تُعد مواجهة المقربين منا بشأن سلوك مزعج بدر منهم أمرًا صعبًا للغاية، مثلًا، أن يتركنا الشريك نغسل الأطباق مرة أخرى، أو توجيه أحد الأصدقاء المقربين كلامًا غير لطيف لنا في حفل.
قد يكون من المجدي أحيانًا والأسهل لنا اللجوء إلى أسلوب «المعاملة الصامتة»، أي الانعزال أو الرد بردود قصيرة، أو حتى رفض الاعتراف بالشخص الآخر، بدلًا من المجازفة بإثارة خلاف محتمل معه.
هل ينجح العلاج بالصمت فعلًا؟
يعتمد الجواب على الغاية المرجوة منه. قال بول شرودت، خبير التواصل في جامعة تكساس: « إذا كانت الغاية إيصال الفكرة للشخص الآخر بشأن انزعاجنا، دون اهتمام بإحداث تغيير فعلي في العلاقة، فالإجابة نعم. غالبًا ما تلفت المعاملة بالصمت انتباه الشخص الآخر، وسيلاحظ معظم الشركاء أو أفراد العائلة حين يتحول التعامل معهم بأسلوب بارد».
قالت خبيرة التواصل الأسري في جامعة فرجينيا كريستين ريتينور: «بخلاف جذب انتباه المتلقي، فمن المرجح أن تُحدث المعاملة الصامتة شعورًا بخيبة الأمل أكثر من إحداثها أي تغيير. يملك المتلقي كل هذه الأسئلة دون أجوبة، فقد تُرِكوا يتساءلون عن سبب الخطأ وماذا فعلوا للتسبب به».
قال شرودت: «حتى عندما يستنتج الشريك سبب الخلاف، فإن العلاج الصامت يفشل في إيجاد حلول للمشكلات الدفينة الضمنية في العلاقات، وكثيرًا ما يفاقمها بدلًا من إصلاحها. غالبًا سيغسل الشريك الأطباق في الليلة التالية، وقد يعتذر الصديق عما بدر منه، لكن مقابل ماذا؟».
لو أصبحت المعاملة الصامتة أسلوبًا للتعامل في مشكلات العلاقة، فقد تلحق الضرر والأذى النفسي لكلا الطرفين.
أجرت ريتينور وفريق من الباحثين دراسة على الآباء وأطفالهم البالغين، كشفت النتائج التي نُشرت عام 2017، أن الأشخاص الذين اتبعوا أسلوب المعاملة الصامتة مع الآباء كانوا أقل احترامًا للذات، مقارنةً بمن شاركوا استراتيجيات مباشرة أكثر. الأشخاص الذين أبلغوا أن آباءهم اتبعوا معهم هذه المعاملة، غالبًا ما كانوا أقل رضا عن آبائهم وكان لديهم ميل أقل للتحكم ضمن العلاقة.
بينت دراسة أخرى أن الشركاء في العلاقات الذين استخدموا المعاملة الصامتة كانوا أقل التزامًا بالعلاقة. قالت ريتينور: «يؤدي اتباع أسلوب المعاملة الصامتة في العلاقة إلى المخاطرة بأن يشعر الطرف الآخر بمشاعر سلبية تجاه الأمر، ما يؤدي إلى الانسحاب من العلاقة».
«بدلًا من جعل الشخص الآخر يتساءل عن الخطأ الذي ارتكبه، يُفضل إيجاد حلول للمشكلات مباشرةً، وإن نتج من ذلك خلافات. معالجة النزاع بصراحة ووضوح –لكن دون اللجوء إلى سلوكيات سلبية مثل الاحتجاج أو الصراخ أو العقاب الشخص الآخر- تقوّي العلاقات. تشمل السلوكيات الفعالة الاستماع والتعاون لحل المشكلات، ومحاولة تقبل الخلافات. لكن يجب الاعتراف أولًا بوجود خطأ».
من الصعب أن يكون التواصل عاطفيًّا ورقيقًا في ذروة الخلاف. قالت ريتينور إنه في هذا الوقت، من الجيد الابتعاد عن الخلافات والتحلي بالهدوء، واقترحت قول عبارات مثل: «أخشى أن أتكلم في الوقت الحالي وأخطئ التعبير لأنني منزعج فعلًا» أو «أحتاج إلى بعض الوقت للتفكير بالأمر أكثر».
الفارق بين النمط الصحي للصمت والنمط غير الصحي هو التواصل. قالت ريتينور: «إنه الطريقة الأكثر نجاحًا وفعالية لحماية أنفسنا وتجنب إيذاء الآخرين».
اقرأ أيضًا:
كيف تتصرف عندما يعاملك شخص بأسلوب الصمت العقابي
ترجمة: رغد شاهين
تدقيق: أكرم محيي الدين