يُفترض عادةً أن الذكور الذين يشعرون أنهم رجوليون أكثر ميلًا إلى ارتكاب أعمال العنف مقارنةً بالذين لا يهتمون بذكوريتهم. لكن تبين دراسة جديدة أن الرجال الذين يظنون أنهم لا يلبون معايير الرجولة المحسوسة في المجتمع ويشعرون بالضغط تجاه ذلك، يميلون إلى العنف بالقدر ذاته.

وجد الباحثون أن الرجال الذين يشعرون أنهم لا يستوفون معايير الرجولة في المجتمع ويشعرون بالاستياء حيال الأمر، يميلون إلى أعمال العنف والاعتداء بالأسلحة أكثر مقارنةً بالرجال الراضين عن ذكوريتهم.

يقول الباحثون إن تعرض الرجال عمومًا إلى تردي الحالة الصحية والإصابات أكبر من النساء، ويعزى ذلك على الأرجح إلى أنهم أكثر ميلًا إلى المخاطرة والتهور، إذ غالبًا ما تزيد عرضة الرجال إلى تعاطي المخدرات والإفراط في الشرب والقيادة بتهور وأعمال العنف وحمل الأسلحة مقارنةً بالنساء.

اختبر الباحثون فرضيتهم التي تقول أن سلوك المخاطرة لدى الرجال ينبع من قلة ثقتهم بشأن رجولتهم؛ فحينما يظن الرجل أنه أقل رجولةً وفقًا لمعايير المجتمع التقليدية، ويشعر بأن الآخرين ينظرون إليه بهذه الطريقة، يُطلق على حالته «تضارب الدور الجندري»، ويسمى الضغط الذي يشعر به نتيجةً لذلك «ضغط التضارب».
أجرى فريق من العلماء استبيانًا عبر الإنترنت عام 2012 بغية استقصاء إدراك 600 مشارك لمعايير الرجولة والمقدار الذي يستوفون به هذا الإدراك في نظر ذواتهم. حصل المشاركون على دولارين مقابل المشاركة وسئلوا عن مقدار شعورهم بالرجولة مقارنةً بالرجل العادي، تضمن الاستبيان أيضًا معلومات عن تعاطي المخدرات والسلوكيات العدوانية لدى المشاركين.

وجد الباحثون أن الرجال الذين تبين لديهم وجود ضغط تضارب عالٍ كانوا أكثر ميلًا إلى العنف مقارنةً بنظرائهم الذين لم يشعروا بالقلق تجاه رجولتهم. بيد أن احتمالية تعاطي المخدرات وشرب الكحول لم يختلف كثيرًا بين المجموعتين.

يقول باحث الدراسة الرئيسي وعالم السلوك دينيس ريدي من مركز مكافحة الأمراض والسيطرة عليها: «لم نقدم للمشاركين معايير محددة للذكورة، وكانت الرجولة في نظر بعضهم ترادف العنف أو فرط الرغبة الجنسية، في حين عدها البعض الآخر مرادفًا للزوج والأب الصالحين».

تراوحت أعمار المشاركين في الاستبيان بين 18 و50 عامًا، وكانت أعراقهم ومستويات دخلهم متماشية مع عامة سكان الولايات المتحدة؛ إذ كان 72% منهم قوقاز، و13% آسيويين، و7% من أصل أفريقي، و7% من أصل إسباني أو لاتيني.

بلغ متوسط الدخل السنوي لدى المشاركين 37,000 دولار، بيد أن الدخل الأكثر شيوعًا بينهم كان 55,000 دولار، وبدأت رواتبهم السنوية من 5,000 دولار إلى أكثر من 100,000 دولار. في حين كان متوسط أعمارهم 27.2 سنة، إلى جانب أنهم كانوا متعلمين أكثر من عامة الأمريكيين، إذ أكمل متوسطهم جزءًا من تعليمهم الجامعي على الأقل.

وجد الباحثون أن الرجال المصابين بتضارب الدور الجندري ولديهم ضغط تضارب عالٍ، انخرطوا في أعمال عنف تسببت بإصابات أكثر من نظرائهم بقرابة 348%.

يقول الباحثون: «تشير هذه النتائج إلى أن مكافحة ضغط التضارب قد تمنع بدورها ارتكاب أعمال العنف التي تعود بعواقب كبيرة على الضحية والمعتدي والمجتمع».

توصل الباحثون إلى أنه رغم وجود ارتباط قوي بين إدراك الرجولة لدى المشاركين وميلهم إلى العنف، فإنه لم توجد علاقة بين ضغط التضارب والمعدل اليومي لتعاطيهم المخدرات وشرب الكحول. لكنهم وجدوا أيضًا أن الرجال الذين يشعرون بأنهم أقل رجولة لكنهم ليسوا قلقين حيال ذلك كانوا أقل ميلًا إلى العنف أو القيادة تحت تأثير الكحول.

يرى الباحثون أن جهودنا المكرسة للتقليل من سلوكيات التهور لدى الرجال ينبغي أن تستهدف تأثير معايير المجتمع للرجولة فيهم، إضافةً إلى الطريقة التي قد تسبب بها هذه المعايير الشعور بالضغط لدى الصبيان والرجال.

فضلًا عن ذلك، تبين النتائج أن كل نوع من الرجال قد يتطلب استراتيجيةً مختلفة من المعالجة، مثل الذكور الذين يشعرون بأنهم رجوليين وأولئك الذين لا يعدون أنفسهم رجوليين ويشعرون بالاستياء بشأن ذلك.

اقرأ أيضًا:

لماذا نتصرف بعدوانية؟ ولماذا يصعب الكشف عن السلوك العدواني والتعامل معه؟

ما حقيقة ارتباط الأسلحة اللعبة بأعمال العنف المسلح؟

دور هرمون التستوستيرون لا يقتصر على العدوانية فقط بل يعزز السلوك الودي والاجتماعي

ترجمة: رحاب القاضي

تدقيق:بدور مارديني

مراجعة: باسل حميدي

المصدر