الفلورين أو الفلور هو أكثر العناصر تفاعلية في الجدول الدوري، فله تاريخ من الحوادث العنيفة التي حصلت في أثناء محاولات البحث عنه. وعلى الرغم من خصائصه الخطيرة، فهو عنصر مهم للغاية للحيوانات والبشر، وهذا هو السبب وراء وجوده عادةً في ماء الشرب ومعاجين الأسنان.
حقائق عن الفلورين:
- العدد الذري (أي عدد البروتونات في نواته): 9
- الرمز الذري (أي رمزه في الجدول الدوري): F
- الوزن الذري (الوزن الوسطي لذرته): 18.998
- الكثافة: 0.001696 غرام لكل سنتيمتر مربع
- حالته الفيزيائية في درجة حرارة الغرفة: غاز
- درجة الانصهار: 363.32- فهرنهايت (219.62- درجة سيليزيوس)
- درجة الغليان: 306.62- فهرنهايت (188.12- درجة سليزيوس)
- عدد نظائره (أي الذرات التي لها نفس عدده الذري ولكن تمتلك عددًا مختلفًا من النيوترونات): 18
- أكثر نظائره شيوعًا: F-19 (يوجد في الطبيعة بنسبة 100%)
تاريخ الفلورين:
حاول العلماء عدة سنوات عزل عنصر الفلورين من مركبات الفلوريد العديدة، ولكن لم يحصل ذلك حتى عام 1986 حين تمكن الكيميائي الألماني كارل كريستي من تحضيره، ونشر نتائجه في مجلة Inorganic Chemistry.
لا يوجد الفلورين حرًا في الطبيعة، ولكن في عام 2012، وجد باحثون كميات قليلة من الفلورين في مادة الأنتوزونيت، وهي نوع من الفلوريت المشع.
استخدم الفلورسبار المعدني (الفلوريت) عدة قرون من الزمن في تنقية المعادن. ويعرف حاليًا باسم فلوريد الكالسيوم (CaF2)، وكان يستخدم صهارةً أو دفقًا flux لفصل المعادن النقية عن المعادن غير المرغوب فيها في المادة الخام. وأتت كلمة «فلور» من الكلمة اللاتينية “fluere” التي تعني «تدفق» لأن الفلورسبار يسمح للمعادن بالتدفق. وكان يطلق عليه أيضًا الزمرد البوهيمي، وكان يستخدم سابقًا في النقش على الزجاج.
حاول العديد من العلماء عقودًا من الزمن إجراء تجارب على الفلورسبار لفهم خصائصه وتركيبه جيدًا.
أنتج العلماء في تجاربهم حمض الفلور (المعروف حاليًا باسم هيدروفلوريك) وهو حمض خطير يتفاعل بقوة كبيرة. وتكفي قطرات قليلة منه على الجلد ليتسبب بالموت. وقد تسبب سابقًا بأذى عدة علماء، وإصابتهم بالعمى، بل ومات بعضهم في أثناء بعض من هذه التجارب.
في أوائل القرن التاسع عشر، تراسل العالمان أندريه ماري أمبير في فرنسا، وهمفري ديفي في إنجلترا حول إمكان وجود عنصر جديد في هذا الحمض. وفي عام 1813، أعلن العالم ديفي اكتشاف العنصر الجديد، وأطلق عليه اسم الفلورين بناءً على اقتراح العالم أمبير.
عزل الكيميائي الفرنسي هنري مواسان الفلورين أخيرًا في عام 1886 بعد تعرضه للتسمم عدة مرات في أثناء محاولاته. وحصل على جائزة نوبل في عام 1906 لعزله الفلورين بالتحليل الكهربائي لبيفلوريد البوتاسيوم الجاف (KHF2) وحمض الهيدروفلوريك الجاف.
استخدامات الفلورين:
استخدمت أملاح الفلورين أو الفلوريد، أعوامًا عديدة في اللحام وسنفرة الزجاج (جعله شفافًا). فمثلًا، يستخدم حمض الهيدروفلوريك للنقش على زجاج المصابيح الكهربائية.
الفلورين عنصر حيوي في مجال الطاقة النووية، إذ يستخدم لصناعة سادس فلوريد اليورانيوم، وهو ضروري لفصل نظائر اليورانيوم. ويستخدم غاز سادس فلوريد الكبريت لعزل محولات الكهرباء عالية الطاقة.
استخدمت مركبات الكلوروفلوروكربون (CFCs) سابقًا في الرذاذات، والثلاجات، ومكيفات الهواء، وتغليف المواد الغذائية، وطفايات الحريق. وحُظرت هذه الاستخدامات منذ عام 1996 لأنها تساهم في استنفاد طبقة الأوزون. وقبل عام 2009، استخدمت مركبات الكلوروفلوروكربون في أجهزة الاستنشاق لمرضى الربو، ولكن سحبت هذه الأنواع من أجهزة الاستنشاق تدريجيًا في عام 2013.
يستخدم الفلورين في العديد من المواد الكيميائية الفلورية، بما في ذلك المذيبات والمواد البلاستيكية المحضرة بالحرارة العالية مثل: التفلون Teflon (متعدد رباعي فلورو الإيثين PTFE). ويشتهر التفلون بخصائصه غير اللاصقة، ويستخدم في صناعة أواني القلي. ويستخدم أيضًا لعزل الكابلات والأشرطة المستخدمة في السباكة لصناعة نسيج Gore-Tex® المستخدم في الأحذية والملابس المقاومة للماء.
يضاف الفلورين إلى مياه المدن بنسبة جزء لكل مليون لمنع تسوس الأسنان. ويضاف العديد من مركبات الفلوريد إلى معاجين الأسنان لمنع تسوس الأسنان أيضًا.
تأثيرات الفلورين في الصحة والبيئة:
على الرغم من أن جميع البشر والحيوانات يتعرضون للفلورين، ويحتاجون إلى كميات ضئيلة منه، فإنه شديد السمية والخطورة بكميات كبيرة.
يوجد الفلورين طبيعيًا في الماء، والهواء، والأطعمة النباتية والحيوانية بكميات قليلة. وتوجد كميات أكبر من الفلورين في بعض المنتجات الغذائية مثل: الشاي والمحار.
في حين أن الكميات القليلة من الفلورين ضرورية للحفاظ على قوة عظامنا وأسناننا، فإن الإفراط في تناولها قد يكون له تأثير عكسي، فقد يتسبب بالإصابة بهشاشة العظام أو تسوس الأسنان، إضافةً إلى احتمال أذية الكلى، والأعصاب، والعضلات.
يُعد الفلورين خطيرًا للغاية في حالته الغازية. فقد تسبب الكميات القليلة من غاز الفلورين تهيجًا في العينين والأنف، في حين أن الكميات الكبيرة منه قد تكون قاتلة. وقد يكون حمض الهيدروفلوريك قاتلًا حتى عند التعرض لبقع صغيرة منه على الجلد.
الفلورين هو العنصر الثالث عشر الأكثر وفرة في الأرض، ويوجد عادةً في التربة، ويندمج بسهولة مع التراب، والصخور، والفحم، والطين. وقد تمتص النباتات الفلور من التربة، رغم أن التركيزات العالية قد تؤدي إلى تلفها. ويعد الذُّرة والمشمش، مثلًا، من النباتات الأكثر عرضة للتلف وضعف النمو عند تعرضها لمستويات مرتفعة من الفلورين.
نظرًا إلى أن الفلورين هو العنصر الأكثر تفاعلًا كيميائيًا، فيجب التعامل معه بحذر شديد لأنه قد ينفجر أحيانًا عند وجوده مع عناصر أخرى باستثناء الأكسجين والهيليوم والنيون والكريبتون.
تنفجر الألياف السلكية (الصوف الفولاذي) عند تعرضها للفلورين.
الفلورين هو أيضًا العنصر الأكثر كهرسلبية، أي إنه يجذب الإلكترونات بسهولة أكبر من أي عنصر آخر.
في المتوسط ، تبلغ كمية الفلورين في جسم الإنسان 3 مغ.
يستخرج الفلورين أساسًا في الصين، ومنغوليا، وروسيا، والمكسيك، وجنوب أفريقيا.
يتشكل الفلورين في النجوم المشابهة للشمس عند اقترابها من نهاية حياتها، وفقًا لمقال نُشر في عام 2014 في مجلة Astrophysical Journal Letters.
يتشكل العنصر تحت ضغط ودرجات حرارة مرتفعين داخل النجم عندما يتمدد ليصبح نجمًا عملاقًا أحمر. وعندما تُدفع الطبقات الخارجية للنجم مشكّلةً سديمًا كوكبيًا، ينتقل الفلور مع الغازات الأخرى إلى الوسط بين النجوم، ما يشكل في النهاية نجومًا وكواكبًا جديدة.
وفقًا لمجلة Journal of Chemistry، تحتوي نحو 25% من الأدوية، بما في ذلك أدوية السرطان، وأدوية الجهاز العصبي المركزي، والأدوية القلبية الوعائية، على بعض أشكال الفلور.
البحث الحالي:
على الرغم من أن الفلور قد يكون سامًا عند وجوده بتركيزات مرتفعة في الجسم، فإنه قد يكون مفيدًا عند استخدامه في أدوية السرطان، وفقًا لمقال نُشر في عام 2018 في مجلة Fluorine Chemistry.
وفقًا للبحث، فإن استبدال روابط الكربون والهيدروجين أو الكربون والأكسجين برابطة الكربون والفلورين في المادة الفعالة للدواء يُظهر عادةً تحسنًا في فاعليته بما في ذلك زيادة ثباته الاستقلابي، وزيادة قوة ارتباطه بالجزيئات المستهدفة، وزيادة نفاذيته للأغشية. ويأمل الباحثون أنه مع زيادة فاعلية الأدوية، إضافة إلى استخدام أدوية مستهدفة للورم أو أنظمة توصيل دوائية نوعية، يمكن تحسين جودة حياة مرضى السرطان بدرجة كبيرة مقارنة بالطرق التقليدية للعلاج مثل العلاج الكيميائي، الذي يستهدف كلًا من الخلايا الطبيعية والخلايا السرطانية.
اختُبر هذا الجيل الجديد من أدوية مكافحة السرطان، إضافة إلى مسابير الفلورين لتوصيل الأدوية، لمكافحة الخلايا الجذعية السرطانية، وكانت النتائج تبعث على التفاؤل في استهداف الخلايا الجذعية السرطانية ومكافحتها. وبناءً على الدراسة، وجد الباحثون أن الأدوية التي تحتوي على الفلورين أكثر فاعلية بعدة مرات لمكافحة الخلايا الجذعية السرطانية المختلفة، وأظهرت ثباتًا أفضل من الأدوية التقليدية لمكافحة السرطان.
اقرأ أيضًا:
ماذا يحدث عند نزع الفلوريد من ماء الشرب ؟
ترجمة: تيماء الخطيب
تدقيق: هادية أحمد زكي