يتساءل بعض الناس لماذا لا يمكنهم التحدث عن مشكلاتهم مع أفراد العائلة أو الأصدقاء فقط؟ إليك الإجابة: لأن المعالجين النفسيين يقدمون لك أكثر من مجرد مكان للفضفضة، فهم يساعدونك على تحسين حياتك بسبب سنوات أمضوها في التدريب واكتساب الخبرة.
ما مدى فعالية العلاج النفسي؟
وجدت مئات الدراسات أن العلاج النفسي يساعد الأشخاص على إحداث تغييرات إيجابية في حياتهم، وتظهر مراجعات هذه الدراسات أن حوالي 75% من الأشخاص الذين يخضعون للعلاج النفسي يظهرون بعض الفوائد، كما أظهرت مراجعات أخرى أن الشخص العادي الذي يخضع للعلاج النفسي يكون أفضل حالًا في نهاية العلاج من 80% ممن لا يتلقون العلاج على الإطلاق.
ما آلية عمل العلاج النفسي؟
العلاج الناجح هو تضافر ثلاثة عوامل معًا:
- الممارسة القائمة على الأدلة.
- خبرة المعالج السريرية.
- الخصائص والقيم والثقافة والتفضيلات الخاصة بك.
يبدأ الناس العلاج النفسي وهم يشعرون أن محنتهم سترافقهم للأبد، فيساعدهم العلاج على فهم ما يمكنهم فعله لتحسين أوضاعهم، ما يؤدي إلى تغييرات تعزّز السلوك الصحي لديهم، سواء عن طريق تحسين علاقاتهم أو تعبيرهم عن مشاعرهم أو العمل أو الدراسة، أو التفكير بإيجابية أكبر.
تستجيب بعض المشكلات لنمط معين من العلاج، لكن تبقى تحالفية العلاج في العلاقة بينك وبين معالجك هي النقطة الحاسمة.
ماذا لو شعرت أن العلاج النفسي لا يفيدك؟
عندما بدأتَ العلاج النفسي، عمل معالجك معك غالبًا لتطوير الأهداف ووضع جدول زمني صارم للمعالجة، مع سير العملية عليك أن تسأل نفسك: هل شعرت أن معالجك قد فهمك؟ هل كانت خطة العلاج مناسبة لك ومنطقية؟ هل كنت تشعر بأنك تحرز تقدمًا؟
يشعر البعض بالتحسن بعد مضي حوالي 6 إلى 12 جلسة، إذا لم تبدأ برؤية علامات التقدم ناقش الأمر مع المعالج فهو متفهّم تمامًا، لن يحاكمك أو يشعرك بأي إهانة، بل قد يخوض معك محادثة حول ما يمكن القيام به في هذه الحالة، أو قد تبدؤها أنت إذا لم يفعل هو، كأن تسأله على سبيل المثال عن طرق علاج إضافية أو بديلة.
مع تقدم سير العلاج النفسي، ضع في ذهنك أنك قد تشعر بالإرهاق أو الغضب أو الحزن أو الارتباك أكثر مما شعرت به في بداية العلاج، وهذا لا يعني أن العلاج غير فعّال، بل قد يعني أن معالجك يدفعك لمواجهة الحقائق الصعبة أو العمل بجدٍ لإجراء التغيير المطلوب، في مثل هذه الحالات تكون المشاعر القوية دليل نضج وليست دليل تراجع، تذكر أن الأمور في بعض الأحيان تسوء قبل أن تتحسن.
من المؤكد أن العلاقة بين المريض والمعالج في بعض الحالات لا تكون جيدة كما ينبغي، ويجب أن يتمكن المعالج من التعامل مع الأمر.
إذا لم يرحك تشخيص معالجك الخاص لمشكلاتك فقد تستفيد من الحصول على رأي معالج آخر، لكن عليك أن تخبر معالجك الأصلي بأنك تفعل ذلك، وإذا لم يتحسن الأمر قد تقرران معًا أن الوقت قد حان لبدء العمل مع معالج جديد، لا تأخذ الأمر على محمل شخصي فهو لا يتعلق بك، الأمر مجرد عدم انسجام، وأنك بحاجة إلى معالج تنسجم معه أكثر بسبب أهمية التحالف العلاجي في نجاج العلاج النفسي.
لا تتوقف عن الذهاب إلى معالجك الأول بشكل مفاجئ، بل أخبره أنك ستكفّ عن حضور الجلسات وأخبره بالسبب الذي دفعك للقيام بذلك، سيحيلك بدوره إلى معالج آخر وسيتمنى لك حظًا طيبًا وسيحثّك على عدم التخلي عن العلاج النفسي لمجرد أن المحاولة الأولى لم تكن جيدة ، ولا تنسَ أن تخبر معالجك الجديد عما لم يجدِ معك نفعًا مع المعالج القديم، لتضمن انسجامًا أفضل معه.
كيف أعرف أن العلاج قد انتهى؟
قد تفكر أن العلاج النفسي هو الالتزام لسنوات بالجلسات الأسبوعية، لكنه في الحقيقة ليس كذلك.
كم مدة العلاج؟
تعتمد المدة على عدة عوامل: نوع المشكلة أو الاضطراب، وخصائص المريض وتاريخه، وأهداف المريض، والأشياء التي تحدث في حياة المريض خارج جلسات العلاج، ومدى سرعة المريض في إحراز التقدم.
البعض يشعر بالراحة بعد جلسة واحدة فقط، قد تعطيك الجلسات مع المعالج منظورًا جديدًا، وتساعدك على رؤية المواقف بشكل مختلف وتخفف ألمك.
يجد معظم الأشخاص بعض الفوائد بعد بضع جلسات فقط، خاصةً إذا كانوا يعملون على مشكلة واحدة محددة جيدًا ولم ينتظروا وقتًا طويلًا قبل طلب المساعدة.
العلاج النفسي فعال إذا كنت تعاني قلقًا شديدًا، على سبيل المثال: قد تشعر بالتحسن لأنك تفعل ما يخلق لك أملًا بأن الأمور ستتغير، قد يقدم معالجك منظورًا جديدًا للعلاج في وقت مبكر، ما يمنحك فهمًا جديدًا لمشكلتك، وحتى إذا لم تختف المشكلة بعد بضع جلسات، فقد تشعر بالثقة لأنك تحرز تقدمًا في حلّها وتتعلم مهارات التأقلم الجديدة التي ستكون خير مساعد لك في المستقبل.
آخرون يستغرقون وقتًا أطول، ربما سنة أو سنتين قبل الاستفادة من العلاج النفسي، قد يعود السبب إلى الصدمات الكبيرة التي عانوها أو قد يكون لديهم مشكلات متعددة، أو قد يكونون غير مدركين لما يجعلهم سعداء فقط، من المهم أن تلتزم بالعلاج النفسي فترة طويلة وكافية، وأن تعطيه فرصته ليغير حياتك.
قد يحتاج المصابون بمرض عقلي خطير أو تغيرات مهمة أخرى في الحياة إلى علاج نفسي مستمر، يمكن أن توفر الجلسات المنتظمة الدعم الذي يحتاجون إليه للحفاظ على أدائهم اليومي.
يواصل آخرون العلاج النفسي حتى بعد حل المشكلات التي أحضرتهم إلى عيادة المعالج بادئ الأمر، وذلك لأنهم يواصلون تجربة رؤى جديدة ورفاهية مُحسَّنة وأداء أفضل.
كيف أعرف أنني مستعد للتوقف عن العلاج؟
العلاج النفسي ليس التزامًا مدى الحياة.
في إحدى الدراسات الكلاسيكية، تحسن نصف مرضى العلاج النفسي بعد 8 جلسات، وتحسن 75% منهم بعد 6 أشهر.
ستقرر أنت ومعالجك معًا وقت انتهاء العلاج، فيومًا ما ستدرك أنك لم تعد تنام وتستيقظ قلقًا بشأن مشكلتك، أو ستحصل على ردود فعل إيجابية من الآخرين، وبالنسبة للطفل الذي كان يعاني مشكلة في المدرسة، فقد يخبرك المعلم أن الطفل لم يعد مزعجًا وأنه يحرز تقدمًا أكاديميًا واجتماعيًا.
ستقيّم مع معالجك ما حققته من أهدافك، وستعرف ببساطة أن العلاج انتهى.
ماذا يحدث بعد انتهاء العلاج النفسي؟
يمكنك زيارة معالجك مثلما تستمر بزيارة طبيبك للقيام بالفحوصات الدورية.
قد ترغب بلقاء معالجك بضعة أسابيع أو أشهر بعد انتهاء العلاج لتخبره عن حالك وعمّا تقوم به، وإذا سار كل شيء على ما يرام يمكنك التوقف.
لا تفكر بالعلاج النفسي على أنه طريق له بداية ومنتصف ونهاية، فقد تساعدك الجلسات على حل مشكلة ما ثم يواجهك شيء جديد في حياتك وتشعر أن المهارات التي تعلمتها خلال جلسات العلاج السابقة بحاجة إلى القليل من التغيير والتبديل، اتصل حينها بمعالجك ذاته مرة أخرى فهو يعرفك ويعرف قصتك جيدًا.
على أي حال، لا تنتظر وقوع مشكلة ما لتذهب إلى معالجك مرة أخرى، فقد تحتاج إلى جلسة لتعزيز ما تعلمته في الجلسات السابقة وتمكينك منه.
اقرأ أيضًا:
ترجمة: مرح الخرفان
تدقيق: بتول جنيد