أظهرت دراسة أُجريت في جامعة بافالو الأمريكية أن العلاج بالتستوستيرون قد يؤدي إلى تحسن حالة الرجال المصابين بالداء السكري من النمط الثاني أو حتى تحقيق شفاء تام من المرض. خلصت الدراسة إلى أن التستوستيرون (هرمون الذكورة) عكَس الحالة المرضية في ثلث المشاركين في التجارب السريرية، ويُعتقد أن التحسن يحدث بفضل عكس الهرمون لمقاومة الجسم للإنسولين، ما قد يحقق نقلة نوعية في علاج الداء السكري.
أظهرت الدراسة التي أُجريت على مدى 11 عامًا أن استخدام التستوستيرون علاجًا عكَس الداء السكري من النمط الثاني في ثلث المشاركين في الدراسة.
أوضح البروفيسور باريش داندونا الأستاذ في جامعة ولاية نيويورك وأحد المشرفين على الدراسة، أن استخدام التستوستيرون استخدامًا مناسبًا قد يمكنّنا من عكس مقاومة الجسم للإنسولين، ما يساعد على تراجع الداء السكري من النمط الثاني. نُشرت نتائج الدراسة في مجلة أمراض السكري والبدانة الإلكترونية في يونيو، وقدم البروفيسور داندونا بيانات الدراسة إلى الندوة السنوية لمؤسسة موهان للسكري في تشيناي- الهند في 25 يوليو، ليحصل على جائزة الإنجاز مدى الحياة من المنظمة.
يحدث الداء السكري من النمط الثاني نتيجة مقاومة الجسم للإنسولين ونقص إنتاج الإنسولين من البنكرياس، ما يؤدي إلى ارتفاع مستوى السكر في الدم، ويُعد الداء السّكري من النمط الثاني مرضًا شائعًا إذ تُشخص أكثر من 3 ملايين حالة جديدة سنويًا في الولايات المتحدة، وقد أظهرت الفحوصات المخبرية انخفاض تركيز هرمون التستوستيرون عند 33% من الرجال المصابين بالداء السكري من النمط الثاني.
اكتشف فريق باريش داندونا وجود متلازمة قصور الغدد التناسلية عند مرضى الداء السكري من النمط الثاني في بحث أُجري عام 2004، ثم تبين في 2010 أن انتشار هذه المتلازمة عند مرضى الداء السكري أكبر مما كان يُعتقد سابقًا، وقد يبلغ 25% من المرضى، وبذلك يكون الداء السكري والبدانة السبب الرئيسي لقصور الغدد التناسلية عند الذكور، وقد أثبتت الأبحاث التي أجراها الفريق عام 2016 أن هؤلاء المرضى لديهم مقاومة إضافية للإنسولين، قابلة للعكس عند استخدام علاج التستوستيرون.
يساهم نقص هرمون التستوستيرون، الذي يُطلق عليه أيضًا «قصور الغدد التناسلية الذكرية» في تقليل استجابة الإنسولين لمستويات غلوكوز الدم المرتفعة، وزيادة مقاومة الجسم للإنسولين، ما يؤدي إلى ظهور الداء السكري من النمط الثاني.
شملت الدراسة 356 رجلًا في عيادة أمراض المسالك البولية على مدى 11 عامًا. تلقى جميع المرضى العلاج الروتيني للداء السكري، وتلقى 178 رجلًا منهم متوسط أعمارهم 62 عامًا غرامًا واحدًا من هرمون التستوستيرون حقنًا تحت الجلد كل 12 أسبوعًا، في حين يمثل 178 شخصًا الباقين المجموعة الضابطة.
درس الباحثون العديد من المعطيات الأخرى، مثل الطول والوزن ومحيط الخصر وضغط الدم ومستوى الهيموغلوبين والغلوكوز الصائم والخضاب الغلوكوزي (الغلوكوز التراكمي، أي متوسط مستوى الغلوكوز في الدم على مدى 6-12 أسبوعًا) ومستويات الإنسولين ومعدل ضربات القلب والتستوستيرون الكلي، مع تقييم جودة الحياة باستخدام مقياس أعراض الشيخوخة، وتقييم وظيفة الانتصاب. دُرست هذه المقاييس السريرية مرتين على الأقل سنويًا على مدى 11 عامًا.
أظهرت النتائج أن الرجال الذين عولجوا بهرمون التستوستيرون حدث لديهم انخفاض كبير ودائم في وزن الجسم والغلوكوز والخضاب الغلوكوزي ومستويات الإنسولين عند الصيام، في حين ارتفعت مستويات الغلوكوز والخضاب الغلوكوزي والإنسولين عند الصيام لدى المجموعة الضابطة.
شُفي ثلث الرجال (34.3%) الذين عولجوا بهرمون التستوستيرون من الداء السكري، وحقق ما يقرب من نصفهم (46.6%) مستويات غلوكوز طبيعية، وحقق 83.1% منهم مستويات خضاب غلوكوزي طبيعية، في حين لم يحدث أي تحسن في مستويات الغلوكوز والخضاب الغلوكوزي أو أي تراجع للداء السكري في المجموعة الضابطة. وكان معدل الوفيات واحتشاء العضلة القلبية والسكتات الدماغية واختلاطات الداء السكري أقل في المجموعة المُعالَجة بالتستوستيرون.
رغم النتائج المشجعة ما نزال بحاجة إلى المزيد من التجارب العشوائية لتأكيد هذه النتائج، وإحدى هذه التجارب قد بدأت بالفعل.
اقرأ أيضًا:
ما الفرق بين داء السكري من النمط الأول والنمط الثاني؟
هل يسمح لمرضى النمط الثاني من داء السكري تناول العسل؟
إعداد: د. محمد الأبرص
تدقيق: نغم رابي
مراجعة: أكرم محيي الدين