اللمفوما الجريبية هي ورم يبدأ من كريات الدم البيضاء، وقد جاء اسمها من الطريقة غير الطبيعية التي تتطور فيها كريات الدم البيضاء مع بعضها في كتل تسمى جريبات داخل العقد اللمفية.
تُصنف هذه الحالة بوصفها نوعًا من أنواع لمفوما لاهودجكن التي تتطور ببطء. غالبًا ما تكون الأعراض خفيفة أو غير ظاهرة، ويعيش كثير من الناس الذين يعانون من هذا النمط من السرطان وقتًا طويلًا مع نوعية حياة عالية.
لكن من الجدير بالذكر، أن هذه الأنواع من لمفوما لاهودجكن تسلك سلوكًا مختلفًا عن لمفوما هودجكن وتختلف عنها بطريقة العلاج.
حقائق حول اللمفوما الجريبية
تعد اللمفوما الجريبية واحدة من أكثر أنماط اللمفوما شيوعًا، والتوقعات بخصوصها جيدة عمومًا، وفيما يلي بعض الإحصائيات:
- يصاب بها نحو 2.7 من 100000 من الناس كل عام.
- تعد اللمفوما الأكثر شيوعًا بين أنماط اللمفوما بطيئة النمو أو الخاملة.
- نادرًا ما تصيب اللمفوما الجريبية الناس تحت عمر العشرين، علمًا أم العمر الوسطي للتشخيص هو 65 عام.
ما أعراض اللمفوما الجريبية؟
بعض المصابين باللمفوما الجريبية لا يعانون أية أعراض، لكن أول أعراضها هو وجود ألم مُعمَّم، وعقد لمفية منتفخة، وقد تسوء هذه الأعراض أو تتحسن مع الزمن. وغالبًا ما تؤثر في العقد اللمفية القريبة من منطقة تحت الإبط، والرقبة والمنطقة الإربية والبطن. وتتضمن الأعراض الأخرى للمفوما الجريبية:
- التعب.
- ضيق في التنفس.
- الحمى أو التعرق الليلي.
- خسارة الوزن.
- حدوث إنتانات متكررة.
ما أسباب اللمفوما الجريبية؟
لم يتوصل العلماء بعد إلى السبب وراء تطور اللمفوما الجريبية، لكن ربما سببها اجتماع عدد من العوامل الوراثية والبيئية والمناعية.
الأسباب الجينية للإصابة باللمفوما الجريبية
- يواجه الناس الذين لديهم قريب مصاب باللمفوما الجريبية خطرًا متزايدًا لتطوير هذا النوع من السرطان.
- يعاني نحو 85% من الناس الذين لديهم لمفوما جريبية من اضطراب جيني غير مؤذٍ اسمه الإزفاء (Translocation)، وهو انتقال جزء من الصبغي إلى صبغي آخر.
- عند البالغين الذين لديهم هذا الاضطراب، تتباعد أجزاء من الصبغيات 14 و18 عن بعضها وتتبادل، وهذا يؤدي إلى تعبير زائد للجين BCL2.
- يُعتقد أن الجين BCL2 يؤدي دورًا في تحديد موعد موت الخلايا.
- بعض الناس لديهم الاضطراب الجيني نفسه ولكنهم لا يعانون اللمفوما الجريبية، وهذا يشير إلى وجود عوامل أخرى مسببة للورم.
- أكثر من 25% من الناس الذين يعانون اللمفوما الجريبية لديهم طفرات الجين EZH2.
- لا يملك الأطفال الذين يعانون اللمفوما الجريبية تغيرات غير طبيعية في الجين BCL2، بينما وُثقت تغيرات في الجينات MAP2K1 و TNFRSF14.
الأسباب البيئية للمفوما الجريبية
تساهم بعض العوامل البيئية باللمفوما الجريبية مثل:
- التعرض للمواد الكيميائية مثل البنزين.
- التعرض للمبيدات الحشرية مثل غليفوسفات.
- قد تؤدي بعض أنواع العدوى لهذه الحالات.
- التدخين والتدخين السلبي.
كيفية تشخيص اللمفوما الجريبية
قبل تشخيص الطبيب لهذه الحالة سيتعرف على الأعراض المريض ويطّلع على التاريخ الطبي ويجري فحصًا جسديًا. إذا شك الطبيب بوجود سرطان، سيجري الفحوصات التالية:
- خزعة عقدة لمفية: تشمل إزالة قسم صغير من النسيج من العقدة اللمفية وأحيانًا كامل العقدة اللمفية. ويكون الفحص الطبي تحت المجهر لتحديد إن كانت سرطانية.
- فحص الدم: لتقدير عدد خلايا الدم ومظهرها.
- التصوير: لرؤية اللمفوما في الجسم ووضع الخطة العلاجية، يشمل ذلك تصوير الطبقي المحوري والتصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني أو تصوير PET/CT scan الذي يجمع الطريقتين السابقتين.
طور الأطباء دليلًا إنذاريًا عالميًا للمفوما الجريبية (FLIPI) للمساعدة على تحديد مخرجات هذا النوع من السرطان، يساعد هذا النظام على تصنيف اللمفوما الجريبية في ثلاث فئات: منخفضة الخطر، ومتوسطة الخطر وذات خطر عالي. ويُحسب مقياس الخطر بناء على العوامل الإنذارية المتعددة مثل:
- العمر.
- مستويات الديهيدوجينات اللبنية.
- مستويات الهيموغلوبين.
- مدى انتشار السرطان و مرحلته.
كيف تعالج اللمفوما الجريبية
تتوفر خيارات علاجية متعددة للناس الذين يعانون اللمفوما الجريبية، ويقرر الطبيب ما هو العلاج الأنسب بالاعتماد على نمط السرطان وكيفية تطوره.
الانتظار اليقظ Watchful waiting
إذا كان تشخيص الورم مبكرًا وبأعراض خفيفةً أو غير موجودة، فقد يقترح الطبيب خطة الانتظار اليقظ، التي تعني مراقبة الخبراء للحالة دون تلقي العلاج، إذ وجدت دراسات بأن الناس المعالَجين بهذه الطريقة لديهم نتائج مشابهة للمرضى الذين تلقوا العلاج باكرًا.
الأشعة Radiation
تستخدم هذه الطريقة حزمة أشعة عالية الطاقة لتدمير الخلايا السرطانية، وتعطى غالبًا لمرضى المرحلتين الأولى والثانية من هذا السرطان، وفي بعض الحالات تكون الأشعة وحدها قادرةً على علاج هذا النمط من السرطان. لكن في حالات أخرى قد يكون من الضروري إضافة علاجات أخرى إذا كان السرطان في مرحلة متقدمة.
الأضداد وحيدة النسيلة Monoclonal antibodies
تهاجم هذه الأدوية علاماتٍ محددةً في الورم وتساعد الخلايا المناعية لمحاربة الورم:
يعد ريتوكسيماب Rituximab من الأضداد وحيدة النسيلة التي تستخدم كثيرًا لعلاج اللمفوما الجريبية، يعطى عادةً بطريقة الحقن ضمن الوريد (IV) في عيادة الطبيب. ويستخدم بالمزامنة مع العلاج الكيميائي لعلاج المرحلة المتأخرة من اللمفوما الجريبية. ومن لمركبات الشائعة للدواء:
- r-bendamustin ريتوكسيماب مع بينداموستين.
- R-CHOP ريتوكسيماب وسيكلوفوسفاميد ودوكسوروبسين وفينكريستين ووبريندوسين.
- R-CVP ريتوكسيماب وسيكلوفوسماميد وفينكريستين وبريدنيزون.
عام 2017، وافقت هيئة الغذاء والدواء FDA على إعطاء دواء أوبنتوزوماب obinutuzumab مع العلاج الكيميائي لعلاج اللمفوما الجريبية غير المعالجة بالمرحلة الثانية أو أكثر.
العلاج الكيميائي Chemotherapy
يستخدم العلاج الكيميائي الأدوية لقتل الخلايا السرطانية في الجسم، ويعطى غالبًا للمرضى الذين يعانون اللمفوما الجريبية ويشارك كثيرًا علاجات أخرى مثل الأضداد وحيدة النسيلة أو العلاج الشعاعي.
العلاج المناعي الشعاعي Radioimmunotherapy
يشمل هذا العلاج استخدام مشاركة من الأضداد وحيدة النسيلة مع العلاج الشعاعي لتدمير السرطان. وافقت هيئة الغذاء والدواء بعام 2002 على أضداد وحيدة النسيلة توكسيتان إبريتوموماب (ibritumomab tiuxetan) لعلاج اللمفوما الجريبية المعندة على العلاج أو الناكسة. ويُقصد باللمفوما المقاومة للعلاج أو المعندة أنها السرطان لا تستجيب للعلاج أو تتوقف عن الاستجابة في مرحلة ما.
زراعة الخلايا الجذعية Stem cell transplant
تستخدم هذه الطريقة عادةً في علاج اللمفوما الجريبية، وتعني تسريب خلايا جذعية صحية في الجسم لاستبدال نقي العظم المريض. غالبًا ما تكون هذه الطريقة خيارًا مناسبًا عند البالغين الذين يتمتعون بصحة عامة جيدة. ويوجد نوعان من طعوم الخلايا الجذعية:
- الطعم ذاتي المنشأ: تستخدم هذه الطريقة الخلايا الجذعية للشخص نفسه لعلاج السرطان.
- الطعم خيفي المنشأ: تستخدم هذه الطريقة الخلايا الجذعية لشخص آخر (المعطي)، ولا تستخدم عادةً لعلاج اللمفوما الجريبية.
علاجات الخلايا التائية CAR T_Cell الجديدة
وافقت هيئة الغذاء والدواء عام 2001 على استخدام العلاج بالخلايا التائية لعلاج اللمفوما الجريبية، التي عادت بعد نوعين أو أكثر من علاجات الخط الأول.
يستخدم العلاج بالخلايا التائية جزيئات هندسية تسمى مستقبلات المستضد الخيمرية (CARs) التي تتعرف على المستضدات على سطح الخلايا اللمفية وتدمرها.
ما هي مضاعفات اللمفوما الجريبية
قد تتطور اللمفوما الجريبية بسرعة من اللمفوما وتعرف بلمفوما الخلايا البائية الضخمة المنتشرة.
إن تطور كريات الدم البيضاء غير الطبيعي قد ينافس خلايا الدم السليمة، ما قد ينتج مستويات منخفضة من أنواع مختلفة من كريات الدم الضرورية للحفاظ على الصحة.
فمثلًا قد يُضعف تعداد كريات الدم البيضاء المنخفض جهاز المناعة ويجعل الجسم أكثر عرضةً للإنتانات. وقد يتدخل تعداد الصفيحات المنخفض مع قدرة الدم على التجلط.
من ناحية أخرى، قد يسبب تعداد كريات الدم الحمر المنحفض أعراضًا مثل التعب وقصر التنفس والضعف العام، وتعزيز كريات الدم غير الطبيعية قد يسبب تضخم الطحال أيضًا، لذلك من الأفضل تجنب الرياضات التي تتطلب احتكاكًا جسديًا إذا كان الطحال كبيرًا لتجنب التمزق.
إن علاج اللمفوما الجريبية مثل العلاج الكيمائي والشعاعي قد يدمر الخلايا الصحية، ويسبب آثارًا جانبية عديدة مثل الغثيان وفقدان الشعر والإقياء.
كيف يكون التعافي من اللمفوما الجريبية؟
بعد العلاج الناجح للمفوما الجريبية عند العديد من الناس يتجه الورم للانحسار، لكن اللمفوما الجريبية تُعد من الحالات التي ترافق المريض مدى الحياة.
قد يشكل التعافي تحديًا كبيرًا، لكن الكثير من المرضى يستطيعون أن يحافظوا على نوعية حياة عالية مع المرض.
قد يشعر المريض بالتعب طوال أشهر بعد العلاج، وقد يحتاج بعض الوقت للعودة إلى النشاطات التي كان يمارسها قبل العلاج.
عمومًا، تكون مسؤولية الطبيب أن يساعد المريض على إدارة توقعاته، وأن يعطي نصائح مناسبة لجعل التعافي سلسًا قدر الإمكان.
سيكون صادمًا بالنسبة للمريض أن يعرف أن طريقة العلاج الأولى لم تكن ناجحة، لكنه يجب أن يدرك أنه توجد خيارات علاجية أخرى يستطيع تجريبها، وسيعمل طبيبه معه على تطوير خطة علاج جديدة.
يستخدم علاج اللمفوما الجريبية لإبقاء المرض تحت السيطرة إضافةً إلى علاج الحالة، وقد يُعالج هذا السرطان بنجاح لسنوات عديدة إذ يقدر معدل البقاء الوسطي بأكثر من 20 سنة، ويكون معدل البقاء لخمسة سنوات 96% عند المرضى الذين لديهم لمفوما جريبية منخفضة الخطورة (أي لديهم عامل خطورة واحد أو لا يوجد أي عامل).
أما عند المرضى ذوي الخطورة المتوسطة، أي الذين لديهم عاملي خطورة فيكون معدل البقاء لخمسة سنوات 80%، بينما عند المرضى ذوي الخطورة العالية أي الذين لديهم ثلاثة عوامل خطورة أو أكثر فيكون معدل البقاء 50%.
يوفر معدل البقاء معلوماتٍ مفيدة، لكن لا يمكن التنبؤ بما قد يحصل في الحالة الخاصة لكل مريض.
إن اللمفوما الجريبية هي سرطان بطيء النمو يبدأ في خلايا الدم البيضاء ضمن العقد اللمفية، لكن يعيش العديد من الناس المصابين باللمفوما الجريبية حياةً طويلةً، بينما يكون العلاج الوحيد أحيانًا هو الانتظار اليقظ.
ربما يتلقى المرضى بمراحل متقدمة من هذا السرطان أدويةً علاجيةً مناعية تسمى أضداد وحيدة النسيلة، مع أشعة أو علاج كيميائي.
عادةً تكون نتائج علاج اللمفوما الجريبية جيدةً وتميل للنمو ببطء، ومن المرجح أن يستمر معدل البقاء بالازدياد مع تطور خيارات العلاج.
اقرأ أيضًا:
لمفوما هودجكين: التعريف والأعراض والتشخيص والعلاج
ما الفرق بين اللوكيميا (سرطان الدم) واللمفومة (الورم اللمفي)؟
ترجمة: سوزان محمد
تدقيق: جنى الغضبان
مراجعة: محمد حسان عجك