يُعد وجود شبكة داعمة من الأصدقاء والأقارب أمرًا هامًا لعدة أسباب، ويعده الكثيرون ضروريًا لنمط حياة مُرضٍ.

بينت دراسة حديثة أن عدم الرضى عن العلاقات الاجتماعية يؤدي إلى عدة مشكلات صحية في مراحل مختلفة من الحياة ويمكن أن تكون أكثر ضررًا على الفرد من سوء النظام الغذائي أو الخمول البدني.

أشارت الدراسات السابقة إلى التأثير السلبي للوحدة والعزلة على صحة الفرد، وقد أشارت إحداها إلى أن هذا يسبب معدل وفيات مشابه تقريبًا للتدخين. ومع ذلك، تعد الدراسة التي نُشرت في مجلة الأكاديمية الوطنية للعلوم، الأولى في تتبع الآثار الجسدية للبعد الاجتماعي في مراحل مختلفة من حياة الفرد.

من أجل ذلك، جمع باحثون من جامعة نورث كارولينا بيانات من أربع دراسات كبيرة تمثيلية على المستوى الوطني قدمت معلومات عن الحياة الاجتماعية لـ 1400 مشارك، جرى التركيز على جانبين مميزين من البيئة الاجتماعية للأشخاص وهما حجم شبكة علاقاتهم ونوعية هذه العلاقات. حُدد العامل الثاني بملاحظة تصنيف الأشخاص علاقاتهم على أنها داعمة أو انتقادية أو محبة أو مزعجة أو جدلية.

قورنت هذه المعلومات مع البيانات المتعلقة بسلسلة من المؤشرات الحيوية التي جرى قياسها موضوعيًا مثل ضغط الدم الانقباضي والانبساطي ومحيط الخصر ومؤشر كتلة الجسم. ما يثير اهتمام الباحثين على نحو خاص هو الطريقة التي تتغير بها هذه الخصائص مع مرور الأشخاص بمراحل الحياة الأربع: المراهقة والشباب والبلوغ المتوسط والبلوغ المتأخر.

أظهرت النتائج أن حجم الشبكة الاجتماعية للمراهق أكثر أهمية من نوعية العلاقات وأن الوحدة خلال هذه الفترة تزيد خطر الإصابة بالالتهاب بمقدار الخمول الجسدي نفسه. مع أن الالتهاب يعد جزءًا مهمًا من عملية الشفاء الطبيعية للجسم، فإن الالتهاب المفرط يمكن أن يؤدي إلى تلف الخلايا مؤديًا إلى مجموعة واسعة من الحالات المزمنة.

وبالمثل، وُجِدَ أن شعور الوحدة في نهاية سن البلوغ يؤدي إلى زيادة خطر الإصابة بارتفاع الضغط الشرياني أكثر من خطر الإصابة بمرض السكري.

ما يثير الاهتمام أن أولئك يميلون في منتصف سن البلوغ إلى التأثر بنوعية علاقاتهم الاجتماعية أكثر من حجم هذه العلاقات. إذ تؤدي العلاقات غير المرغوب فيها إلى زيادة احتمالية الإصابة بالسمنة، توصّل العلماء إلى أن الاندماج الاجتماعي له أهمية كبيرة خلال المراحل المبكرة والمتأخرة من الحياة، بينما يعد مستوى الدعم المقدم من الأقران الدافع السائد للصحة الجسدية في منتصف العمر.

أحد التفسيرات التي قدمها مؤلفو الدراسة لذلك أن أولئك الأشخاص في منتصف العمر يميلون إلى تكوين عدد كبير من العلاقات مع الوالدين والأطفال وزملاء العمل والآخرين، ما يعني أنه من غير الممكن أن يعانوا مشاعر الوحدة. بالإضافة إلى ذلك، تعد هذه التفاعلات أكثر إرهاقًا خلال هذه الفترة من عمر الشخص، ما يؤدي إلى تفاقم آثار العلاقات غير الصحية.

قالت كلير يانج المؤلفة في الدراسة معلقةً على هذه النتائج: «إن الأشخاص الذين يسعون إلى الحفاظ على صحة جيدة طوال الحياة يجب أن يتأكدوا من اتباعهم نظامًا غذائيًا صحيًا وجيدًا وممارسة التمارين الرياضية، ولكن يجب أيضًا أن يتمتعوا بحياة اجتماعية جيدة وتواصل مع الآخرين».

اقرأ أيضًا:

الوحدة: أسبابها ومخاطرها وكيفية التأقلم معها

الشعور بالاكتئاب أو الوحدة يمكن أن يسرع الشيخوخة أكثر من التدخين

ترجمة: آية عبد الفتاح

تدقيق: تسنيم المنجد

المصدر