إننا نعيش في كون يحتوي على ثلاثة أبعاد إضافة إلى الزمن، أوعلى الأقل هذا ما ندركه من فروع مختلفة من نظرية الأوتار التي تصل إلى 26 بعدًا. وتوجد أسباب للتساؤل: لماذا نجد أنفسنا في عالم ثلاثي الأبعاد؟

اقترح علماء الفيزياء والرياضيات أن الأكوان ذات أبعاد أكثر من ثلاثة قد تكون غير قابلة للتنبؤ وغير مستقرة، عوالم ميتة خالية من كل شكل من أشكال الحياة والمراقبين. مسألة الأجسام الثلاثة غير قابلة للتنبؤ في عالم ثلاثي الأبعاد، لكن حتى مسألة الجسمين (وصف مدار جسمين والتنبؤ بهما) تصبح فوضويةً جدًا في أبعاد أعلى، ولا توجد مدارات مستقرة ممكنة.

تشرح أحد الدراسات المتعلقة بهذا الموضوع: «هذا يعني أن مثل هذا العالم لا يمكن أن يحتوي على أي أغراض ثابتة مع مرور الوقت … وبالنتيجة من المرجح ألا يمكن أن يحتوي على مراقبين مستقرين … في فضاء يحتوي على أبعاد أكثر من ثلاثة، قد لا توجد أي ذرات تقليدية، وربما لا توجد هياكل ثابتة».

ولذلك ينبغي ألا نتفاجأ عندما نجد أنفسنا في كون ثلاثي الأبعاد (إضافةً إلى الزمن)، نستطيع أن نعيش في الكون الذي تكون فيه الحياة ممكنة فقط. توجد اقتراحات بأن الحياة لا يمكن أن تحدث في كون ثنائي الأبعاد (إضافةً إلى الزمن) بسبب القلة في التعقيد. والحجة الرئيسية التي من شأنها أن تجعل الكون ذا البعدين غير قابل للتنفيذ هي أن الكون ذا البعدين لن يسمح بوجود الجاذبية، ما يجعل الخليط المعقد المطلوب للحياة مستحيلًا.

ولكن قد لا يكون الأمر كذلك وفقًا للفيزيائي جيمس سكارجيل، ففي بحث من عام 2020 أظهر سكارجيل أن حقول الجاذبية السلّمية قد تكون موجودة في بعدين، يكتب سكارجيل: «لقد قدمت نظرية سلّمية بحتة للجاذبية تسمح بمدارات مستقرة حول مصادر نقطية، ولديها علم الكون ممكن مع إنه غير واضح، وهو قابل للتحسين بجعل النظام بأكمله دينامكيًا … بالوسع أيضًا أن نتخيل سيناريو (عالم الأغشية) حيث لا تتمركز الجاذبية الخالية من الكتلة على الغشاء، ما يسمح للحياة ذات البعدين بالتمتع بالجاذبية رباعية الأبعاد».

الجاذبية والمدارات المستقرة ليست الشروط الوحيدة للحياة وليست الأهم عند استخدام التفكير الأنثروبي لشرح لماذا نحن في كون ثلاثي الأبعاد لوجود المراقبين. فمثلًا لا يمكن أن يمتلك حيوان ما مسارًا هضميًا في حيوان لأنه سيقسم الكائن إلى جزأين، على الأقل ليس المسار الذي اعتدنا عليه.

وتابع سكارجيل النظر في احتمال أن يكون الكون ذو البعدين (إضافةً إلى الزمن) معقدًا كفاية للسماح بوجود حياة معقدة، ونظر إلى الشبكات البيولوجية وأنشأ رسومات مسطحة تبدو أنها: «تظهر العديد من الخصائص التي يُفترض أنها مهمة للأدمغة المعقدة».

وقول إن هذا يدل على أن الأدمغة المعقدة قد توجد في بعدين، مع إن الحسم في ذلك سيحتاج إلى المزيد من العمل لمقارنة الرسومات المسطحة بالشبكات العصبية في العالم الحقيقي.

وأضاف: «إنها تقريبًا عالم صغير بالتحديد … فلديها بنية هرمية ووحدوية، وتظهر أدلة على تمدد (في المساحة) لنقطة حرجة في منطقة حرجة لعمليات عشوائية معينة».

هذه بالتأكيد فرضيات وتمرين فكري وحسب، دون القول أن الحياة في الأكوان ذات البعدين حقيقية. ولكنها تضع قيدًا على الحجج التي تقول أننا نتفاعل مع كون ثلاثي الأبعاد لأنه الوحيد القادر على دعم الحياة، فربما الحياة في البعدين قد تكون ممكنة أيضًا.

اقرأ أيضًا:

هل يمكن إيجاد نظرية فيزياء كمومية تساعد في تفسير الكون؟

يمكن لمحاكاة ثلاثية الأبعاد لسديم عين القط كشف أسرار هذا الجرم الكوني الرائع

ترجمة: حمداش رانية

تدقيق: محمد حسان عجك

مراجعة: باسل حميدي

المصدر