يسمى العظم المسطح ذو الشكل شبه المنحرف الذي يقع في أسفل مؤخرة الجمجمة «العظم القذالي»، وهو أحد العظام السبعة التي تكوّن الجمجمة.
يناقش هذا المقال تركيب العظم القذالي ووظيفته وبعض الحالات الطبية المتعلقة به.
وظيفة العظم القذالي
يؤدي العظم القذالي وظائف عديدة لكن أهمها حماية الدماغ، لا سيما مركز المعالجة البصرية في الدماغ، وهو يدعم أيضًا عضلات العنق ويتيح مسارًا يربط بين الدماغ والحبل الشوكي.
يتمفصل العظم القذالي مع فقرة العنق الأولى (أطلس) عبر المفصل الأطلسي القذالي، الذي يتيح بدوره حركة الإيماء وهز الرأس، تمثل الفقرة الأطلسية أيضًا الصلة المباشرة بين الجمجمة والعمود الفقري.
نظرًا إلى موقع العظم القذالي المميز، فهو يؤثر في جميع حركات الجسم، إلى جانب المرونة والثبات والاتزان، وهو يؤدي أيضًا دورًا في قدرتنا على رؤية العالم المحيط بنا والتفاعل معه.
تركيب العظم القذالي
يقع العظم القذالي في أسفل مؤخرة الرأس ويرتبط مع العمود الفقري إلى جانب خمسة من عظام الجمجمة.
يلتحم العظم القذالي مع عظام الجمجمة الأخرى مع التقدم في العمر؛ إذ يلتحم مع العظم الوتدي في منتصف الجمجمة بين سن 18 و 25، ثم يلتحم مع العظمين الجداريين في الجزء العلوي من الجمجمة بين سن 26 و40.
يُعد العظم القذالي الجزء الوحيد من الجمجمة الذي يرتبط مع فقرات العنق، وهو يتضمن فتحةً كبيرة بيضاوية الشكل في قاع الجمجمة تسمى «الثقبة العظمى».
تتميز الثقبة العظمى بأنها منحنية إلى الخارج وجوفاء من الداخل، وهي تمثل الممر الذي يسلكه الجهاز العصبي المركزي للخروج من الجمجمة الذي يربط الدماغ والحبل الشوكي.
تتضمن الثقبة العظمى تراكيب مختلفة، مثل النخاع المستطيل، والفرع الشوكي من العصب الإضافي، والشريان النخاعي الأمامي والخلفي، والشريان الفقري، والأعصاب النخاعية.
لا يختلف العظم القذالي عن عظام الجمجمة الأخرى من ناحية شكله المسطح واحتوائه على العديد من السمات والارتباطات، لذلك فهو يُقسم عادةً إلى أجزاء لتبسيط وصفه: جزء قاعدي وجزأين لقميين وجزء صدفي، ويشارك كل جزء من العظم في تشكيل الثقبة العظمى.
يقع الجزء القاعدي من العظم القذالي أمام الثقبة العظمى بالقرب من المنطقة السميكة في العظم الصدغي حول الأذن الداخلية، وهو يلتحم أمامًا مع العظم الوتدي في سن البلوغ ليشكل العظم القاعدي الثلاثي. يتضمن السطح السفلي من الجزء القاعدي الحديبة البلعومية التي تؤدي إلى البلعوم في مجرى الهواء.
يقع الجزآن اللقميان من العظم القذالي بالقرب من الثقبة العظمى، وهما بيضاويا الشكل ويرتبطان مع فقرة العنق الأولى، ويكمن بالقرب منهما «النفقان اللقميان» اللذان تسري خلالهما الأوردة المشبرية اللقمية، وتربط بدورها بين الضفيرة الوريدية الفقارية والجيوب السينية. فضلًا عن ذلك، يمر العصب القحفي الثاني عشر «عصب تحت اللسان» خلال الجزء اللقمي من العظم القذالي.
يعد الجزء الصدفي أكبر أجزاء العظم القذالي ويقع أعلى الثقبة العظمى وخلفها، وهو يتضمن خطوطًا منحنية على جانبيه: الخط القفوي الأعلى والعلوي والسفلي. تُعد الخطوط القفوية خشنة وغير منتظمة وترتبط بها عدة عضلات من العنق والرأس.
يسمى السطح الداخلي من الجزء الصدفي «البارزة المتصالبة» وهو مقعر على شكل وعاء ويقسَّم إلى أربعة منخفضات؛ يتضمن المنخفضان العلويان الفصين القذاليين من المخ وهما يشبهان المثلث، في حين يتضمن المنخفضان السفليان المستطيلان المخيخ بجانبيه.
تلتقي منخفضات البارزة المتصالبة الأربعة في نتوء يسمى الناشزة القذالية الداخلية، وتمتد الناشزة القذالية الداخلية من زاوية العظم القذالي العليا إلى منخفض عميق يسمى الثلم السهمي، الذي يحمي الجيب السهمي العلوي ويتصل به منجل المخ، ويصرف الجيب السهمي العلوي الدم من الأجزاء المجاورة في نصف الكرة الأمامي.
تقع الجيوب المستعرضة في الجزء العلوي من العرف القذالي الداخلي، ويخلّف اتحادها مع الجيوب السهمية منخفضًا على جانبي الناشزة القذالية الداخلية.
الحالات المتعلقة بالعظم القذالي
قد يؤدي أي خلل في نمو العظم القذالي إلى مشكلات صحية، فعلى سبيل المثال، يسبب الاصطفاف الخاطئ للعظم القذالي إلى سوء اصطفاف العمود الفقري؛ ما يسبب الشعور بالألم.
يعد العظم القذالي عظمًا حساسًا وقد يتعرض إلى ضرر في أثناء الولادة، لكنه قد يتأثر أيضًا بأنواع أخرى من الإصابات، مثل حوادث السيارات والإصابات الرياضية والوقوع؛ وفي حال تسببت الإصابة بضرر دماغي، فقد تؤدي إلى حالات صحية مزمنة واضطرابات نفسية مثل الاكتئاب والقلق.
علاوةً على ذلك، قد يسبب اختلال حركة العظم القذالي أو عمله مشكلات متعلقة بالمعالجة البصرية، إلى جانب ضعف المناعة وألم مؤخرة الرأس والعنق أو الكتفين والظهر. من ضمن المشكلات الأخرى المتعلقة بالعظم القذالي اضطرابات الرؤية والصداع والدوار أو اضطرابات التوازن.
اضطرابات الرؤية
قد تؤدي بعض مشكلات العظم القذالي مثل الكسور والعيوب الخلقية إلى مشكلات في الرؤية أو العمى؛ تعد متلازمة كنوبلوخ (Knobloch Syndrome) على سبيل المثال نوعًا من الاضطرابات الوراثية الناجمة عن عيب في العظم القذالي، ويعاني المرضى المصابون بها قصرًا شديدًا في النظر أو حتى العمى.
الصداع
تتراوح حدة الصداع النصفي القذالي من معتدلة إلى شديدة، لكن ما تزال أسباب هذا النوع من الصداع غامضة. بيد أن مشكلات العظم القذالي قد تسبب أيضًا أنواعًا أخرى من الصداع.
إضافةً إلى ذلك، ترتبط عيوب العظم القذالي الخلقية بتشوه آرنولد خياري، وهو حالة نادرة يخرج فيها جزء من الدماغ خلال الثقبة العظمى، وقد تسبب أعراض مختلفة من ضمنها الصداع القذالي. تتشكل أيضًا تكيسات عظمية حميدة في العظم القذالي في بعض الحالات النادرة، وقد تسبب بدورها الصداع، لكن يمكن عادةً إزالتها جراحيًا.
الدوار ومشكلات التوازن
تحدث حالة تسمى «الألم العصبي القذالي» أحيانًا بعد حادثة ضرب على مؤخرة الرأس، وهي تسبب ألمًا شبيهًا بالصداع النصفي القذالي؛ ما قد يؤدي بدوره إلى أعراض أخرى مثل الدوار وحساسية الضوء، إضافةً إلى ألم العنق وصعوبة الاتزان وتنسيق الحركة.
الكسور العظمية
تنجم كسور العظم القذالي عن بعض الحوادث والإصابات، وقد تتطلب تمزقات الجلد أو انبعاجات العظم مضادات حيوية أو جراحة، وينبغي فحص كسور قاعدة العظم القذالي عن كثب للبحث عن أي علامات على ضرر الأعصاب أو التهاب السحايا. في حال حدوث ضرر دماغي بعد الإصابة، فقد يصاحبه ضرر عصبي دائم أو حتى الموت إذا تُرك دون علاج.
العلاج
يؤدي العظم القذالي دورًا مهمًا في الصحة العامة وجودة الحياة بصفته درعًا يحمي الدماغ، ويجب على المصابين بأعراض في الرأس والعمود الفقري مثل الألم والحركة استشارة الطبيب للبحث عن أسبابها.
قد يصف الطبيب علاجات متنوعة، بدءًا من الأدوية إلى العلاج الطبيعي والجراحة حسب السبب الكامن وراء هذه الأعراض. يساعد العلاج الطبيعي على إصلاح سوء اصطفاف العظم القذالي وتخفيف الألم واسترجاع الحركة الطبيعية.
اقرأ أيضًا:
اكتشاف قنوات صغيرة داخل الجمجمة قد تكون مفيدة لمناعة الدماغ
كيف تطورت الجمجمة البشرية بالتزامن مع المشي على القدمين ؟
ما هي الأعصاب القحفية البالغ عددها اثني عشر عصبًا؟
ترجمة: رحاب القاضي
تدقيق: جعفر الجزيري