من قراصنة مُفوَّضين من الدولة إلى قراصنة خارجين عن القانون تمامًا، بنى هؤلاء القراصنة سمعتهم كغزاة مهيبين.
الأخوان بربروسا:
أصبح الأخوان عروج وخير الدين بربروسا (بمعنى اللحية الحمراء بالإيطالية) أثرياء من الاستيلاء على السفن الأوروبية في البحر الأبيض المتوسط، مُبحرين من الساحل البربري لشمال إفريقيا.
كانت أولى غنائمهم الأكثر ربحًا قداسات بابوية وسفينة حربية من سردينيا، وبدأوا في استهداف الإسبان ثَم فقد عروج ذراعه بمعركة معهم. بحلول عام 1516، عيَّن السلطان العثماني سليم الأول عروج مسؤولاً عن الساحل البربري (المغرب العربي حاليًا) بأكمله، وهو المنصب الذي تولاه خير الدين بعد ذلك بعامين بعد وفاة أخيه. أمضى خير الدين بقية أيامه في مُحاربة أعداء مسيحيين مختلفين، بما في ذلك أسطول “العصبة المقدسة” الذي شكله البابا خصيصًا لتدميره.
السير فرانسيس دريك:
كان فرانسيس دريك، من القراصنة المعروفين بـ(كلاب البحر) المُفوَّضين من الحكومة الإنجليزية لمهاجمة السفن الإسبانية، ولقبته الملكة إليزابيث الأولى بـ(قرصاني).
أبحر دريك في رحلته الأشهر من عام 1577 إلى عام 1580، ليصبح أول قبطان إنجليزي يُبحر حول العالم. في نفس الرحلة، فقَدَ أربعة من قواربه الخمسة، وأعدَمَ أحد مرؤوسيه بزعم التخطيط لعصيان، وداهم العديد من الموانئ الإسبانية واستولى على سفينة إسبانية مُحمَّلة بالكنوز، فمنحته الملكة إليزابيث لقب “فارس” فور عودته.
وبعد ثماني سنوات، ساعد دريك في هزيمة الأسطول الإسباني.
فرانسوا لولونييه:
اسمه الحقيقي جان ديفيد ناو، كان لولونييه واحدًا من العديد من قراصنة الكاريبي -وهم مزيج بين القراصنة المُفوَّضين والخارجين عن القانون- الذين أبحروا في البحر الكاريبي في منتصف القرن السابع عشر إلى أواخره.
يُعتقد أنّ لولونييه بدأ في مداهمة السفن الإسبانية والمستوطنات الساحلية -بانيًا سمعته بالقسوة والوحشية- بعد وقت قصير من وصوله خادم سخرة إلى منطقة البحر الكاريبي.
كتب ألكسندر إكزكيملين مُؤرِّخ القراصنة من القرن السابع عشر أنّ لولونييه كان يُقطِّع ضحاياه أشلاءً أو يضغط على حبل حول أعناقهم حتى تخرج عيونهم. يُقال إنّ لولونييه انتزع قلب رجل واخذ قضمة منه لمجرد الاشتباه بأنه غدره.
لسخرية القدر، قبضت عليه قبيلة أكلة للحوم البشر وأكلوه في العام 1668، بحسب ما يذكر إكزكيملين.
هنري مورغان:
قد يكون القرصان الأشهر في عصر قراصنة الكاريبي. يُزعم أنّ هنري مورغان أمر رجاله ذات مرة بحبس سكان بويرتو برينسيبي في كوبا داخل كنيسة حتى ينهبوا البلدة دون عوائق. انتقل بعد ذلك للهجوم على بورتو بيلو في بنما، احتلّ جزءًا منها بإنشاء درع بشري من الكهنة والنساء والحاكم. تبع ذلك خلال سنوات قليلة، غارات وحشية أخرى ضد بلدتين في فنزويلا وبنما العاصمة.
على الرغم من إلقاء القبض على مورغان لفترة وجيزة في عام 1672، انتهى به الأمر واليًا على جامايكا في عام 1678 ومرة أخرى من عام 1680 إلى عام 1682. ومن المفارقات أنّ المجلس التشريعي الجامايكي أصدر قانونًا لمكافحة القرصنة خلال فترة إدارته، وساعد مورغان في مقاضاة القرصنة.
الكابتن كيد:
أبحر الكابتن ويليام كيد -حين كان يومًا ما قسيسًا- مُفوَّضًا بمهمة مطاردة القراصنة في المحيط الهندي في عام 1696، لكن سرعان ما تحوّل إلى قرصان بنفسه، حيث استولى على سفن مثل كيداغ التجارية وقتل أحد مُستخدميه بدلو خشبي.
رافقه في رحلة العودة الى الوطن طاقم من الموتى، بسبب انشقاق هائل بسفينته. توقف في جزيرة غاردينرز بنيويورك ليدفن الكنز، لكنّه بعد أن تعارض مع شركة الهند الشرقية البريطانية القوية، قُبض على كيد قبل إعادته إلى إنجلترا. ثم حوكم وأُعدم، وعُرضت جثته المتحللة على ضفاف نهر التايمز كتحذير للقراصنة الآخرين.
بلاكبيرد:
اسمه الحقيقي إدوارد تيك، أخافَ بلاكبيرد أعداءه بلف فتائل دخانية في لحيته الطويلة المضفورة وبتعليق عدة مسدسات وخناجر على صدره.
في نوفمبر 1717 استولى على سفينة عَبيد فرنسية أطلق عليها فيما بعد اسم ثأر الملكة آن، وأعاد تجهيزها بأربعين بندقية، وبهذا العتاد الناري الإضافي حاصر ميناء تشارلستون بولاية ساوث كارولينا، حتى استجاب سكان المدينة لمطالبه بالحصول على صندوق كبير من الأدوية.
بعد أن بقي متخفيًا لبضعة أشهر في ولاية كارولينا الشمالية، قُتل بلاكبيرد في معركة مع البحرية البريطانية. تقول الأسطورة أنه تلقّى 20 طعنة وخمس إصابات بأعيرة نارية قبل أن يموت في النهاية.
لم تستمر حقبة القراصنة الكاريبيين الذهبية -كان بلاكبيرد جزءًا رئيسًا منها- سوى بضع سنوات بعده. لكن عددًا لا يحصى من الكتب والمسرحيات والأفلام -مثل رواية جزيرة الكنز وفيلم قراصنة الكاريبي- نُقلت لاحقًا نسخة مُحسنة من تلك الحقبة إلى أعين الجمهور.
كاليكو جاك:
جون راكام والمعروف باسم كاليكو جاك، تلقى عفوًا عن أعمال القراصنة السابقة في عام 1719. ومع ذلك، عاد إلى البحر في العام التالي بعد استيلائه على 12 مدفعًا شراعيًا من ميناء ناسو في جزر الباهاماس.
من بين العشرات من أتباع راكام كانت هناك المرأتان الوحيدتان على الإطلاق اللتان أبحرتا في مياه البحر الكاريبي. إحداهن آن بوني، التي تركت زوجها لتكون مع راكام، والأخرى ماري ريد، أبحرت لبعض الوقت متخفية في ملابس الرجال.
في أكتوبر 1720، فاجأ قارب صيد فرقة راكام وهم سكارى. يُعتقد أنّ المقاومين الوحيدين كانوا آن بوني وماري ريد وربما رجل واحد فقط. على الرغم من إعدام راكام في الشهر التالي، فإن زميلتيه تملصتا من حبل الجلاد بسبب الحمل. ماتت ماري ريد في السجن بعد فترة وجيزة، ولا أحد يعرف ما حل بآن بوني.
مدام تشينغ:
شكل تشينغ ييه زوج مدام تشينغ في عام 1805 اتحاد القراصنة الذي سرعان ما أصبح الأكبر من نوعه في التاريخ. بعد وفاته بعامين، استحوذت السيدة تشينغ على الشركة ووسعتها أكثر من ذلك، فقادت ما يقدر بـ 1800 سفينة و70,000 رجل في أوج قوتها.
بمساعدة تشونغ بو تساي الابن المتبنى لزوجها وعشيقها أيضًا، طالبت المجتمعات الساحلية بدفع أموال الحماية، وهاجمت السفن في بحر الصين الجنوبي، واختطفت ذات مرة سبعة بحارة بريطانيين.
حصلت المدام تشينغ على عفو عام 1810 عندما بدأت السلطات الصينية في قمع القراصنة. بعد أن كانت بائعة هوى في شبابها، عاشت سنواتها الذهبية وهي تدير عمليات كبيرة لتهريب الأفيون.
اقرأ أيضًا:
لماذا لا تستخدم أمريكا النظام المتري؟ الجواب لدى قراصنة الكاريبي
تاريخ الفايكنغ.. حقائق وأساطير
ترجمة: صفا روضان
تدقيق: لين الشيخ عبيد