عادة ما يصنف الاقتصاديون إحصائيات الاقتصاد الكلي إلى واحدة من ثلاثة تصنيفات: قيادي، متأخر، متزامن. بشكل مجازي يمكن تصوير تلك التصنيفات إلى: الرؤية عبر الزجاج الأمامي للسيارة، والرؤية من المرآة الأمامية للمشهد الخلفي، والرؤية من النافذة الجانبية. تمد المؤشرات المتأخرة والمتزامنة المستثمرين ببعض الـتأكيد حول وضع السوق الحالي والسابق، وما هي أفضل النقاط للبدء في العمل، ذلك لأنها تساعد في التنبؤ بوضع هذه الأسواق في المستقبل واتجاهها.
مؤشرات السوق:
بالنسبة للمستثمرين لكي تكون هناك قيمة تنبؤية للمؤشرات الاقتصادية فإنها يجب أن تكون مستمرة ومتطلعة للمستقبل. كما يجب أن تعطي مؤشرًا واضحًا للقيم الحالية المبنية على التوقعات المستقبلية.
تبدأ الإحصائيات ذات المغزى حول اتجاهات الاقتصاد بمؤشرات السوق الرئيسية والمعلومات المستمدة منها حول:
- أسواق الأسهم وأسواق الأسهم الآجلة.
- سندات الرهون العقارية ومعدلات الفائدة ومنحى العائد.
- أسعار صرف العملات الأجنبية.
- أسعار السلع، خاصة الذهب والحبوب والنفط والمعادن.
بالرغم من أهمية هذه القياسات بالنسبة للمستثمرين، إلا أنها لا تعد مؤشرات اقتصادية في حد ذاتها، وذلك لأنها لا تلقي بنظرة عميقة على المستقبل، فقط أسابيع أو شهور قليلة على الأكثر.
لذا فإن توضيح تاريخ هذه المؤشرات يضعها في سياق سليم ويمنحها المعنى. على سبيل المثال، فإن معرفة أن شراء جنيه استرليني واحد تكلف دولارين ليست شيئًا لافتًا للنظر، ولكن معرفة أن قيمة الجنية الاسترليني تتداول عند أعلى مستوى منذ خمس سنوات أمام الدولار، فهذا هو الأمر الهام بحق.
التقارير الأسبوعية ذات الدلالة:
تقارير طلبات التوظيف هي تقارير أسبوعية تصدرها وزارة العمل. في حالة تراجع الاقتصاد، فإن معدلات البطالة تبدأ في الارتفاع. وبشكل عام تُحسب على أساس المتوسط المتحرك لأربعة أسابيع للتخلص من تذبذب التباين الأسبوعي.
ومع ذلك فإن هذه التقارير لديها نقطة تحيز كامنة، ذلك لأنها ترى أن العاملين لحسابهم الخاص، والعاملين بدوام جزئي، وبنظام التعاقد عندما يفقدون وظائفهم يصبحون غير مؤهلين وبالتالي لا يُحتسبون في التقرير.
المعروض النقدي:
هو خلاصة الحسابات الفنية لكمية النقود التي تدور في الاقتصاد. يصدر هذا التقرير عن الاحتياطي الفيدرالي. في العالم الرقمي يمكن نقل مبالغ هائلة من النقود عبر القارات في لحظات. لذا فإن هذا المؤشر الاقتصادي قد يفقد الكثير من أهميته خلال العقد الأخير.
التقارير الشهرية ذات الدلالة:
1- تقارير الإنشاءات السكنية الجديدة:
يشار إليها عادة بالإسكان الجديد. هذا التقرير يصدر عن مكتب التعداد ووزارة الإسكان والتنمية الحضارية. وهو يرصد تقارير البناء المصدرة والمساكن تحت الإنشاء وكذلك المكتملة وهو تقرير قيادي مهم لأن القطاع الإنشائي يلتقط مرحلة التوسع في دورة الأعمال مبكرًا.
2- تقرير مبيعات المنازل:
يصدر عن الجمعية الوطنية للوسطاء العقاريين. بينما يركز تقرير الإنشاءات السكنية الجديدة على جانب العرض، فإن هذا التقرير يركز على جانب الطلب، والاثنان معًا يقيّمان الحالة العامة لقطاع الإسكان.
المعلومات الواردة في هذا التقرير عادة ما تكون لشهرين سابقين، ونتيجة لطول هذه المدة، فإن التقرير مفيد في التنبؤ بإنفاق المستهلكين وهو يتأثر بشكل مباشر بعدة عوامل مثل أسعار الفائدة على الرهون العقارية والطبيعة الموسمية للعمل في مجال العقارات.
3- مؤشر ثقة المُستهلك:
يصدر عن مؤسسة كونفرنس بورد وهي مؤسسة غير ربحية تعمل في الأبحاث الاقتصادية. التقرير واحد من حفنة تقارير تقيس تطلعات وسلوكيات الأفراد محل البحث، وهو مؤشر غير صحيح وغير محدد، إلا إنه وبشكل غير متوقع، دقيق في إبراز إنفاق المستهلكين الذي يمثل 70% من الاقتصاد.
تقارير مهمة أخرى:
1- مسح مستقبل الأعمال:
يصدر عن فيدرالية فيلادلفيا، وهو يستطلع رأي مديري المشتريات لدى 5000 شركة صناعية في بنسلفانيا وديلاوير ونيوجيرسي. ويجمع آراء من نوعية (أفضل / أسوأ). يعيب هذا التقرير صغر حجم عينة المسح ومحدوديتها الجغرافية وتركيزه على الصناعة. إلا أن هذا لا يمنع كونه قياسًا دقيقًا لمؤشر مديري المشتريات.
التباين الشهري في التقرير يُعزى جزئيًا لصغر حجم العينة.
2- مؤشر مديري المشتريات:
يصدر عن معهد إدارة المعروض، المعروف سابقًا بالجمعية الوطنية لمديري المشتريات. بالرغم من صغر حجم العينة محل بحث المؤشر وتركيزه على الصناعة، إلا أن وول ستريت تراقبه عن كثب وذلك لاعتماديته التاريخية في التنبؤ بالنمو في الناتج الإجمالي المحلي.
3- تدفقات صناديق الاستثمار:
قياس شهري يصدر عن شركة معهد الاستثمار. هذا المؤشر الاقتصادي يقوم بتجميع صافي التدفقات النقدية للأسهم والسندات وصناديق الاستثمار العاملة في أسواق المال. إلا أنه مُتجاهَل بشكل كبير لعدة أسباب تشمل:
- مبيعات ومشتريات الأفراد للأسهم.
- انعدام التفرقة بين الاستثمار المنهجي والعملي المرتبطة بتوقيت السوق.
يعد هذا المؤشر متناقضًا، إذ أن المستثمرين الأفراد يتفاعلون مع أحداث السوق ويؤثرون فيها بالشراء عند أسعار مرتفعة والبيع عن أسعار منخفضة.
على الجانب الآخر، تقرير تدفقات صناديق أسواق المال يصدر منفصلًا وذلك عن طريق الاحتياط الفيدرالي.
تقارير صناعية:
1- تقرير السلع المعمرة:
يصدر عن مكتب التعداد كمؤشر لحالة الصناعات الثقيلة. يقوم المؤشر الاقتصادي بمسح لمُصنعي السلع ذات العمر الافتراضي الذي يزيد عن ثلاث سنوات.
مشتريات هذا النوع من البضائع بواسطة قطاع الأعمال يدل على قدرة دورة الأعمال على التوسع. بينما مبيعات هذه البضائع على مستوى التجزئة تشير إلى ارتفاع ثقة المستهلك.
التقلبات الشهرية في هذا التقرير تستدعي استخدام المتوسطات المتحركة والمقارنات السنوية لتحديد النقاط المحورية في الاقتصاد.
2- تقرير أوامر شراء المصنع:
يصدر أيضًا هذا التقرير عن مكتب التعداد، وهو أكثر تفصيلًا وأقل في زمن المسح من مؤشر السلع المعمرة. موطن الضعف الرئيسي في هذا التقرير هو فشله في احتساب التغيرات السعرية والتي تؤثر بشدة في قيمة المخزون وذلك في أوقات التضخم وأوقات الانكماش.
هذا المؤشر الاقتصادي يحتوي على معلومات ترجع إلى شهرين قبل صدوره ما يجعله مؤشرًا قياديًا آخر يعتمد على بيانات تاريخية.
3- الـ بيج بوك: الكتاب البيج The Beige Book:
بشكل رسمي، هو ملخص التعليقات على الوضع الاقتصادي الراهن ويصدر ثماني مرات سنويًا عن الاحتياطي الفيدرالي. هذا التقرير يضم مجموعة من المناقشات من المقاطعات الفيدرالية الاثنتي عشرة، بالإضافة إلى بيان ختامي يُقدم بنبرة غير إلزامية يُعرف بالخطاب الفيدرالي.
إن سعي المحللين والمستثمرين لفهم معنى لهذا التقرير يبدو مثل قراءة الفنجان. يحذر هذا التقرير من إجراءات اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة في جلستها المقبلة، بالرغم من أن سوق السندات يمكنها التنبؤ بتلك الإجراءات بسهولة وذلك عن طريق القياسات الإحصائية.
النتيجة المالية:
المؤشرات الاقتصادية القيادية تعطي المستثمرين نوعًا من الحدس حول اتجاه الاقتصاد في المستقبل، الأمر الذي مهد الطريق لوضع استراتيجية استثمارية تتفق وأحوال السوق في المستقبل.
المؤشرات القيادية مصممة بحيث تتنبأ بالتغيرات في الاقتصاد، إلا أنها ليست دقيقة على طول الخط. لذا يجب أن ينظر لها بشكل جمعي إذ إن لكل منها عيوبًا ومواطن ضعف.
اقرأ أيضًا:
المترجم: أحمد السقا
المدقق: سلمى توفيق