يقترح الباحثون تعلم المزيد عن المادة المظلمة عبر البحث عن آثارها داخل الكواكب خارج النظام الشمسي. قد تكون الكواكب الغازية الكبيرة خارج النظام الشمسي مليئة بالمادة المظلمة ذاتية التدمير، ويقترح فريق من الباحثين استخدام تلسكوب جيمس ويب الفضائي الذي سيُطلَق قريبًا لمسح الآثار المحتملة لارتفاع درجات الحرارة في الأجرام الضخمة البعيدة في المجرة، التي قد تكون بسبب المادة الغامضة، التي تفوق المادة العادية بنسبة 6 إلى 1 في الكون.
يعلم الفيزيائيون بأن المادة المظلمة موجودة لأنها تشد النجوم والمجرات بقوة الجاذبية، ولكن حتى الآن تحبط هذه المادة غير المرئية كل محاولة لفهم خواصها أفضل.
أخبر الفيزيائي وعالم الجسيمات الفلكية في جامعة ولاية أوهايو جوري سميرنوف مجلة لايف ساينس: «تقترح العديد من النظريات المتعلقة بالمادة المظلمة بأنها كُونت من جسيمات فردية، وأن هذه الجسيمات قد تصطدم ببعضها أحيانًا، كما هو الحال في جسيمات المادة العادية. وفقًا لهذه النماذج ربما يحطم جزيئان من المادة المظلمة بعضهما مولدين الحرارة بذلك».
وقال سميرنوف: «إذا صحت هذه الافتراضات، فإن جسيمات المادة المظلمة ينبغي أن تصطدم أحيانًا بأجسام كبيرة مثل الكواكب خارج النظام الشمسي، ما يجعل الجسيمات تفقد الطاقة وتتراكم داخل تلك العوالم، وهناك ربما يمكنهم القضاء على بعضهم، وإنتاج أثر حراري قابل للقياس ومرئي من مكان بعيد».
وجنبًا إلى جنب مع زميلته ريبيكا لين، وهي باحثة فيما بعد الدكتوراة في مختبر سلاك في مينلو بارك في كاليفورنيا، اقترح سميرنوف استخدام تليسكوب جيمس ويب الفضائي الذي سيمسح السماء بالأشعة تحت الحمراء من الطيف الكهرومغناطيسي للبحث عن هذا الأثر الحراري المميز.
وكتب الباحثون في ورقتهم البحثية التي نشرت في مجلة فيزيكال ريفيو ليترز: «ربما تتجمع الكواكب الخارجية الأكبر حجمًا مشكّلةً المزيد من المادة المظلمة، لذلك فإن أفضل المرشحين لإجراء عمليات البحث هذه، ستكون عمالقة غازات أكبر من المشتري أو الأقزام البنية التي كادت أن تصبح نجومًا ولكن فشلت في تجميع ما يكفي من الغاز لإشعال الاندماج النووي في نواتها».
ربما يكون من الصعب تحديد ما إذا كانت الحرارة تأتي من تدمير المادة المظلمة أو من عملية أخرى، لذلك يقترح كل من سميرنوف ولين البحث عن كواكب خارج النظام الشمسي أُخرجت من نظام نجمها الأم وهي قديمة جدًا، ما يعني أنها ربما تكون بردت حتى درجات حرارة منخفضة جدًا.
وإذا كان مثل هذا الجسم متوهجًا بصورة غير عادية بالأشعة تحت الحمراء، فقد يشير إلى وجود المادة المظلمة. يقول سميرنوف: «لكن هناك طريقة أكثر موثوقية تتمثل في البحث عن أعداد كبيرة من الكواكب خارج النظام الشمسي في جميع أنحاء مجرة درب التبانة، ورسم خريطة لدرجات حرارتها، ومن المتوقع أن تتراكم المادة المظلمة في مركز المجرة، لذلك يجب أن تُظهر هذه الخريطة الارتفاع البسيط في درجات حرارة الكواكب الخارجية عندما ننظر بانتباه إلى قلب مجرة درب التبانة».
ولا يمكن لأي نشاط فيزيائي فلكي معروف أن يفسر هذا الأثر وإذا رأينا شيئًا كهذا، فلا بد أنها المادة المظلمة.
يساعد التقاط أثر كهذا الفيزيائيين على تحديد كتلة جسيمات المادة المظلمة ومعدل تفاعلها مع المادة العادية، وبما أن تلسكوب ويب المتوقع إطلاقه في أكتوبر سيبحث بالفعل عن الكواكب خارج النظام الشمسي في جميع أنحاء المجرة، يعتقد سميرنوف أنه يمكن العمل بخارطة الآثار الحرارية المحتملة للمادة المظلمة في غضون 4 أو 5 سنوات، ويقول بروس ماكنتوش لمجلة لايف ساينس، وهو عالم فلك يدرس الكواكب خارج النظام الشمسي في جامعة ستانفورد في كاليفورنيا ولم يشارك في هذا العمل: «إنها فكرة مذهلة».
بنى الباحثون كواشف هائلة تحت الأرض لمحاولة التقاط جسيمات المادة المظلمة، وأضاف أيضًا أن هناك حدًا لمدى ضخامة الكاشف الذي يمكن بناؤه، وأضاف ماكنتوش: «يجب أن نستغل الأشياء الكبيرة التي توفرها الطبيعة».
وكان انتقاده الوحيد على الدراسة أن تلسكوب ويب الذي سيجري دراسات مستهدفة ومتعمقة لعدد قليل نسبيًا من الأشياء؛ قد لا يكون التلسكوب الأفضل لهذا العمل، وأضاف أن تلسكوب نانسي جريس الروماني الفضائي الذي أُطلق عام 2020، سيعمل على رسم خريطة للسماء بأكملها بتفاصيل رائعة؛ وقد يكون ملائمًا أكثر لهذه المهمة.
نُشر في مجلة لايف ساينس.
اقرأ أيضًا:
استمرار البحث عن الثقوب السوداء البدائية لحل مشكلة المادة المظلمة
دحض الاكتشاف الهائل حول وجود مجرات لا تحتوي المادة السوداء
ترجمة: حلا بوبو
تدقيق: مازن النفوري