حذرت الأمم المتحدة في شهر أكتوبر من أن تركيزات الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي ستصل إلى مستويات قياسية جديدة في عام 2024، ما سيؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة في المستقبل لسنوات قادمة.
وقالت وكالة الطقس والمناخ التابعة للأمم المتحدة أن مستويات الغازات المسببة للاحتباس الحراري الثلاثة الرئيسية: ثاني أكسيد الكربون والميثان وأكسيد النيتروز ارتفعت مرة أخرى العام الماضي.
وأشارت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية إلى أن ثاني أكسيد الكربون يتراكم في الغلاف الجوي أسرع من أي وقت مضى، فقد ارتفع بنسبة تزيد عن 10% في عقدين من الزمن.
جاءت نشرة الغازات الدفيئة السنوية للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية قبل (قمة المناخ التابعة للأمم المتحدة – COP29) التي عقدت في باكو في الفترة من 11 إلى 22 نوفمبر 2024.
وقالت سيليست ساولو رئيسة المنظمة العالمية للأرصاد الجوية في بيان: «عام آخر يرافقه رقم قياسي آخر، وهذا من شأنه أن يدق ناقوس الخطر بين صناع القرار، ومن الواضح أننا بعيدون عن المسار الصحيح لتحقيق هدف اتفاقية باريس».
وبموجب اتفاقية باريس لعام 2015، وافقت البلدان على الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري عند أقل بكثير من درجتين مئويتين فوق متوسط المستويات المقاسة بين عامي 1850 و1900، و1.5 درجة مئوية إذا أمكن.
وقالت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية أنه مع استمرار الانبعاثات، فإن الغازات الدفيئة ستستمر في التراكم في الغلاف الجوي، ما سيرفع درجات الحرارة العالمية، وقد كانت درجات الحرارة العالمية على الأرض والبحر العام الماضي الأعلى في السجلات التي يعود تاريخها إلى عام 1850.
ونظرًا لطول فترة بقاء ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، فإن مستويات درجات الحرارة الحالية ستستمر لعقود من الزمن، حتى لو تقلصت الانبعاثات بسرعة إلى الصفر الصافي.
التأثير الحقيقي
بلغت تركيزات ثاني أكسيد الكربون 420 جزءًا في المليون في عام 2023، والميثان 1934 جزءًا في المليار، وأكسيد النيتروز 336 جزءًا في المليار. ويمثل هذا ارتفاعات بنسبة 151%، و265%، و125% على التوالي، عن مستويات ما قبل الصناعة أي قبل عام 1750.
وأضافت ساولو: «هذه أكثر من مجرد إحصائيات، لأن كل جزء في المليون وكل جزء من الدرجة من الزيادة في درجة الحرارة، له تأثير حقيقي على حياتنا وكوكبنا».
يشكل ثاني أكسيد الكربون نحو 64% من تأثير الاحتباس الحراري على المناخ. وأشار التقرير إلى أن زيادته السنوية البالغة 2.3 جزءًا في المليون، يشهدها العام الثاني عشر على التوالي بزيادة أكثر من جزأين في المليون، وهي سلسلة ناجمة عن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من الوقود الأحفوري الضخمة تاريخيًا في العقدين الأولين من القرن الحادي والعشرين.
ويزيد رقم العام الماضي بنسبة 11.4% عن 337.1 جزء في المليون المسجلة في عام 2004.
وقال التقرير: «يتراكم ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي بوتيرة أسرع من أي وقت مضى في أثناء الوجود البشري، وإن مستوى ثاني أكسيد الكربون الجوي الحالي أعلى بنسبة 51% من مستواه في عصر ما قبل الصناعة».
وأضافت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية: «إن آخر مرة شهدت فيها الأرض تركيزًا مماثلًا من ثاني أكسيد الكربون كانت قبل ثلاثة إلى خمسة ملايين عام، عندما كانت درجة الحرارة أعلى بنحو 2 إلى 3 درجات مئوية، وكان مستوى سطح البحر أعلى بنحو 10 إلى 20 مترًا مما هو عليه الآن».
إن أقل قليلًا من نصف انبعاثات ثاني أكسيد الكربون يبقى في الغلاف الجوي، بينما يُمتص الباقي من قبل النظم البيئية للمحيطات والبرية.
لكن نائبة رئيس المنظمة العالمية للأرصاد الجوية كو باريت، حذرت من أننا نواجه الآن حلقة مفرغة محتملة، إذ إن تغير المناخ نفسه قد يتسبب قريبًا في تحول النظم البيئية إلى مصادر أكبر للغازات الدفيئة المسببة للاحتباس الحراري.
وقد تؤدي حرائق الغابات إلى إطلاق المزيد من انبعاثات الكربون في الغلاف الجوي، في حين قد يمتص المحيط الأكثر دفئًا كمية أقل من ثاني أكسيد الكربون، وقد يبقى المزيد من ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي ويؤدي إلى تسريع الاحتباس الحراري العالمي، لذلك فإن ردود الفعل المناخية هذه تشكل مخاوف بالغة الأهمية للبشر.
اقرأ أيضًا:
تحويل الغازات الدفيئة وبقايا البلاستيك إلى وقود مستدام
الغازات الدفيئة تصل إلى مستويات غير مسبوقة رغم تدابير كوفيد 19
ترجمة: شهد حسن
تدقيق: تمام طعمة
مراجعة: باسل حميدي