الفوهة البركانية الأكبر والأكثر حامضية فى العالم
بداخل حفرة واسعة عرضها 20 كيلومتر فى شرق جزيرة جاوه Java – جزيرة بإندونسيا – يقبع مجمّع براكين (ييجن Ijen)، وهو عبارة عن مجموعة من البراكين المركّبة والتى تراكمت على مدى مئات الآلاف من السنين، من تصلّب طبقات الحمم والمواد البركانية الأخرى.
من ضمن مجموعة البراكين هذه يوجد بركان (كاواه Kawah)، الذى يشتهر بالتوهج الكهربائي الأزرق المذهل، والذى ينبثق منه بفضل الإمدادات المستمرة لغاز الكبريتيك، الذى يحترق بمجرد ملامسته للهواء. وهذه الحفرة تعتبر موطنا لجمال طبيعي آخر، وهو بحيرة الفيروز Turquoise Lake التى تحيطها حدود صفراء؛ فتعمل على جذب السكان المحليين لضفافها؛ لاستخراج الكبريت.
أعمال التعدين واستخراج الكبريت فى هذه المنطقة مهمات صعبة، وطبقا لـ (اندرا هاريسبوترا Indra Harsaputra) من صحيفة (جاكرتا بوست Jakarta Post) فإن دخل العمال اليومي يتراوح بين 5.5 إلى 13 دولار، وهذا فقط بعد أن يحملون حقائبهم المحملة بنحو 90 كيلوجراما من قطع الكبريت لمسافة 3 كيلومترات إلى معمل تكرير السكر المجاور فى وادى بولتودنج Pultuding Valley.
العمال يستخرجون الكبريت من فتحة نشطة على حافة البحيرة، وقد تم تركيب سلسلة من الأنابيب السيراميكية تحت هذه الفتحة؛ لتكون بمثابة قنوات لصعود الغازات البركانية إلى السطح، مما يؤدى إلى تكثيف الكبريت المنصهر. يُصب هذا الكبريت المنصهر ذو اللون الأحمر الغامق من خلال الأنابيب إلى الفتحة على السطح، ثم يتحول بعد ذلك إلى اللون الأصفر الفاتح بعد أن يبرد ويتجمع. يوجد نحو 200 من عمال المناجم يعملون فى هذه الحفرة يوميا، ويستخرجون نحو 20 بالمائة من امداداتها اليومية.
غيوم الغازات السامة التى تحيط بالبحيرة، تجعل منها بيئة جميلة ولكنها غير صحية، والبحيرة نفسها جميلة بشكل لا يصدق؛ فهى على عمق 182 متر، وتحتوى على 32 مليون متر مكعب من المياه الخضراء الفيروزية.
يقول (هاريسبوترا Harsaputra): ” حموضة المياه العالية تعطيها نكهة مريرة فريدة من نوعها “، كما أنه لا يُنصح بالسباحة فيها لأسباب واضحة، ولكن فى الآونة الأخيرة قام السائحون بأخذ قواربهم للإبحار بنحو 3 كيلومترات بطول النهر الذى ينبع من بحيرة فوهة البركان إلى نهر Banyu Pahit شرق جزيرة جاوه Java الاندنوسية. يقول (هاريسبوترا Harsaputra): “الرحلات النهرية تكون أكثر إثارة بسبب وجود 15 شلال. يجب اتخاذ الاحتياطات الواجبة لتجنب الوقوع فى النهر؛ حيث تسبب المياه الحماضية تهيج الجلد.”
وللأسف، فإن نهر Banyu Pahit الذى درجة حامضيته عالية، وملوَث بكميات كبيرة من المعادن مثل الحديد والألومونيوم من فوهة البركان؛ يُستخدم لرى مساحات واسعة من الأراضى الزراعية القريبة. درجة حموضة مياه النهر ما بين 2.5 و 3.5، وفقا لدراسة فى عام 2005 أجراها (أنيج لور Ansje J. Löhr)، وهو خبير فى الكيمياء البيئية من جامعة (أمستردام VU University Amsterdam) فى هولندا، ولتضح الصورة أكثر؛ فإن هيئة حماية البيئة فى استراليا NSW تُوصى بأن مستوى درجة الحموضة يكون ما بين 6.5 و 8.5.
مصطفى رزق
