عندما ترسل نبضات مكثّفة من الضوء داخل حلقة رفيعة، ستحدث أشياء غريبة، وفقًا لبحث جديد مبني على النظير البصري للمعرض الهمسي (Whispering gallery).
في داخل حلقات صغيرة من الألياف الشّفافة، يمكن إجبار موجات الضوء على الانكسار وتغيير اتجاه ذبذبتها بطرق غريبة كاسرةً القوانين ومن المحتمل أن تمهّد الطريق أمام المهندسين لصنع تقنيات بصرية لا مثيل لها في المستقبل.
شاهد باحثون من المختبر الفيزيائي الوطني في بريطانيا وجامعة هيريوت وات في اسكتلندا الضوء وهو يكسر نمطه التناظري المعتاد داخل أجهزة تدعى (رنانات بصرية – optical ring resonators).
في الفيزياء، يمكن أن تتصرف الأمواج بطرق عجيبة عندما تتردد داخل فراغ ملائم مثل حالة صدى الصوت المرتد في قاعة أو ضوء يطارد ذيله في دائرة.
مثلًا في مكان ذي هندسة ملائمة كقبة كاتدرائية القديس بولس في لندن يمكن للجدران المقوّسة أن تنقل أصغر همسة تصدرها في أنحاء الغرفة.
بطريقة مشابهة، موجات الضوء المرسَلة خلال حلقة رفيعة من الليف البصري تتحرك أيضًا بطرق غير مألوفة، متجمعة إلى وحدات منفردة ذات خصائص غريبة.
مع أخذ هذا في عين الاعتبار، عدّل الباحثون عمل مرنان حلقة الألياف لدفع السلوك المتوقع للضوء إلى أقصى حد.
عادةً نبضة الضوء العادية تتبع قاعدة بسيطة خلافًا للصوت الذي يمكنك معرفته إذا سمعته مقلوبًا، لا يوجد فرق بين موجة ضوء ذاهبة للأمام أو للخلف نسبة للوقت.
هذا الأمر يسمى (تناظر انعكاس الوقت – time reversal symmetry)، وهو قاعدة مهمة من المحبذ أخذها بعين الاعتبار في التقنية البصرية.
في العام المنصرم جاء العلماء بطريقة لكسر سلوك الضوء نسبة للوقت بتطوير ما يبدو كالخيال العلمي (مكثف التدفق – flux capacitor)، وهو حلقة بصرية ذات اتجاه واحد للمساعدة في عزل معدات كميّة حساسة.
هذه المرة مع إرسال موجات إلى مرنان بطريقة لا تطيع فيها ذروة الموجة قوانين التناظر العادية، أظهر البحث الجديد مرة أخرى كيف يمكن للضوء تجاهل هذه القاعدة.
يقول المؤلف الرئيسي (فرانسوا كوبي – François Copie): «عند تزويد مرنان الحلقة بنبضات قصيرة، تصل النبضات الدائرة في المرنان قبل أو بعد النبضة الأم لا في الوقت نفسه بتاتًا».
الأمر المذهل حقًا كان كيف كسر الإعداد لهذه التجربة قاعدة أخرى تدعى (تناظر الاستقطاب – polarisation symmetry).
تتذبذب أمواج الضوء عموديًا مع اتجاه حركتها تمامًا كنقرة على الوتر.
إتجاه هذه الذبذبة يسمى (استقطاب الذبذبة)، وفي كلتا الحالتين يبقى الاستقطاب ثابتًا أثناء تحرك الموجة.
لا يحدث هذا بينما تطوف الموجة في الليف البصري، لأن وصف اتجاهها بيضاوي الشكل، كاسرةً القاعدة المعتادة وهي أن تبقى في مستوى واحد.
بالطبع لم تكسر هذه النتائج الفيزياء، وهذه القاعدة هي التي من المفترض أن تُكسر، وبينما نجد طرقًا جديدةً لنقل الضوء داخل مضامير متنوعة سنُجبَر على إعادة التفكير في قدراتها.
وهذا شيء مفيد مع وجود تقنيات حوسبة تعتمد على الضوء ذات سرعة وكفاءة أكبر في الحساب، وإيجاد طرق جديدة للسيطرة على مراوغات الضوء يعتبر ذا فائدة عملية كبيرة.
نُشر البحث على هذا الرابط.
- ترجمة: محمد دهامشة
- تدقيق: سلام طالب
- تحرير: تسنيم المنجّد
- المصدر
