كشف بحث جديد بقيادة علماء فلك من جامعة ليستر عن تقلبات غير متوقعة في درجات الحرارة في الغلاف الجوي لكوكب نبتون خلال العقدين الماضيين.
استخدمت الدراسة ملاحظات الأطوال الموجية للأشعة تحت الحمراء الحرارية المنبعثة من طيف الضوء المرئي، واستطاعوا بذلك مراقبة الحرارة المنبعثة من الغلاف الجوي لنبتون بفعالية كبيرة.
دمج فريق دولي من الباحثين، منهم علماء من جامعة ليستر ومختبر الدفع النفاث التابع لناسا، صور الأشعة تحت الحمراء الحرارية لنبتون، التي جُمعت من مراصد متعددة على مدى عشرين عامًا، تشمل هذه المراصد التلسكوب الكبير التابع للمرصد الأوروبي الجنوبي وتلسكوب جيميني الجنوبي في تشيلي، وتلسكوبات سوبارو وكيك وجيميني الشمالي في هاواي، وتلسكوب سبيتزر الفضائي التابع لناسا.
بتحليل تلك البيانات، كشف الباحثون عن صورة أدق للتغيرات في درجات حرارة نبتون. أظهرت البيانات انخفاضًا في السطوع الحراري لنبتون منذ بدء التصوير الحراري الموثوق عام 2003، ما يشير إلى أن متوسط درجات الحرارة في طبقة الستراتوسفير لنبتون انخفضت نحو 8 درجات مئوية بين عامي 2003 و2018.
يقول الدكتور مايكل رومان من جامعة ليستر، المؤلف الرئيس للبحث: «كانت هذه التغييرات غير متوقعة، إذ راقبنا نبتون خلال أوائل الصيف الجنوبي، وتوقعنا أن تكون درجات الحرارة أدفأ وليس العكس».
لنبتون ميل محوري لذلك يمر بالفصول، مثل الأرض. ولبعده الكبير عن الشمس، يستغرق نبتون أكثر من 165 عامًا لإكمال دورة حولها، لذلك تعاقب فصوله ببطء، إذ يستغرق الفصل الواحد نحو 40 سنة أرضية.
يقول الدكتور جلين أورتن، المؤلف المشارك في الدراسة: «تغطي بياناتنا أقل من نصف موسم في نبتون، لذلك لم يكن أحد يتوقع رؤية تغيرات كبيرة وسريعة».
تكشف بيانات القطب الجنوبي لنبتون عن تغير جذري، مختلف ومثير للدهشة، إذ كشفت ملاحظات مرصد جيميني الشمالي عام 2019 وسوبارو عام 2022، أن طبقة الستراتوسفير القطبية لنبتون ارتفعت درجة حرارتها نحو 11 درجة مئوية بين عامي 2018 و2022، على عكس التوقعات السابقة، ولم يُلاحظ هذا الاحترار القطبي على كوكب نبتون سابقًا.
لا نعرف سبب هذه التغيرات غير المتوقعة في درجة حرارة الستراتوسفير حتى الآن، وتتحدى النتائج فهم العلماء لتقلبات الغلاف الجوي لنبتون.
يضيف الدكتور رومان: «قد تكون التغيرات في درجات الحرارة مرتبطة بالتغيرات الموسمية في تركيب الغلاف الجوي لنبتون، التي قد تؤثر في فعالية تبريد الغلاف الجوي، لكن التباين العشوائي في أنماط الطقس أو الاستجابة لدورة النشاط الشمسي مدة 11 عامًا، قد يكون له تأثير أيضًا».
اقتُرحت الدورة الشمسية التي تبلغ مدتها 11 عامًا -تتميز بالتباين الدوري في نشاط الشمس والبقع الشمسية- للتأثير في السطوع المرئي لنبتون. تكشف الدراسة الجديدة عن وجود علاقة محتملة، وإن كانت مؤقتة، بين النشاط الشمسي ودرجات حرارة الستراتوسفير وعدد السحب الساطعة التي شوهدت على نبتون. ما زلنا بحاجة إلى متابعة الملاحظات في درجات الحرارة وأنماط السحب لإجراء مزيد من التقييم في السنوات المقبلة.
قد يقدم تلسكوب جيمس ويب الفضائي المزيد من الإجابات، إذ سيراقب الكواكب الجليدية العملاقة أورانوس ونبتون، لاحقًا هذا العام.
سيقود لي فليتشر -المؤلف المشارك في هذه الدراسة، أستاذ علوم الكواكب من جامعة ليستر- هذه الملاحظات في الوقت المخصص لأدوات جيمس ويب. يقول فليتشر: «الحساسية الرائعة لأداة الأشعة تحت الحمراء المتوسطة لتلسكوب جيمس ويب، ستوفر خرائط جديدةً غير مسبوقة للكيمياء ودرجات الحرارة في الغلاف الجوي لنبتون، ما سيساعد على تحديد طبيعة التغيرات الأخيرة بصورة أفضل».
مولت هذه الدراسة منحة من مجلس البحوث الأوروبي بجامعة ليستر، المعروف بمشروع (GIANTCLIMES). اكتشف هذا المشروع سابقًا تغيرات بعيدة المدى في درجات حرارة الغلاف الجوي والسحب على عمالقة الغاز المشتري وزحل، وقدم الخرائط الأولى لدرجات حرارة الستراتوسفير لأورانوس، ومهد الطريق لجيمس ويب لاكتشافات جديدة على جميع الكواكب العملاقة الأربعة في السنوات القادمة.
اقرأ أيضًا:
نبتون: عملاق جليدي مع رياح تفوق سرعتها سرعة الصوت
كرات البرد الضخمة قد تخفي الأمونيا المفقودة على نبتون وأورانوس
ترجمة: أنور عبد العزيز الأديب
تدقيق: ميرفت الضاهر
