العمى الحركي (أكينيتوبسيا) حالة شديدة الندرة لم تُوثق سوى بحالات قليلة، لا يستطيع المصابون بهذه الحالة إدراك الأجسام المتحركة المرئية مع إنهم يستطيعون رؤية الأجسام الثابتة دون مشكلة. نكشف في هذا المقال ما يعلمه المجتمع العلمي عن العمى الحركي وأسبابه وأعراضه والتدابير المرتبطة به.

بالنسبة إلى المصاب تبدو الأجسام المتحركة مثل إطارات توقف الحركة في بكرة فيلم أو تختفي تمامًا، عدم القدرة على اكتشاف الحركة تسبب صعوبة في مهام يومية عدة، مثل القيادة، والطهي، ومشاهدة التلفاز. لا يوجد علاج معروف أو فعال لمرض العمى الحركي.

ما العمى الحركي؟

هو اضطراب نادر في الإدراك البصري سببه خلل في الدماغ وليس العين، لذلك يُسمى أحيانًا العمى الحركي المخي، وله صنفان:

 العمى الحركي المتذبذب:

الصنف الشائع، يُدرك فيه المصابون الحركة سلسلةً من الصور الثابتة أو مثل بكرة الفيلم، فإذا تخيلنا مثلًا قذف كرة في الهواء، سيرى الشخص ذو الرؤية الطبيعية الكرة تتحرك بقوس مستمر، لكن المصاب بالعمى الحركي المتذبذب سيرى الكرة تقفز من إطار لآخر، بالنسبة إلى المصاب تبدو الكرة كأنها تتحرك بالتصوير البطيء. تُسمى الرؤية ذات الضوء المضطرب. قد يعاني المصابون بهذا النوع من العمى الحركي التتبع البصري أيضًا. ما يعني أن الأجسام المتحركة تترك أثرًا من الصور اللاحقة.

 العمى الحركي المعمم:

النمط الأندر -والأشد- من العمى الحركي، وبخلاف المتذبذب، لا يرى المصابون هنا الأجسام المتحركة مثل بكرة الفيلم، فهم لا يمتلكون إدراك بصري للحركة مطلقًا، فقد يجعل المشهد غير مرئي في أثناء النظر من النافذة في سيارة متحركة، وعند صب الشاي قد يبدو السائل متجمدًا بدلًا من السيولة.

أعراض العمى الحركي:

تختلف أعراض العمى الحركي المخي اعتمادًا على نمط الحالة وشدتها، وتتضمن:

  •  عدم القدرة على إدراك الحركة: تُرى الأجسام الثابتة ولا تُرى الأجسام المتحركة.
  •  الرؤية ذات الضوء المضطرب: تقفز الأجسام من إطار لآخر، كبكرة الفيلم القديمة. قد تشبّه أيضًا بتحرك الجسم عبر غرفة ذات أضواء متوهجة.
  •  التتبع البصري (بالينوبسيا): تبقى نسخ من الصورة في الحقل البصري بعد توقف المحفزات المتحركة.
  •  عدم رؤية الحركة: تميل الأجسام المتحركة إلى الاختفاء أو التجمد.

أسباب العمى الحركي:

لا يُعرف سوى القليل حول الأسباب الدقيقة للإصابة بالعمى الحركي، نظرًا إلى قلة عدد الحالات المبلغ عنها. تشير الدراسات إلى ارتباط العمى الحركي بضعف الجزء المسؤول عن معالجة الحركة البصرية في الدماغ، تتضمن الأسباب المحتملة للضرر في هذا الجزء من الدماغ:

  •  السكتة الدماغية.
  •  الآفات الدماغية (الآفات القشرية).
  •  التأثيرات الجانبية للأدوية.
  •  إصابة الدماغ الرضية.
  •  الحالات التنكسية العصبية مثل داء ألزهايمر.

من في خطر للإصابة بالعمى الحركي؟

يصيب العمى الحركي الناس من كل الأعمار والأجناس والأعراق والإثنيات، وقد تزيد بعض الحالات من خطر الإصابة بالعمى الحركي، وتتضمن:

  •  أورام الدماغ.
  •  داء ألزهايمر.
  •  إصابة الدماغ الرضية.
  •  متلازمة ما بعد الارتجاج.
  •  التعرض للتحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة.
  •  استخدام مضادات اكتئاب معينة بجرعات عالية، مثل النيفازودون.

لا تحتم عوامل الخطورة هذه الإصابة بالعمى الحركي، فهي حالة شديدة الندرة. تجب مراجعة الطبيب عند القلق من تأثير علاج محدد على خطر الإصابة بالعمى الحركي.

ما الجزء الذي يصاب من الدماغ بالعمى الحركي؟

تُعرف المنطقة المحددة من الدماغ المسؤولة عن العمى الحركي بالباحة البصرية في القشرة الصدغية المتوسطة V5/MT. وهي جزء من قشرة الدماغ البصرية المتوضعة في الجانب الخلفي للدماغ في الطبقة الخارجية (القشرة المخية).

توجد الباحة البصرية على كلا جانبي الدماغ، وتنطوي معظم حالات العمى الحركي على تلف في كلا الجانبين (آفات ثنائية الجانب). لكن بعض الحالات لديها ضرر في جانب واحد (آفات أحادية الجانب).

تُعالج المناطق المختلفة من القشرة البصرية معلومات بصرية محددة. وتؤدي الباحة V5/MT دورًا كبيرًا في إدراك الحركة البصرية ومعالجتها، وتساعد أيضًا في توجيه بعض حركات العينين.

يُعد التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة TMS إجراءً يحاكي تأثيرات آفات الدماغ المؤقتة. تظهر دراسات TMS إمكانية تحريض العمى الحركي انتقائيًّا ومؤقتًا بتحفيز الباحة V5/MT لدى الأشخاص الأصحاء.

تشخيص العمى الحركي

من أجل تشخيص العمى الحركي، يُجري الطبيب فحصًا سريريًا شاملًا ويراجع القصة الطبية، ويسأل عن إصابات الرأس، واستخدام الأدوية، والحالات الصحية الأخرى. وقد يطلب فحوصات تصوير الأعصاب، مثل التصوير المقطعي المحوسب والرنين المغناطيسي، ما يساعد على استبعاد الحالات الأخرى. وقد تُطلب فحوص إضافية لتحديد الحالة الكامنة وراء العمى الحركي.

المضاعفات المحتملة للعمى الحركي

قد يسبب العمى الحركي ضائقة عاطفية شديدة تقلل من جودة حياة المريض، إذ تؤثر الحالة في قدرة الشخص على أداء المهام البسيطة اليومية مثل تحضير الطعام، وتمنعه القيادة، والسير في الطريق، والمشاركة في الألعاب الرياضية.

يسبب عدم القدرة على إدراك الحركة أيضًا صعوبة بمتابعة المحادثات لأن حركات الشفاه غير قابلة للكشف.

علاج العمى الحركي

يصعب علاج العمى الحركي لأنه نادر الحدوث وما زلنا نجهل الكثير عنه. ولا يوجد دواء معتمد لعلاج العمى الحركي. لكن حالة بحثية لمريض مصاب بالصرع الاختلاجي يعاني نوبات من العمى الحركي شهدت تحسنًا باستخدام الكاربامازيبين، في هذه الحالة ارتبط حدوث العمى الحركي بنوبات الصرع، لذلك فالكاربامازيبين قد لا ينفع الجميع.

يتعلم الناس التأقلم مع العمى الحركي غالبًا بمعالجة الأعراض، وتتضمن:

  •  إعادة التأهيل الدهليزي والبصري.
  •  تعلم الاعتماد على الحواس الأخرى، مثل السمع، وتقدير المسافة، والتواصل مع الآخرين.

اقرأ أيضًا:

حالةٌ غريبةٌ من العمى، هذه المرأة تعجز عن رؤية أي شيءٍ ما لم يتحرك

اضطراب التحويل: الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج

ترجمة: حيان الحكيم

تدقيق: محمد حسان عجك

المصدر