموضوع حتى الآن.
لقد أخذت المراجعة المنهجية قيود كل الدراسات السابقة بعين الاعتبار، لذا تُعد النتائج التي وصلوا إليها قويةً بالفعل، وتوصي بتقليل التعرض إلى نوعين من المبيدات الحشرية للحفاظ على خصوبة الرجال.
تقول لورين إليس، العالمة في جامعة نورث إيسترن: «إن فهم كيفية تأثير المبيدات الحشرية على تركيز الحيوانات المنوية لدى البشر أمر بالغ الأهمية نظرًا لوجودها في كل مكان في البيئة وخطورتها المثبتة على القدرة الإنجابية».
أي إن المبيدات الحشرية تشكل مصدر قلق للصحة العامة، وأن الناس يتعرضون لها في المقام الأول عبر استهلاك الأغذية والمياه الملوثة فيها وغير المغسولة جيدًا.
راجع فريق البحث بيانات نحو 1774 رجلًا بالغًا في أربع قارات مختلفة -آسيا وأمريكا الشمالية وأمريكا الجنوبية وأوروبا- في 21 مجموعة قد تعرضوا للفوسفات العضوي ومادة N-methyl carbamates.
هذه المبيدات الحشرية شائعة الاستخدام، وتكمن سميتها في قدرتها على تثبيط الإنزيمات المشاركة في تفكيك النواقل العصبية مثل الأستيل كولين.
وبغض النظر عن الدراسات، صغيرةً كانت أم كبيرة، فقد وجدوا ارتباطًا ثابتًا بين زيادة التعرض إلى المبيدات الحشرية وانخفاض تركيز الحيوانات المنوية، حسب ما قالته ميليسا بيري، عالمة الأوبئة والأحياء الدقيقة في جامعة جورج ميسون، والمشاركة في المراجعة المنهجية.
لاحظ الباحثون أن دراسات أخرى أظهرت أن جودة السائل المنوي آخذة في الانخفاض مع مرور الوقت.
وجدت مراجعة أخرى في عام 2022، أن متوسط عدد الحيوانات المنوية بين المشاركين الذكور الذين لا يعانون من العقم، انخفض بنسبة 51٪ بين عامي 1973 و2018، من 101.2 مليون إلى 49 مليون لكل ميلي لتر من السائل المنوي، لكن ما يزال هذا العدد ضمن النطاق الطبيعي المحدد من قبل منظمة الصحة العالمية.
إضافةً إلى وجود علاقة بين انخفاض تركيز الحيوانات المنوية وعوامل أخرى، مثل زيادة خطر الإصابة ببعض أنواع السرطان.
مع ذلك، فإن العثور على شيئين مترابطين لا يثبت أن أحدهما مسؤول عن الآخر أو أنه نتيجة له، وما زلنا لا نعرف الآلية الكامنة وراء هذه التأثيرات. فمن الصعب تحديد آلية بيولوجية واحدة للتأثير تشرح الارتباطات السلبية التي لوحظت في هذه المراجعة المنهجية الشاملة، وتشير الأدلة وجود طرق عديدة قد يؤثر فيها الفوسفات العضوي ومبيدات N- methyl carbamates على تركيز الحيوانات المنوية.
قبل الختام نذكر أن هناك عوامل عديدة مهمة أخرى قد تؤثر على الخصوبة بمرور الوقت، مثل تلوث الهواء، إذ رُبط بانخفاض إنتاج الحيوانات المنوية عند كل من البشر والحيوانات في العديد من الدراسات السابقة. وتشير الأبحاث الحديثة التي أُجريت على الفئران، أن التلوث يؤدي إلى فقدان إنتاج الحيوانات المنوية بسبب إحداث تفاعلات التهابية في أدمغتهم.
وعندما يتعلق الأمر بالفوسفات العضوي، يوصي فريق الباحثين بإجراء المزيد من البحث حول glyphosate على وجه الخصوص، بسبب آثاره السمية العصبية، لكن البيانات المتعلقة بتأثيره على إنتاج الحيوانات المنوية غير مثبتة بعد، أما N- methyl carbamates، فإن النتائج ما زالت تظهر وجود صلة واضحة له مع انخفاض عدد الحيوانات المنوية، على الرغم من أن الدراسات حوله ما زالت محدودة.
واختتمت بيري بقول: «لقد وصلت الأدلة المتاحة إلى نقطة مفادها، أنه يجب علينا اتخاذ إجراءات تنظيمية للحد من التعرض الزائد للمبيدات الحشرية».
اقرأ أيضًا:
في هذا الوقت تكون الحيوانات المنوية بأفضل حالاتها
تتنافس الحيوانات المنوية بأنانية أشد مما عرفناها سابقًا
ترجمة: تيماء القلعاني
تدقيق: جعفر الجزيري