الكريستال السائل حالة جديدة للمادّة اقترب العلماء من اكتشافها
عندما تتحرّك الالكترونات في أغلب المعادن فإنّها تتحركُ بشكلٍ فرديٍّ وحر بهدفِ توصيل الحرارة والكهرباء، ولكن اتّضح أنه في بعض الحالات النادرة من الممكن أن تتحرّك الالكترونات معًا بشكل مجموعة.وقد تم رصد هذا التأثير الغريب الذي يحدث في قطعة من مادة فائقة الموصليّة و مُضادة للانجذاب المغناطيسيّ بحيث تُجبَر على أن تكون في مكان ما من حالات المادة بين السائل أو البلّورة.
وقد استخدم فريق من معهد ماكس بلانك للفيزياء الكيميائيّة للمواد الصلبة، مركبًا مصنوع من طبقات (السيريوم – Cerium) و (الراديوم – Rhodium) و (الإنديوم – Indium)، صيغة هذا المركّب هي (CeRhIn5)، يسلك مسارات مجهريّة و مع إشعاعٍ مؤيّنٍ مركّز.
عندما يُطبّق حقلٌ مغناطيسيّ قويّ لأكثر من 30 تِسلا، تبدأ الإلكترونات بالتدفّق معًا في نفس الاتجاه، وتسمّى هذه المرحلة من المادة (نيماتيّة إلكترونيّة – Electronic Nematic) وهي حالة بين السائل والتبلور.ويقول المحقق المسؤول (فيليب مول – Phillip Moll): «إن هذا الأمر شبيهٌ بالأزمنة القديمة،عندما كان الناسُ يرسمون الخرائط بأيِ إتجاهٍ يخدمهم، أما هذه الحالة في شبيهة بالوقت الذي تم فيه توحيد الخرائط العالم و اختِيرَ الشمال بشكلٍ تعسفيّ كإتجاهٍ لجميع الخرائط».
ويعتقد العلماء بأن النيماتيّة الإلكترونيّة والموصليّة الفائقة مُرتبطتان بشكلٍ وثيق، فكِلا الحالتين تتدفق فيهما الإلكتروناتُ بلا مقاومة، وقد ولوحظت النيماتيّة الإلكترونيّة في بعض المواد ذات الموصليّة الفائقة كالمواد القائمة على الحديد واالنحاس.
وبكل الأحوال، في التجارب السابقة، لا يُمكن انشاء الحالتين بشكل مُستقل عن بعضهما البعض، ولهذا لم يتمكن الباحثون من تحديد العلاقة بين النيماتيّة الإلكترونيّة والموصليّة الفائقة سواء كانت تعاونيّةً، تعتمد على بعضها البعض أم غير مرتبطة.
الآن ومع كريستالة (CeRhIn5)، يمكن لكل حالةٍ منهما أن تبدأ بشكلٍ مستقلٍ عن الأخرى، وذلك عند وضع الكريستالة تحت ضغطٍ عالٍ فإنها تُظهر بوضوحٍ مدى التوصيل الفائق، وعند وضعها في مجال مغناطيسيّ بمقدار 45 تِسلا؛ فإنها تُظهر بوضوح النيماتيّة الإلكترونيّة، ومع ضبط الضغط والمجال المغناطيسيّ يصبح بإمكان الفريق التنقّل بين الحالات.وهذا يعني أنه يمكن أن تكون في وضعٍ فريدٍ لدراسة التفاعلات الممكنة بين كلا الحالتين.
وتقول طالبة الدكتوراه والباحثة (ماجا باكمان – Maja Bachmann): «هذا السؤال الأساسيّ في المواد التي تفاعلا فيها الإلكترونات كانت نقطة البداية لأطروحتي الدكتوراه.»
«هل يجب على الإلكترونات أن تقرر إما أن تقترن أو أن يذهب الجميع في اتجاه واحد؟، أو بعبارةٍ أخرى: هل الموصليّة الفائقة و النيماتيّة الإلكترونيّة ظاهراتان متنافستان، أم يمكن للتفاعل ذاته الذي يقود للاقتران أن يخلق حالةً نيماتيّةً أيضًا؟.»
الخطوة التالية في البحث هي محاولة حثّ الحالتين معًا ومراقبة كيفيّة دمج إحداهما في الأخرى.وقال الباحث (توني هيلم – Toni Helm): «نملك الآن عجلة التحكّم لضبط كلٍ من النيماتيّة والموصليّة الفائقة، واللعب مع هذه الحالات لنرى كيفيّة تفاعلها مع بعضها البعض، وهذا يجعل عملنا فريدًا».
- ترجمة: رامي الحرك
- تدقيق: رؤى درخباني
- تحرير: زيد أبو الرب