قد يبدو الفطار الفطراني مثل طفح جلدي فطري، لكنه لا يحدث بسبب الفطور، بل يعد نوعًا نادرًا من الأورام التي تصيب الجلد، يُسمى أيضًا بلمفوما الخلايا التائية الولوعة بالبشرة أو الحبيبوم الفطراني.
يعد الفطار الفطراني حالة مزمنة إذ يتفاقم ببطء مع مرور الوقت، ولا يختلف عن السرطانات الأخرى في قابليته للانتشار إلى أجزاء أخرى من الجسم في مراحل لاحقة، كما في الجهاز الهضمي أو الكبد أو الدماغ.
يُعد التشخيص والعلاج المبكرين ضرورةً قصوى في هذا المرض المُهدد للحياة.
ما سبب الفطار الفطراني؟
لا نعرف سببًا دقيقًا للفطار الفطراني، فقد يبدأ المرض عندما يطرأ تحور جيني في الخلايا التائية لتتحول إلى خلايا سرطانية. وسبب حدوث التحور الجيني للخلايا التائية غير معروف، ولكن بحسب بعض الدراسات، قد تؤدي بعض الجراثيم أو الفيروسات أو المواد الكيميائية من البيئة دورًا.
وجد الباحثون في دراسة عام 2020 أن تكاثر نوع شائع من الجراثيم على الجلد (المكورات العنقودية المُذهبة) قد يؤدي إلى تغيرات في الخلايا التائية، وقد أظهر الأشخاص في هذه الدراسة تحسنًا في الأعراض عند تناول المضادات الحيوية التي قللت نسبة العنقوديات المذهبة على سطح الجلد.
تزيد العوامل الوراثية والعوامل الأخرى أيضًا خطر الإصابة بالفطار الفطراني، وقد تزيد بعض أنواع الطفرات الجينية أو الصبغية أيضًا من خطر الإصابة بهذا المرض الجلدي.
وجدت دراسة سريرية أن 18% من الأشخاص الذين يعانون الفطار الفطراني أو متلازمة سيزاري لديهم نفس الطفرات الجينية.
ما هي متلازمة سيزاري؟
تحدث متلازمة سيزاري عندما تشقّ الخلايا التائية الخبيثة طريقها إلى الدم من الجلد، يحدث هذا أحيانًا في المراحل المُتأخرة من الفطار الفطراني، لكن الأشخاص المصابين بمتلازمة سيزاري يميلون إلى حدوث هذا مع وجود هذه الخلايا في الدم في المراحل المبكرة أيضًا. متلازمة سيزاري شكلٌ أكثر عدوانية من اللمفومات التائية، وميزتها الرئيسية هي الإصابة بالأحمرية الجلدية، أي الاحمرار الذي يغطي أكثر من 90% من سطح الجلد. قد تبدو المتلازمة كالأكزيما في مراحلها المبكرة. ويعاني الأشخاص المصابون بمتلازمة سيزاري أيضًا:
- ألم.
- تورم في معظم أجزاء الجسم.
- حكة شديدة.
ما أعراض الفطار الفطراني؟
تشابه أعراض هذا المرض بعض الأمراض الجلدية الشائعة والأقل خطورة كالإكزيما أو الصداف، إذ يبدو كطفح جلدي أو بقعة متقشرة من الجلد طوال سنوات أو حتى عقود بسبب تفاقمه البطيء جدًا، ولهذا لا يسهل تشخيص المرض في البداية، بل قد يُعطة المصابين تشخيص حالة جلدية أخرى.
تختلف الأعراض وفقًا لمرحلة المرض، إذ يبدو الفطار الفطراني في البداية كحروق الشمس أو الطفح الجلدي الضيائي. يبدأ عادةً في منطقة من الجلد لا تتعرض لأشعة الشمس، كالظهر أو البطن أو الصدر أو الأرداف أو أعلى الفخذين. وقد يختلف لون الآفات الجلدية أيضًا من الأحمر إلى الأرجواني أو البني حسب لون البشرة. يتحول الطفح الجلدي في النهاية إلى بقع متقشرة ومسطحة تشبه أمراضًا جلديةً شائعة مثل الأكزيما أو الصداف، وقد تبدو مثل بقع ضيائية، يشيع هذا عند الأطفال والمراهقين والأشخاص ذوي البشرة الداكنة. ثم تتكاثف البقع وترتفع في النهاية لتصبح لويحات تبدو كالجلد السميك. قد تُسبب هذه اللويحات حكة وتشبه الأمراض الجلدية الأخرى الشائعة والأقل خطورة.
يسبب الفطار الفطراني لاحقًا أعراضًا جلدية أكثر حدة مع انتشار السرطان في الجسم، ويؤدي هذا إلى:
- طفح جلدي أكثر انتشارًا.
- بقع متقشرة.
- لويحات منتشرة.
- أورام مرتفعة على الجلد.
يؤدي الفطار الفطراني الذي تحول إلى متلازمة سيزاري إلى:
- تغير لون الجلد على نطاق واسع.
- تورم.
- تقشر.
- حكة شديدة.
- جلد أكثر سمكًا على راحة اليدين وباطن القدمين.
في المراحل المتأخرة من الفطار الفطراني تظهر أعراض جهازية وشعور عام بالمرض، إذ تنتشر الحالة في جميع أنحاء الجسم وتشمل الأعراض:
- التعب الشديد.
- الضعف.
- صعوبة البلع.
- السعال.
- الحمى.
- فقر الدم.
قد يتأثر الجهاز الهضمي والقلب أيضًا، وإذا وصلت الخلايا السرطانية إلى الدماغ، فقد يحدث تشوش رؤية.
ما هي مراحل الفطار الفطراني؟
قسّم الأطباء الفطار الفطراني إلى مراحل اعتمادًا على مدى تقدم المرض الجلدي والأعضاء الأخرى المتأثرة:
المرحلة الأولى:
تظهر فيها البقع أو اللويحات، لكن لا يحدث فيها انتشارًا إلى الدم أو العقد اللمفاوية أو الأعضاء الأخرى. وتُقسم بدورها إلى:
- 1A: تغطي البقع أو اللويحات أقل من 10% من مساحة الجسم.
- 1B: تغطي البقع أو اللويحات 10% أو أكثر من مساحة الجسم.
المرحلة الثانية:
تشمل المرحلة الأولى من ظهور البقع أو اللويحات على الجلد، إضافةً إلى ضخامة في العقد اللمفاوية ولكنها غير سرطانية. وتقسم بدورها إلى:
- 2A: لا توجد أورام على الجلد بعد.
- 2B: يوجد ورم واحد أو أكثر على الجلد.
المرحلة الثالثة:
يصبح أكثر من 80% من الجلد مصابًا بالاحمرار أو البقع أو اللويحات أو الأورام، وقد تتضخم العقد اللمفاوية لكنها ليست سرطانية، وتقسم إلى:
- 3A: لا توجد خلايا سرطانية في الدم بعد.
- 3B: يوجد عددٌ قليل من الخلايا السرطانية في الدم.
المرحلة الرابعة:
تُصبح معظم البشرة مصابة إضافة إلى وجود عدد كبير من خلايا سيزاري أو بدء السرطان في الانتشار. وتصنف إلى:
- 4A1: تكون العقد اللمفاوية متضخمة ولكنها غير سرطانية مع وجود عدد كبير من خلايا سيزاري في الدم.
- 4A2: قد يكون هناك سرطان في العقد اللمفاوية، لكنه لم ينتشر إلى أجزاء أخرى من الجسم.
- 4B: انتشرَ السرطان إلى أعضاء أخرى، مثل الكبد أو الطحال.
كيفية تشخيص الفطار الفطراني
يحتاج التشخيص اختبارات متعددة تشمل ما يلي:
- الفحوصات الجسدية.
- خزعات الجلد: تُفحص عينة من الجلد تحت المجهر.
- خزعات من العقد اللمفاوية أو الأنسجة.
- اختبارات الدم.
لا تؤكد خزعة الجلد أو فحص الدم التشخيص في بعض الحالات، ما يتطلب إجراء اختبارات أكثر، يفيد التصوير الطبقي المحوري في تحري إصابة باقي الأعضاء.
قد يوصي الطبيب أيضًا بإجراء اختبار جيني.
ما علاج الفطار الفطراني؟
يعتمد العلاج على مرحلة المرض، إذ يوجد حاليًا أكثر من 30 نوعًا مختلفًا من العلاجات. تساعد بعض العلاجات في السيطرة على الأعراض مثل ألم الجلد والتورم والحكة.
تشمل العلاجات القياسية والتدابير للمراحل المبكرة من المرض العلاجات الجلدية الموضعية مثل:
- العلاج الضوئي الكيميائي.
- العلاج بالأشعة فوق البنفسجية B.
- كريم الستيرويد الموضعي.
- العلاج بالريتينويد الفموي.
- الفصادة الضوئية.
- الإميكويمود.
تهدف العلاجات في المراحل اللاحقة من الفطار الفطراني إلى تقليص الأورام وإبطاء انتشار الخلايا السرطانية، ويشمل ذلك العلاج الداخلي والخارجي:
- حقن الإنترفيرون.
- العلاج الشعاعي.
- جل ميكلورثامين الموضعي.
- حقن mogamulizumab-kpkc.
- السيكلوسبورين.
- زراعة الخلايا الجذعية.
- brentuximab-vedotin.
- العلاج الكيميائي.
قد تسبب بعض العلاجات والأدوية الخاصة بالفطار الفطراني وأنواع أخرى من السرطانات آثارًا جانبية خطيرة قد تحدُّ من مقدار العلاج الذي يستطيع للمريض تلقيه.
ما هي التطلعات بخصوص الفطار الفطراني؟
لا يوجد علاج للفطار الفطراني الآن، لكن المرض بطيء التطور وتعتمد التوقعات على المرحلة والعلاج، إذ يكون 70% من الأشخاص المصابين في مرحلة مبكرة عند تشخيصهم. هذا يعني فرصةً أكبر لأن يكون العلاج فعالًا مع نتائج إيجابية. وتختلف معدلات النجاة بحسب المرحلة عند التشخيص والعلاج.
ووفقًا لمراجعة الدراسات لعام 2020، كانت معدلات النجاة مدة 5 سنوات (البُقيا) للأشخاص المصابين بالفطار الفطراني حسب المرحلة كالتالي:
- المرحلة 1B:نسبة 85.8%.
- المرحلة 2B: نسبة 62.2%.
- المرحلة 3A: نسبة 59.7%.
- المرحلة 3B: نسبة 54.0%.
- المرحلة 4A1: نسبة 52.5%.
- المرحلة 4A2: نسبة 34.0%.
- المرحلة 4B: نسبة 23.3%.
معظم العلاجات لها بعض الآثار الجانبية التي قد تسبب تغييرات في نمط الحياة والصحة العامة.
ما عوامل الخطورة للإصابة بالفطار الفطراني؟
رغم ندرة الفطار الفطراني، لكنه أكثر شيوعًا عند الرجال، وهو أكثر عند الأشخاص بعمر 40 عامًا أو أكبر.
معظم الأشخاص المصابين بالفطار الفطراني من العرق الأبيض، لكنّ معدل الوقوع أعلى بين السود، وبحسب مقال عام 2019 عانى السود أو الأمريكيين من أصل أفريقي أيضًا بداية مبكرة وتوقعات أقل وفقًا، وأسباب هذا التفاوت العرقي غير مفهومة جيدًا.
هل الفطار الفطراني معدي؟
الفطار الفطراني ليس معدٍ ولا يمكن أن ينتشر من شخص لآخر.
هل الفطار الفطراني وراثي؟
توجد طفرة جينية شائعة لدى بعض الأشخاص المصابين بالفطار الفطراني، لكنّه من غير المحتمل أن تكون موروثة أو تنتقل في العائلات.
الخلاصة
الفطار الفطراني نوع نادر من اللمفومات التائية الجلدية التي تبدأ في الجلد وقد تنتشر إلى الجسم. قد يكون التشخيص صعبًا لأنه يبدو غالبًا مثل الأمراض الجلدية الشائعة الأخرى كالإكزيما والصداف. لا يوجد علاج حاليًا لهذا المرض، لكنه ينمو ببطء خاصة في المراحل المبكرة، وقد تساعد أنواع العلاج المختلفة في تخفيف الأعراض.
اقرأ أيضًا:
العلاج بالضوء: 12 حالة يمكن علاجها به
لقاح للسرطان من شركة موديرنا يعالج سرطان الجلد لكنه لا يقي منه، كيف ذلك؟
ترجمة: هيا منصور
تدقيق: لين الشيخ عبيد
مراجعة: محمد حسان عجك