العلم كسبيل لتوحيد البشريّة نحو هدفٍ سامٍ
لا يخفى على أحدٍ درسَ العلوم في حياته أنّ هنالك شيء خاص تتفرّد به العلوم التّجريبيّة عن غيرها. في العلم لا توجد مذاهب، ولا يوجد نزاعات عرقيّة، ولا يوجد تفسيرات يتبعها شخص معيّن لأنّه ولد في دولة معيّنة أو في منطقة معيّنة. في العلم التّجريبي لا يوجد شرقي ولا غربي، أسود أو أبيض، تقيّ أو شقيّ.. هنالك فقط حقائق ودلالات.
الخلافات التي تنشأ بين العلماء غالبًا ما تكون نتيجة لغموضٍ أو شحّ في الأدلّة، وغالبًا ما تنتهي سريعًا حالما تظهر أدلّة جديدة للعيان. الذي يحسم الخلاف ليس كثرة العدد، ولا جهور الصّوت. لا السّلاح، ولا التسلّط.. إنّما قوّة الأدلّة وتناغمها.
العلم والأبحاث التي تتمّ في الصّين أو الهند لا تختلف جوهرًا عن العلم والأبحاث التي تتمّ في العراق، مصر، السّويد، أو كندا.
السّبب المركزي وراء هذه المكانة العالميّة التي تحصّلت عليها العلوم – السّبب وراء تفوّقها على حدود العرق، السّياسة، والدّين – هو أنّها لا تُمرّر إلى الأجيال القادمة من العلماء عبر الحفظ والتّلقين ولا تُسلّم من الأب إلى إبنه أو من الأستاذ إلى طالبه على أنّها حقائق مطلقة لا مراء ولا جدال فيها، والسّؤال عنها ممنوع ومحجور. إنّما ينطلق العلم من التّجربة، تكرار التّجربة، التثبّت، وإعادة التثبّت من جهات مستقلّة. ما يُميّز العلم التّجريبي هو أنّه يضع نظريّاته وفرضيّاته لأصعب الإختبارات، لتجارب متزايدة في التّعقيد، الصّرامة، والدقّة.ولهذا نرى أنّ العلم قد يكون سبيلاً – ربّما شبه مثالي – لتوحيد البشريّة نحو هدفٍ سام. هذا لا يعني أنّ علينا أن نتخلّى عن كلّ الأمور التي هي خارج إطار العلم التّجريبي (مثل الموسيقى، الأدب، أو الفلسفة).. ولكنّه يعني أنّ على العلم والمنطق العلمي أن يتّخذ أولويّة مركزيّة في حياتنا. هذا يعني أنّ على العلم أن يكون المرجع الأوّل في كثيرٍ من القرارات الهامّة التي نتّخذها كأفراد ومجتمعات.