الكواكب القزمة: حقائق ومعلومات حول العوالم الصغيرة للأنظمة الشمسية
الكواكب القزمة هيَ عوالم صغيرة بما يكفي لتكون خارج تصنيف الكواكب المُكتملة ولكنَها أيضًا كبيرة ما يكفي لكي لا تقع في التصنيف الأدنى من الكواكب. في السنوات الأخيرة كان هناك جدلٌ دائر حول فقد كوكب بلوتو لمكانته في مجموعتنا الشمسية.
لم يعد بلوتو الكوكب التاسع في سلسلة الأجسام الكوكَبِيَة الرئيسية، ولكنّه أصبح الآن واحدًا من العديد من الكواكب القزمة.
يُقَدّر علماء الفلك أعداد الكواكب القزمة في مجموعتنا الشمسية وحزام كايبر بحوالي 200 كوكب قزم. ولكن من الوهلة الأولى لا تستطيع التفرقة بينَ الكواكب والكواكب القزمة.
الكواكب القزمة للمجموعة الشمسية
الاتحاد الدولي الفلكي يُعرّف الكوكب على أنّه كل ما يتحرك في مدار حول الشمس ولدَيهِ من الجاذبية ما يكفي لجذب كتلتهُ وجعلها في شكل دائري وهو ما يُسمى بالاتزان الهيدروستاتيكي، ويكون مداره أيضًا خاليًا من أي أجسام صغيرة أخرى. هذا المعيار الأخير هو ما يُفَرّق بين الكواكب والكواكب القزمة.
جاذبية الكواكب تجذب أو تدفع بعيدًا تلك الأجسام الصغيرة التي سوف تتقاطع مع مدارها، ولكن الكواكب القزمة لا تمتلك تلك الجاذبية التي تُمَكّنها من ذلك.
إعتبارًا من عام 2014، قام الاتحاد الدولي الفلكي بتعريف خمسة أسماء للكواكب القزمة: سِيريس، بلوتو، إِريس، هاومِيا، ميكميك.
الأجسام الأخرى للمجموعة الشمسية المحتمل أن تكون كواكب قزمة تتضمن سيدنا، كواور، العوالم الصغيرة البعيدة عن مدار بلوتو، 2012 VP113 واحد من الأجسام التي يعتقد أنها أبعد المدارات المكتشفة خلف ما يسمى بحافّة مجموعتنا الشمسية.
طبقًا لتقارير ناسا، فإنّ العلماء يعتقدون أنه ربما هناك المئات من الكواكب القزمة التي تنتظر من يكتشفها.
ومع ذلك، فإن الجدل الدائر حول حالة الكواكب القزمة، خاصة بلوتو، يبقى موضوعًا مثيرًا وواحدًا من الأشياء التي سيغذِّينا مسبار ناسا ” الآفاق الجديدة – New Horizons ” تلقائيًا بمعلومات عنها هذا الصيف. الشاغل الرئيسي ينبع من متطلبات الكوكب لإبعاد الأجسام المجاورة له وقدرته على ذلك.
“آلان ستيرن” الباحث الرئيسي لمشروع مسبار ناسا “NEW Horizons” في حوار له مع موقع Space.com في عام 2011 يقول: «بعيدًا عن أي فرع من فروع العلم لديّ اعتقاد قد يبدو سخيفًا بعض الشيء، النهر هو نهر، بغض النظر عمّا إذا كان هناك أنهارٌ بجواره أم لا.
نسمّي الأشياء في العلم استنادًا على صفاتها وليس إستنادًا على ما يجاورها».
تحدَّى ستيرن عالم الفيزياء الفلكيَّة “نيل تايسون” ليشارك في الجدل حول الحالة الكوكبيَّة لبلوتو في العام الماضي، ولكن تايسون لم يقبل الدعوة وشارك في مؤتمر علمي تحت اسم “جدل حول الكوكب العظيم” في عام 2008.
في أواخر 2014، كان هناك بثٌ شبكي لمركز هارفارد سميثسونيان للفيزياء الفلكية بعنوان “ما هو الكوكب؟” تواجد في هذا البث ثلاثة خبراء للنقاش حول تصنيف بلوتو. في ختام البث صوّت الجمهور في غرفة التصويت أنّ المُفَضّل الصغير لازال يحتفظ بلقب كوكب.
هل الكوكب القزم كيان منفصل عن الكوكب؟ أو بشكل مبسط هل يُمثّل تصنيفًا آخر عنه؟ قد لا نجد إجابة واضحة لهذا السؤال في المستقبل القريب.
سِيريس
سيريس هو أول الكواكب التي عُرِفَت بإسم الكواكب القزمة وأصغرها حاليًا. أُكتُشِفَ عام 1801 عن طريق فلكيّ من صقلية يُدعي “جيوزبي بيازي – Giuseppe Piazzi” معتمدًا على توقّعه بأنّ الفجوة بين كوكب المريخ والمشتري لابد وأن تحتوي على كوكب مفقود.
يبلغ قُطر سيريس 590 ميل (950 كم) ولديه كتلة تبلغ حوالي 0.015 % من كتلة كوكب الأرض.
في الواقع يعتبر سيريس صغير الحجم جدًا حتَّى أنهُ يُصَنَّف بكوكب قِزم وكويكب أيضًا، وغالبًا ما يُسمَّى في الأدب العلمي كواحد من أكبر الكويكبات في المجموعة الشمسية. على الرغم من أنّه يُمثّل حوالي ربع كتلة حزام الكويكبات إلا أنه أقل 14 مرة من كتلة بلوتو.
على عكس جيرانه من الكويكبات، يملك سيريس شكل مجسم كروي تقريبًا. الكوكب القزم الصخري قد يحتوي على الماء المثلج تحت قشرته. اكتشف المرصد الفضائي ” هيرشيل ” التابع لوكالة الفضاء الأوروبية بخار ماء يندفع من مناطق على سطح سيريس.
مهمة “الشفق – Dawn” الغير مأهولة لوكالة ناسا ستقوم باكتشاف سيريس بعد وصولها لهذا الكويكب/ الكوكب القزم في مارس من 2015.
بلوتو
بلوتو هوَ الأكثر شهرة في الكواكب القزمة. منذُ إكتشافه في عام 1930 وحتَّى عام 2006 كان يُصَنف كتاسع كوكب من الشمس. مدار بلوتو كان شاردًا جدًا ومع ذلك كان في بعض الأوقات أكثر قُربًا للشمس من الكوكب التاسع نبتون.
في عام 2006 ومع اكتشاف العديد من الأجسام الصخرية المشابهَه في حجم بلوتو أو أكبر منه، قرر الاتحاد الدولي الفلكي إعادة تصنيف بلوتو ككوكب قزم.
بالرغم من صِغَر حجمهُ – البالغ 0.2% من كتلة الأرض و 10% من كتلة القمر التابع لكوكب الأرض – فإن جاذبية بلوتو كافية لتمسك خمسة أقمار تدور حوله. الرابطه بين بلوتو وأكبر أقمارهُ “شارون” تُسمَّى “النظام الثنائي – Binary System” ذلك لأنَّهما يدوران حول نقطة مركزية تقع خارج بلوتو.
مهمة ناسا “New Horizons” تم إعدادُها لتصل نظام بلوتو وشارون في صيف 2015 وستكون أول مركبة فضائية تدرس أشهر الكواكب القزمة. استيقظت المركبة الفضائية من سُبات التِسع سنوات في شتاء 2014 وبدأت دراسة النظام من بعيد.
إريس
حينما اكتُشِف أول مرة، كان يُعتَقد أنّهُ أكبر الكواكب القزمة بكتلة تبلغ 27% أكبر من كتلة بلوتو وقُطر يبلغ حوالي 1400 إلى 1500 ميل (2300 إلى 2400 كم). كان اكتشاف إريس هوَ ما جعل الاتحاد الدولي الفلكي يقوم بإعادة تعريف الكوكب.
استمرت العديد من المشاهدات لتقترح أنّ الكوكب القزم هوَ أصغر بقليل من باقي جيرانه.
مدار إريس شاردٌ جدًا، حتّى أنّهُ يعبر مدار بلوتو ويتقاطع بشكل قريب مع كوكب نبتون، ولكنَّهُ مازال أكبر بثلاث مرات من مدار بلوتو.
فيستغرق إريس حوالي 557 أعوام ليُكمل دورة واحدة حول الشمس. في أبعد نقطة فيه عن الشمس والتي تُسمَّى أيضًا “الأوج” فإن إريس وتابعه يسافرون بعيدًا عن حزام كايبر.
هاوميا وميكميك
هاوميا وميكميك هما آخر الكواكب القزمة المسماة في المجموعة الشمسية.
هاوميا فريد من نوعه نتيجة لشكله البيضاويّ فقط ليُحقق مِعيار الإتزان الهيدروستاتيكي في حالة الكواكب القزمة.
الشكل المُطَوَّل للكوكب القزم هوَ نتيجة دورانه المحوريّ السريع وليس لنقصٍ في الكتلة والتي تعتبر ثُلث كتلة بلوتو. الكوكب القزم ذو الشكل السيجاري يُكمل دورة كاملة حول محوره كل أربع ساعات غالبًا نتيجة اصطدام. هذا الجِسم الغريب يمتلك بقعة حمراء وطبقة من بلورات الثلج.
أخيرًا هاوميا هو الجسم الوحيد في حزام كايبر- بجانب بلوتو- الذي يمتلك أكثر من قمر واحد.
يُعتبر ميكميك أيضًا فريدًا من نوعِه بالنسبة للكواكب القزمة كونَهُ الوحيد المُكتشف ولا يمتلك تابع. عدم إمتلاكَهُ لتابع يجعل من الصعب قياس كتلة ذلك الكوكب القزم، على الرغم من أنَّ قُطرهُ حوالي ثلثي قُطر بلوتو.
يُمَثِّل ميكميك قيمة في المجتمع الفلكي ذلكَ لأنّه كان سببًا آخر لإعادة النظر لتعريف الكوكب فكتلته وقطره المماثلين لبلوتو يضمنان كونَهُ كوكبًا إذا لم تنتزع تلك الصفة من بلوتو.
الكواكب القزمة كبلوتُويَّات
بلوتو، إريس، هاوميا، ميكميك يعرفون جميعًا كبلُوتُويّات على عكس الكوكب القزم سيريس. البلوتويّ هو كوكب قزم بمدار خارج مدار نبتون. البلوتويّات أحيانًا تُطلَق على الكواكب القزمة الثلجية نتيجة حجمها الصغير ودرجة حرارة سطحها المتجمد.
الكواكب الخارجية تظهر دليل التقاطع مع البلوتويَّات. تِريتون أكبرَ أقمار نبتون غالبًا هو بلوتويّ مُقَيّد الحركة، ومن المُحتمل أيضًا أن المَيل الغريب لأورانوس حولَ مِحوره هوَ نتيجة التصادم مع بلوتويّ.
وبالمثل للكواكب القزمة منَ المحتمل أن يكون هناك المئات من الأجسام البلوتويَّة في المجموعة الشمسية التي لم تُعطَ حتّى الآن أسماءً رسميًا.
ترجمة: محمد خالد عبدالرحمن
تدقيق: جعفر الجزيري
المصدر