الكيميرا يطرح أكبر معضلة أخلاقية
خلق جنين إنسان – خنزير لأول مرة
اقترب العالم خطوةً نحو أحد المعضلات الأخلاقية والتي لطالما أرجأنا التفكير بها. فقد تم إنتاج “أجنةٍ” مهجنة من كلٍّ من المادة الوراثية للإنسان والتي سميت فيما بعد “كيميرا” أخذت تلك الأجنة في التطور لعدة أسابيع قبل تدميرها بالطبع كانت تلك الأجنة ستمضي قدمًا ولكن على ما يبدو أن الصعوبات التي واجهت تكوين تلك الاجنة كانت أكثر تعقيدًا مما توقعه العلماء
لنلقي نظرةً عن قرب …
تتكون تلك الكائنات “الكيميرا ” نتيجة اتحاد خليتين مخصبتين أو كما يطلق عليها “اللاقحة”. خاصةً تلك الخلايا التي تنتج من أنواعٍ مختلفة. ربما تبدو لك من الوهلة الأولى أن تلك الكائنات مكانها الوحيد بين طيات كتب جي كي رولينج أو أنها إحدى الأساطير القديمة ولكن ربما كانت هنالك أسبابٌ مقنعةٌ لجعل البعض يهتمون بخلق مثل تلك الكائنات، أحد أهم تلك الأسباب هو موت بعض الأشخاص نتيجةً للنقص الحاد لما يمكن أن يحتاجونه من أعضاء لا يمكن بسهولة التبرع بها مثل القلوب والكلى. توفر تلك الكائنات “الكيميرا”، خصوصًا التي تم إنتاجها بواسطة خلايا مخصبة لإنسان وخنزير، حلًا لتلك المشكلة وذلك عن طريق إنتاج أعضاء شبيهة بالأعضاء البشرية ويمكن أيضا نقلها للمرضي اللذين يحتاجونها. ربما تلقى البعض هذا الخبر كالصاعقة. ولكن يرى البعض الأخر أنها ليست أسوأ من تربية الحيوانات بغرض أكلها ومن الصعب أيضًا أن تقنع شخصًا في حاجة ماسة لزراعة كبد عن طريق أحد تلك الكائنات “الكيميرا” بأن تلك الفكرة بغيضةٌ حقا. أمضى العديد من كتاب الخيال العلمي والفلاسفة الكثير من الوقت في حل ذلك الصراع ولكن ربما ارتأت بعض المؤسسات السياسية والجماهير العريضة أن ذلك من الأشياء الصعبة التي ليس علينا أن نقلق بشأنها الآن.
كان من الممكن أن نؤجل التفكير فعليًّا في هذا الشأن ولكن بعد الإعلان في مجلة ” Cell” ” عن نجاح عملية خلق جنينٍ من كائن الكيميرا من اتحاد خلايا إنسان وخنزير والذي كان بمثابة جرس إنذارٍ لنفكر إن كان علينا القيام بهذا الأمر أم لا. أبرزت نتائج الأبحاث التي قام بها البروفيسور خوان كارلوس بلمونت بمعهد سوك وفريقه البحثي أن العقبات ليست أخلاقية فقط . فقد صرح البروفيسور “بلمونت ” إن الغاية الأسمى من هذا البحث هو الحصول على أنسجة أعضاء قابلةٍ لأداء وظيفتها بل وقابلة للزرع أيضًا ولكننا مازلنا بعيدين كل البعد عن ذلك ولكنها كانت خطوةً مبدئيةً مهمة للغاية”. بدأ البروفيسور بلمونت بوضع خلايا جرذٍ جذعيةٍ داخل أحد أجنة نوعٍ من الفئران الصغيرة، خطوة قد قام البعض بإنجازها سابقًا، ثم قام بحذف الجينات المسئولة عن تكوين بعض الأعضاء داخل جنين الفأرة الصغيرة بواسطة بعض الأدوات المعدة لذلك مسبقا ثم استبدلها بجينات الجرذ المقابلة لها. قال أحد الباحثين الرئيسين دكتور “جون وو” الباحث بمعهد سوك أيضًا «إن خلايا الجرذ تحتوي على نسخة وظيفية من جينات الفأر المفقودة ومن ثم يمكنها إعادة تكوين خلايا الفأر من خلال ملء المساحات المخصصة لأعضاء الفأر النامية”.
لقد تم من قبل وضع خلايا بشرية داخل أجنة فئرانٍ ولكن لم تصل النتائج إلى المستوى المطلوب. ثم بعد ذلك قام البروفيسور بلمونت والدكتور جون وو بقيادة فريقٍ مكونٍ من 40 شخصًا في محاولةٍ لوضع خلايا بشرية داخل أجنة أبقار وخنازير لم يكن الوضع سهلًا بالنسبة للأبقار فتم التخلي عنها نظرًا لتكلفتها العالية وللتركيز أكثر على الخنازير. وبالرغم من كل ذلك لم يسر الأمر بتلك السهولة فمدة حمل الخنازير تبلغ 4 أشهر فقط أي أنها تنمو بسرعةٍ بالنسبة للخلايا البشرية. قال البروقيسور بلمونت معلقا: “كأن الخلايا البشرية دخلت في طريقٍ سريعٍ لكنها تسير بسرعة أكبر من السرعة المعتادة وإذا كانت هناك سرعات مختلفة، فحينئذ تحدث الحوادث ”
وبالرغم من أن الفريق البحثي قد نجح في الحصول على خلايا جذعية متعددة القدرات بشرية وسطية لتكوين “كيميرا ” داخل أجنة الخنازير إلا أن الكائن الناتج كان خنزيريًا أكثر منه بشريًا. إلا أن الباحثين قد وجدوا ذلك أمرًا جيدًا متفادين بذلك واحدًا من أكثر المواضيع الأخلاقية إثارة: ” ماذا لو أوجدنا مخلوقًا ذو عقلٍ بشريٍّ؟”
ومع ذلك فقد تم تدمير جميع الأجنة بعد 3 إلى 4 أسابيع بعد أن أظهرت فاعليتها في ذلك الأمر. أما الآن فيعمل الباحثون على وضع جيناتٍ بشريةٍ خاصةٍ داخل كائنات “كيميرا” تالية كما هو الحال بالنسبة لتجربة الجرذ والفأرة وذلك نحو صنع أعضاء بشرية أخرى .
ترجمة : دافيد الشايب شوقي
تدقيق: بدر الفراك