الغثيان إحساس غير مريح ومزعج، إذ يشعر المريض أنه على وشك التقيؤ، ويعد الغثيان مزمنًا إذا استمر فترةً طويلة. قد يكون الغثيان عرضًا لمرض كامن أو تأثيرًا جانبيًا لبعض الأدوية، لذا يجب على المصاب بالغثيان المستمر مراجعة الطبيب لتحديد السبب.
ما الغثيان المستمر؟
يوصف بأنه إحساس بالاضطراب والتوعك وانزعاج المعدة، وقد يرافقه التقيؤ أحيانًا.
الغثيان ليس مرضًا بحد ذاته، لكنه قد يكون عرضًا لإحدى الحالات الطبية، وقد ترافقه أعراض أخرى مثل:
- فرط إنتاج اللعاب.
- الدوار.
- خفة الرأس.
- اضطراب البلع.
- تغير حرارة الجلد.
- تسارع دقات القلب.
وفقًا لأطباء الأسرة الأمريكيين، يستمر الغثيان الحاد شهرًا أو أقل، أما المزمن فيستمر أكثر من شهر.
يسأل الطبيب عدة أسئلة تفصيلية عند تقييم المصاب بالغثيان المزمن، وذلك ليستطيع تحديد العامل المسبب لحالته. من هذه الأسئلة:
- متى بدأت حالة الغثيان؟
- ما معدل تكرار الحالة؟
- كم تستمر النوبة؟
- هل يليها تقيؤ؟ وكيف يبدو القيء؟
- هل ترافقه أعراض أخرى؟
أسباب شائعة:
الحمل:
تصاب النساء بالغثيان في نهاية الأسبوع التاسع من الحمل تقريبًا، وذلك وفقًا للكلية الأمريكية لأطباء الأمراض النسائية والتوليد.
تعاني غالبية الحوامل الغثيان والتقيؤ صباحًا، لكن ذلك قد يحدث في أي وقت من اليوم. هذه الحالة ليست مؤذية للجنين لكنها تؤثر سلبًا في حياة الحامل.
يتضمن الغثيان الخفيف في أثناء الحمل إحساسًا بغثيان مؤقت مع التقيؤ 2-3 مرات يوميًا، أما عند استمرار الغثيان عدة ساعات واقترانه بالتقيؤ المفرط فإن الحالة تُعد غثيانًا شديدًا.
فرط التقيؤ الحملي شكل شديد من أشكال الغثيان المرتبط بالحمل، والإصابة به تحتاج إلى البقاء في المشفى. وفقًا للكلية الأمريكية لأطباء الأمراض النسائية والتوليد فإن المصابات بفرط تقيؤ الحمل قد يخسرن 5% من وزن الحمل إضافةً إلى احتمال إصابتهن بالتجفاف.
ووفقًا لمنشور لجمعية أطباء الأسرة الأمريكيين، يجب على الأطباء اعتبار الحمل أحد الأسباب المحتملة للغثيان والتقيؤ عند المريضة في سن الحمل.
خزل المعدة:
تتقلص عضلات المعدة لإفراغ الطعام في الأمعاء الدقيقة في أثناء عملية الهضم، وحالة اضطراب عملية الإفراغ تُسمى خزل المعدة.
تشير إحدى الدراسات إلى أن خزل المعدة قد يسبب الأعراض التالية:
- الإحساس السريع بالشبع.
- ألم البطن.
- الانتفاخ.
- فقدان الوزن.
- التقيؤ بعد الوجبة بعدة ساعات.
يُعد الداء السكري والأدوية والعمليات الجراحية من الأسباب الشائعة لخزل المعدة، لكن قد يعجز الأطباء أحيانًا عن تحديد السبب.
انسداد الأمعاء:
يحدث انسداد الأمعاء عندما تنسد الأمعاء كليًا أو جزئيًا ما يمنع الطعام من الانتقال عبر الجهاز الهضمي.
يسبب انسداد الأمعاء الأعراض التالية:
- ألم البطن.
- غثيان.
- تقيؤ.
- إمساك.
- انتفاخ.
أسباب أقل شيوعًا:
قد تسبب عوامل أخرى الغثيان المستمر، ومنها الحالات الهضمية التالية:
- عسر الهضم.
- الارتجاع المعدي المريئي.
- القرحة الهضمية.
- متلازمة القولون المتهيج.
- عدم تحمل الطعام.
وفقًا لجمعية أطباء الأسرة الأمريكيين، لا يُعد الغثيان العرض الرئيسي أو الوحيد للحالات السابقة.
يشير تقرير حول تقدم الأساليب العلاجية للجهاز الهضمي إلى أن بعض الحالات النفسية قد تسبب غثيانًا مستمرًا، ومنها:
- اضطرابات القلق.
- اضطرابات الأكل.
- الاكتئاب.
قد تسبب بعض العوامل العصبية أيضًا الغثيان المستمر، مثل:
- نوبات الشقيقة المتكررة.
- ارتفاع التوتر داخل القحف بسبب كتلة أو خثرة دموية أو نزف.
- الاضطرابات المزيلة للنخاعين (الميالين).
- الاضطرابات النوبية.
قد تسبب حالة نادرة تسمى متلازمة التقيؤ الدوري نوبات من الغثيان المتكرر والتقيؤ والتعب.
أيضًا قد تسبب بعض الحالات الأذنية نوبات من الغثيان والدوار، ومن هذه الحالات داء منيير أو التهاب التيه.
قد يشكل الغثيان عرضًا جانبيًا لبعض الأدوية، مثل:
- الهرمونات (مثل حبوب تنظيم النسل).
- المضادات الحيوية.
- مضادات الفيروسات.
- مضادات الاختلاج.
- الأفيونات.
- النيكوتين.
- الأدوية المعدية المعوية.
- الأدوية القلبية الوعائية.
- الأدوية المستخدمة في علاج داء باركنسون.
قد يتوقف بعض الناس عن تناول الدواء إذا أصابهم بالغثيان، لكن تجب مراجعة الطبيب أولًا قبل تغيير الدواء أو التوقف عن تناوله.
الغثيان المستمر والسرطان:
وفقًا للجمعية الأمريكية للسرطان، قد يؤثر السرطان في الجهاز الهضمي أو مناطق الدماغ المسؤولة عن الهضم مسببًا غثيانًا مستمرًا.
مثلًا قد يعاني المصابون بسرطان المري الأعراض التالية:
- ألم أو انزعاج في البطن.
- غثيان أو تقيؤ.
- فقدان الشهية.
- التعب أو الوهن.
- خروج الدم مع القيء أو البراز.
- فقدان الوزن.
- الشعور بالامتلاء سريعًا عند تناول الطعام.
تتنوع الأعراض باختلاف نوع السرطان، وقد لا تظهر بعض الأورام أعراضًا واضحة في مراحلها المبكرة.
ووفقًا الجمعية الأمريكية للسرطان فإن إصابة مريض سرطان بالغثيان المتكرر يعتمد على مجموعة من العوامل، ومنها:
- نوع السرطان.
- نوع المعالجة التي تلقاها.
- أدوية أخرى تناولها سابقًا.
- الإمساك أو بطء الهضم.
- مشكلات في الأذن الداخلية.
- مستويات الكهارل.
- عدوى سابقة.
- الإجهاد أو القلق.
قد يسبب علاج السرطان الغثيان أيضًا، ويمكن تحديد احتمال الإصابة بالغثيان عند تعاطي الدواء بالنظر إلى مستوى شدة العلاج (شديد أو متوسط أو خفيف).
قد يتلقى المرضى أدوية لعلاج السرطان من آثارها الجانبية الغثيان أو التقيؤ، وعندها عليهم التواصل مع طبيبهم لمعرفة كيفية تجنب هذه الأعراض.
العلاج:
عندما يحدد الطبيب سبب الغثيان المستمر، يجب عليه علاج الحالة الداخلية المسببة. وقد يعالج الغثيان بالأدوية المضادة للتقيؤ.
من الأدوية ذات التأثير المضاد للتقيؤ:
تسبب بعض أنواع الأدوية مثل البينزوديازيبين الإدمان، لذا يُنصح بعدم وصف البينزوديازيبين مدة تتجاوز أسبوعًا أو أسبوعين كل مرة.
يجب علاج التجفاف أو اضطراب الكهارل عند الإصابة بالتقيؤ المتكرر نتيجة الغثيان المزمن.
العلاج المنزلي:
الزنجبيل:
أشار الباحثون إلى أن تناول 250 ميلليغرام مطحون من بذور الزنجبيل قبل الطعام أو قبل النوم قد يقلل الغثيان في أثناء الحمل.
تستطيع النساء المصابات بالغثيان المرتبط بالحمل تناول 250 ميلليغرام من الزنجبيل كل 6 ساعات، ومن الممكن تناول حتى 1000 ميلليغرام من الزنجبيل يوميًا دون الإصابة بأي أعراض جانبية.
قد يساعد الزنجبيل المرضى الذين يتلقون العلاج الكيميائي ويعانون الغثيان والإقياء، لكن نتائج الدراسات حوله متباينة، إذ أظهرت بعض الدراسات عدم وجود فرق بين تناول الزنجبيل أو تعاطي علاج وهمي، في حين وجدت دراسات أخرى أن الزنجبيل قلل حدة التقيؤ وتكراره.
النعنع:
أوضحت دراسة منشورة في مجلة التمريض الشاملة تأثيرات زيت النعنع الأساسية في حالة الغثيان التالي للجراحة، وشملت هذه الدراسة 35 امرأة مصابة بالغثيان التالي للولادة القيصرية.
مع أن الدراسة أجريت على عينة صغيرة، فإنها أظهرت أن استنشاق عبق النعنع يساعد على التخفيف من الغثيان التالي للجراحة، لكن النتائج ما زالت بحاجة إلى المزيد من الدراسات لتأكيدها.
فيتامين ب6:
قد يساعد فيتامين ب6 على تخفيف الغثيان في بداية الحمل، إذ أظهرت دراسة محدودة أن تناول 25 ميلليغرام منه كل 8 ساعات يفوق تأثير الدواء الوهمي.
متى تجب مراجعة الطبيب؟
وفقًا للجمعية الأمريكية للسرطان، قد يمنع الغثيان المريض من الحصول على الغذاء والماء الضروريين لجسمه.
يعجز البعض عن تناول الطعام أو الشراب عند إصابتهم بالغثيان، ما يسبب لهم التجفاف وسوء التغذية، إضافةً إلى أعراض خطيرة أخرى.
على المصاب بالغثيان المستمر مراجعة الطبيب عند:
- العجز عن الاحتفاظ بالسوائل داخل المعدة.
- الإصابة بتقيؤ مدة 24 ساعة أو أكثر.
ويجب التوجه إلى الطبيب عند الإصابة بما يلي:
- التعب.
- مشكلات في التركيز.
- تأخر شفاء الجروح.
- فقدان الوزن.
- ضعف الشهية أو فقدانها.
الخلاصة:
يصاب الناس بالغثيان المستمر لأسباب متنوعة، ويُعد الحمل وخزل المعدة وانسداد الأمعاء من أكثر هذه الأسباب شيوعًا.
تساعد الأدوية المضادة للغثيان والتقيؤ على التخفيف من الغثيان، إضافةً إلى العلاج المنزلي.
يجب على المصاب بالغثيان المستمر اللجوء إلى المساعدة الطبية، لأنه قد يكون علامةً على مرض باطني، إذ تعالج الأدوية المضادة للغثيان أعراض الغثيان المستمر فقط لكنها لا تعالج السبب الرئيسي.
اقرأ أيضًا:
الغثيان والقيء الناجم عن العلاج الكيميائي: الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج
لماذا نشعر بالغثيان والدوار أثناء السفر؟
ترجمة: علي ياسر جوهرة
تدقيق: غزل الكردي
مراجعة: أكرم محيي الدين