عادةً ما يتخذ المراهقون قراراتٍ أقلّ ما يُقال فيها بأنها خرقاء.
والآن نعرف السبب: لأن المناطق الذهنية في الدماغ والمسؤولة عن اتخاذ القرارات لا تكون قد نضجت بشكل كامل قبل سنّ الرُشد.
وهذا ما ينعكس سلبًا على قراراتهم التي يتخذونها دون النظر إلى عواقبها.
هنا نقدّم بضعَ نصائحَ للآباء عن كيفية تعليم أبنائهم مهارات اتخاذ القرارات الصائبة.
ثمة فرقٍ بين ما يعرفه المراهقون وبين ما يقومون به
يُبدي مُعظمُ الأطفال فهمًا مبكرًا لمفهومَي الخطأ والصواب في السلوك. وخلال عملية تطوّر اللغة لديهم، يكتسبون القدرة على التعليل لمَ لا تصحُّ بعضُ التصرّفات.
ورغم ذلك، فقد وُجدَ أنّ الأطفال والمراهقين يتخذون قراراتٍ طائشةً في حال شعورهم بالإكراه، أو بالضغط، أو لمجرّد إثارة إعجاب أقرانهم.
وهكذا فإنه من المنطقي أن نظنّ أن مراهقًا في الخامسة عشر من عمره لن يسرق حُكمًا، لكن ذلك المنطقَ قد يتلاشى في حال وجود المراهق مع مجموعةٍ من الأصدقاء الذين يدفعونه لفعل السرقة، فيرتكبه ليثير إعجابهم.
ويمكن تفسيرُ الفرق بين ما يعرفه المراهقون وبين ما يتصرّفونه من خلال “حالات البرود والحرارة”.
ففي “حالات البرود”، يتم اتخاذ القرارات في أوقات انخفاض الاستثارة العاطفية، وفيها يكون المراهقون قادرين على اتخاذ قرارتٍ منطقية وصائبة.
بينما في “حالات الحرارة”، يتم اتخاذ القرارات في أوقات الاستثارة العاطفية المرتفعة (الشعور بالإثارة أو القلق أو الغضب).
وفي هاته الحالات ينخرطُ المراهقون في تصرفاتٍ بالغة الخطورة ومستثيرة للأحاسيس، دون انضباطٍ يُذكر وبلا نظرٍ للعواقب.
التفسير البيولوجي لاتخاذ القرارات الطائشة لدى المراهقين
تُظهر الدراسات على الدماغ بأن الفصّ الجبهي –وهو الجزءُ المسؤول عن اتخاذ القرار، وضبط الاندفاع، وطلب الإثارة، والاستجابات العاطفية، والتفكير التتابعي– لا يُتمّ عملية النضج حتى الفترة الممتدة بين منتصف وأواخر سنّ العشرين.
والعلاقة بين نمو الدماغ واتخاذ القرارات السيئة، وخصوصًا في “حالات الحرارة” المُشار إليها آنفًا، تُسمّى بالنُضج النفسي.
وأثبتت الأبحاث أنّ المراهقين المتراوح أعمارهم بين سن 12 و17 عامًا غير ناضجين نفسيًا مقارنةً بمن هُم أكبر سنًا.
ويدفع عدم النضج النفسي ذلك المراهقين لسلوكياتٍ منها:
- طلب الإثارة في تصرفاتٍ خطيرة.
- اتخاذ قراراتهم بناءً على نزوات.
- التركيز على الاستفادة الآنيّة.
- صعوبة تأجيل المُتعة.
- الانصياع لضغط الأقران.
- غياب عواقب الفعل عن أذهانهم.
- درجات عالية من الاستثارة العاطفية.
توجيه المراهقين لاتّخاذ قراراتٍ صائبة
لا شيء أفضل من تعويد المراهقين على الاستقلالية مع منحهم الفُرص لاتخاذ قراراتٍ فعلية فيما يخصّهم، وبهذا ينشأون كأشخاص بالغين ذوي ثقةٍ بالنفس واستقرارٍ عاطفي واجتماعي.
على الرغم من معرفة الآباء بأن اتخاذ بعض القرارات السيئة هو جزءٌ لا يتجزأ من عملية النضوج، فإن معظمهم يريد حماية أبنائهم من اتخاذ قراراتٍ قد تُفضي إلى عواقبَ وخيمةٍ.
والشيء الجميل في الموضوع بأن اتخاذ القرارات الصائبة هو مهارةٌ يُمكن اكتسابها.
وهنا نضع بين أيديكم ستّ خطواتٍ يمكن للآباء تطبيقها لتشجيع أبنائهم على اتخاذ قرارتهم بشكلٍ أمثل:
- كونوا على اطلاعٍ بخصوص أي مناسباتٍ قادمةٍ قد تقدّم للمراهق عدة خياراتٍ. واستمعوا لتوقّعاتهم عن تلك المناسبات. (ومنها وجود الكحول).
- تناقشوا بخصوص مواقف قد تتضمن مخاطر أو قد تتطلب اتخاذ قرارٍ سديد (كتفويت القطار المتجه نحو البيت، أو في حالة شُرب الأصدقاء للكحول)، وقرروا معهم ما هي أفضل الخيارات وأسلمها للتعامل مع هاته المواقف.
- شجّعوا المراهقين على التفكير المتجرّد من حرارة اللحظة أو الموقف، لكي يتخذوا قراراتهم بعيدًا عن الضغط. (كأن يتجهوا للحمام، أو يُجروا مكالمةً، أو يُرسلوا برسالة لصديقٍ بخصوص ما هم فيه).
- وفّروا للمراهقين بوصلةً أخلاقيةً تُعينهم على اتخاذ قراراتهم بشكلٍ صائب. من الصعب أن تطلبوا من المراهقين مقاربةَ جميع الاحتمالات أو العواقب المستتبعة لأيّ موقف قبل اتخاذ قراراتهم، ولكن شجّعوهم على التفكّر فيما إذا كان الفعل الذي سيُقدمون عليه جديرًا بإخباركم به. (وتساؤلٌ كـ”هل يمكنني إخبار بابا أو ماما بما أنا مُقدمٌ عليه؟” قد يردعُ المراهق عن ارتكاب ما لا يُحمد عُقباه).
- ذكّروا المراهقين بأنْ يطلبوا المساعدة متى احتاجوها، إذْ أنهم ليسوا في حاجةٍ لاتخاذ قراراتٍ خطيرةٍ لوحدهم. واحرصوا على أنْ يكون لديهم أرقام أشخاصٍ ثقاتٍ يُمكن التواصل معهم في حالاتٍ جدّية. (إخوانهم، أخواتهم، والديهم، أقاربهم).
- استفيدوا من الأخطاء المُرتكبة كفرص تعليمية. واردٌ جدًا أنْ يرتكب المراهقون بعض الأخطاء في التصرف أو القرارات. ويمكنكم كآباءٍ أن تستفيدوا من هذه التجارب المُعاشة لطرح نقاشٍ معهم عمّا سبب المشكلة، وكيفية تفادي حدوث هكذا أخطاء في المستقبل ولاتخاذ قراراتٍ سديدة.
- ترجمة: رامي أبو زرد
- تدقيق: جعفر الجزيري
- المصدر