حنة آرنت، وُلدت في 14 أكتوبر 1906 في هانوفر، ألمانيا، وتوفيت في ديسمبر 1975 في نيويورك، الولايات المتحدة، عالمة سياسية وفيلسوفة أمريكية من أصل ألماني، عُرفت بكتاباتها النقدية عن الشؤون اليهودية ودراستها للمذهب الشمولي.
ترعرعت آرنت في مدينتي هانوفر الألمانية وكالينينغراد الروسية. مع مطلع عام 1924 درست الفلسفة في جامعة ماربورغ، وجامعة فرايبورغ، وجامعة هايدلبرغ، وحصلت على درجة الدكتوراه في الفلسفة في هايدلبرغ سنة 1928. في ماربورغ، بدأت علاقةً رومانسية مع معلمها مارتن هيديجر دامت حتى عام 1928. سنة 1933، عندما انضم هيديجر إلى الحزب النازي وبدأ تنفيذ السياسات التعليمية النازية رئيسًا لجامعة فرايبورغ، اضطرت آرنت، كونها يهوديةً، إلى الفرار إلى باريس.
تزوجت حنة آرنت أستاذ الفلسفة هاينريش بلوكر سنة 1940، لتهرب مرةً أخرى من النازيين سنة 1941، إذ هاجرت مع زوجها إلى الولايات المتحدة.
استقرت آرنت في نيويورك وأصبحت مديرة أبحاث مؤتمر العلاقات اليهودية (1944-1946)، ورئيسة تحرير كتب شوكين (1946-1948)، والمديرة التنفيذية لشركة إعادة البناء الثقافي اليهودي (1949-1952)، التي سعت إلى إنقاذ الكتابات اليهودية التي حظرها النازيون. حصلت على الجنسية الأمريكية سنة 1951. درّست في جامعة شيكاغو بين عامي 1963 و1967 ثم في المدرسة الجديدة للبحوث الاجتماعية في نيويورك.
كان لكتابها «أسس الشمولية-1951» الفضل في شهرتها بوصفها مفكرةً سياسيةً كبيرة، تناول الكتاب معاداة السامية والإمبريالية والعنصرية في القرن التاسع عشر. كان نمو الشمولية من وجهة نظر آرنت نتيجةً لتفكك الدولة القومية التقليدية. إذ زعمت أن الأنظمة الشمولية -في سعيها لفرض السلطة السياسية المطلقة وإهمالها الاعتبارات المادية أو النفعية- أحدثت ثورةً في البنية الاجتماعية واستحالت تقريبًا توقع السياسة المعاصرة.
كتابها «الحالة الإنسانية» الذي نُشِر سنة 1958 هو معالجة منهجية واسعة النطاق لما أُطلق عليه «الحياة النشطة». دافعت عن القدوات التقليدية للعمل والمواطنة والعمل السياسي ضد ما عدّته هوسًا بالرفاهية الاجتماعية. ومثل أغلب أعمالها، كانت مدينة في أسلوبها الفلسفي بقدر عظيم لهيديجر.
في عملها المثير جدًا للجدل «إيخمان في القدس» (1963)، استندت إلى تقريرها عن محاكمة أدولف إيخمان مجرم الحرب النازي سنة 1961، زعمت آرنت أن جرائمه لم تكن ناتجة من شخصية شريرة أو فاسدة بل من «انعدام التفكير العميق»، إذ كان ببساطة بيروقراطيًا طموحًا لم يدرك خطورة أفعاله. وكان دوره في الإبادة الجماعية لليهود تجسيدًا لتفاهة الشر المخيفة التي تحدت كل الكلمات والفكر، وانتشرت في مختلف أنحاء أوروبا في ذلك الوقت.
أثار رفض حنة آرنت اعتبار إيخمان شرًا خالصًا اعتراضات عنيفة من المفكرين اليهود وغير اليهود. تجدد الجدل بعد 4 عقود من وفاة آرنت، إذ نُشر كتاب الكاتبة الألمانية بيتينا ستانجنيث «إيخمان قبل القدس: مجازر جماعية غير معروفة، 2014»، الذي استند جزئيًا إلى مصادر غير متاحة لآرنت. فنّد هذا الكتاب وصف «تفاهة الشر»، وأظهر أن إيخمان كان لفترة طويلة معاديًا للسامية بحق.
استأنفت آرنت الاتصال بهيديجر سنة 1950، ودافعت عنه في مقالات ومحاضرات لاحقة بحجة أن تورطه مع النازيين كان كبوة لفيلسوف عظيم. في أواخر القرن العشرين، بعد نشر عدد من الرسائل بين آرنت وهيديجر كُتبت بين عامي 1925 و1975، أقرَّ بعض العلماء أن ارتباط حنة آرنت الشخصي والفكري بمعلمها السابق دفعها إلى تجاهل مبادئه، وهذا لا يتوافق مع إدانتها لتعاون الآخرين مع الشر، إذ ظهر جليًّا في العديد من كتاباتها إصرارها على أن أي عمل يتضمن التصالح مع الشر هو عمل غير أخلاقي قطعًا.
من الأعمال الأخرى لآرنت «بين الماضي والمستقبل» (1961)، و«في الثورة» (1963)، و«رجال في أوقات حالكة» (1968)، و«عن العنف» (1970)، و«أزمات الجمهورية» (1972)، ونشرت لاحقًا صديقتها ومراسلتها ماري مكارثي مخطوطتها غير المكتملة «حياة العقل» سنة 1978. أما كتاب «المسؤولية والحكم»، الذي نشر سنة 2003 فيجمع مقالات ومحاضرات عن قضايا أخلاقية ترجع إلى السنوات التي تلت نشر كتابها «إيخمان في القدس».
اقرأ أيضًا:
روزا لوكسمبورج، حياتها وأعمالها ونشاطها الثوري
السيرة الشخصية للفيلسوف الألماني فريدريك إنجلز
ترجمة: زينب عثمان
تدقيق: أكرم محيي الدين
مراجعة: آية فحماوي