العصر الباليوزي – الحقبة الأولية : الحياة القديمة، تكون قارة بانجيا وظهور الأحياء المائية

ازدهرت الحياةُ تحتَ سطح الماء خلالَ العصر السّيلوريّSilurian Period))، وامتدّت ما بين 443 مليون سنة إلى 416 مليون سنة مضت.
وامتدت حقبة الحياة القديمة ((Paleozoic Era في الفترة ما بين حوالَي 542 مليون سنة إلى 251 مليون سنة مضت، وقد كانت وقتًا للتّغيير الضخم على الأرض. بدأت الحقبة بتفكّك قارّة عملاقة واحدة وتكوين أخرى. وأصبحت النباتات واسعةَ الانتشار. واستعمرت الحيوانات الفقاريّة الأولى الأرض.

مُلخّص العصور التّاريخيّة للأرض

الحياة في الحقبة القديمة أو الأوّليّة:

بدأت حقبة الحياة القديمة مع العصر الكامبريّ Cambrian Period))، البالغ من العمر 53 مليون سنة المعروف بأنّه بوابة انفجار الحياة على الأرض. وشمل هذا «الانفجار الكامبريّ» تطور المفصليّات (أسلاف حشرات اليوم والقشريّات) والحبليّات (الحيوانات ذات الحبل الشوكي البدائي).
ازدهرت الحياة في البحار في حقبة الحياة القديمة. فبعد العصر الكامبريّ جاء العصر الأردوفيكيّ (Ordovician Period) البالغ من العمر 54 مليون عام، والّذي يتميّز في السّجل الأحفوري بوفرة من اللافقاريّات البحريّة. ومن الممكن أنّ التريلوبيت كان من أشهر هذه اللافقاريّات، وهو الحيوان المفصليّ المدرع الّذي تجوّل وعاش بجميع أنحاء قاع البحر لنحو 270 مليون سنة قبل أن ينقرض.
جاء العصر السيلوري بعد العصر الأردوفيكيّ (الفترة ما بين 443 مليون سنة إلى 416 مليون سنة مضت)، والّذي شهد انتشار الأسماك عديمة الفكّ عبر البحار. كما ازدهرت الرخويّات والمرجان أيضًا في المحيطات، ولكنّ الخبر الهامّ هو ما كان يحدث على الأرض، حيث وجود الأدلّة القاطعة الأولى لتواجد الحياة البريّة.

فقد تطوّرت النباتات آنذاك، على الرغم من أنّها لم تكن قد امتلكت أوراقًا أو أنسجة وعائية (وهي الّتي تسمح للنباتات الحديثة أن تسحب الماء والمواد الغذائية). سوف تظهر هذه التّطورات في العصر الدّيفونيّ (Devonian Period)، وهو الفترة الجيولوجية التّالية لحقبة الحياة القديمة. وفيه ظهر السرخس، وظهرت الأشجار الأولى أيضًا. كما استعمرت الفقاريّات الأولى الأرض في نفس الوقت. وكانت تسمّى هذه الفقاريّات بـ «ذوات الأربع»، وكانت متنوّعة على نطاق واسع، تراوح ظهورها من أشكال شبيهة بالسحليّة إلى ثعبانيّة، وتراوح طولها من 4 بوصة (10 سنتيمتر) إلى 16 قدمٍ (5 أمتار)، ذلك وفقًا لدراسة نُشرت في عام 2009 في جريدة علم التّشريح.

شهد العصر الدّيفونيّ صعود المفصليّات الأولى للعيش على الأرض، بما في ذلك أقرب أسلاف العناكب. فبينما كانت ذوات الأربع مُسيطرة بوجودها، كانت تلك المفصليّات الأولى في صحبتها.

تطوّر حقبة الحياة القديمة:

استمرّت مسيرة الحياة في أواخر حقبة الحياة القديمة. وأجاب العصر الكربونيّ (الّذي استمرّ في الفترة ما بين حوالَي 359 مليون سنة إلى 299 مليون سنة مضت) بحزم على هذا السؤال: «أيُّهما جاء أولًا، الدجاجة أم البيضة؟». قبل فترة طويلة من تطوّر الطيور، بدأت ذوات الأربع بوضع البيض على الأرض لأوّل مرّة خلال هذه الفترة، ممّا سمح لهم بالانفصال عن الحياة البرمائيّة.
كانت التريلوبيت (طائفة من المفصليات الثلاثية المنقرضة) تتلاشى بينما أصبحت الأسماك أكثر تنوعًا. وظهرت أسلاف الصّنَوبريّات، وسيطر اليعسوب على السماء. كما أصبحت ذوات الأربع أكثر تخصّصًا، وتطوّرت مجموعتان جديدتان من الحيوانات. الأولى هي الزواحف البحريّة، بما في ذلك السحالي والثعابين. وكانت الثانية هي الأركوصورات -وتعني ملكة السحالي- (archosaurs)، الّتي من شأنها أن تجلب التماسيح والدّيْناصورات والطّيور. لكنّ الشيء الأكثر رعبًا، هو أنّ ذلك العصر يُشار إليه أحيانًا باسم «عصر الصراصير»، لأنّ سلف الصّراصير الّذي قد تطور عن الصراصير البدائيّة المسمّى بـ (Archimylacris eggintoni) قد وُجد في جميع أنحاء العالم خلال العصر الكربونيّ.
الفترة الأخيرة من حقبة الحياة القديمة هي فترة العصر البرميّ(The Permian Period)، الّذي بدأ قبل 299 مليون سنة، واندثر قبل 251 مليون سنة. وستنتهي هذه الفترة بأكبر انقراض شامل في التاريخ، انقراض العصر البرميّ.
قبل الانقراض الشامل للعصر البرميّ، وعلى الرغم من ذلك ازدحمت البحار الدافئة بالحياة. فازدهرت الشعاب المرجانية، مُوفِّرة المأوى للأسماك والكائنات المقشورة (منزوعة القشرة)، مثل النوتيدات (nautiloids) والأمونيتات ((ammonoids. وتطوّرت الصّنَوبريات الحديثة وأشجار الجنكة على الأرض. وتطوّرت الفقاريّات الأرضيّة لتصبح الحيوانات آكلة العشب، مُستفيدةً بذلك من الحياة النباتيّة الجديدة الّتي استعمرت الأرض.

جيولوجيا حقبة الحياة القديمة والمناخ:

حدث كلّ هذا التطوّر بالتعارض مع خلفية تحوّل القارّات وتغيّر المناخ. فقد خضعت القارّات للتغيير خلال العصر الكامبريّ للحياة القديمة. وقد اجتمعت وتشكّلت كقارّة واحدة عملاقة «قارّة رودينيا»، ولكنها تجزّأت خلال العصر الكامبريّ إلى غندوانا (تتكوّن من المساحات الّتي قد تصبح القارّات الحديثة في النصف الجنوبيّ لخريطة الكرة الأرضيّة) وإلى قارّات أصغر تتكون من أجزاء وقطع من الأرض الّتي من شأنها في نهاية المطاف أن تُشكل القارّات الشّمالية الّتي نعرفها اليوم.

كان العصر الكامبريّ حارًّا في جميع أنحاء العالم، ولكنّه سيُتبع بالعهد الجليدي في العصر الأردوفيكي، الّذي كان السبب في تكون الأنهار الجليديّة، مُخفضًا بذلك مستويات البحر. كما انتقلت غندوانا جنوبًا خلال العصر الأردوفيكي، بينما بدأت القارّات الأصغر في الاقتراب معًا. في العصر السيلوريّ، بدأت الكتل الأرضية الّتي من شأنها أن تصبح أمريكا الشمالية والوسطى وشمال أوروبا، وأوروبا الغربية في الاقتراب من بعضها البعض. وارتفعت مستويات البحر مجددًّا، مُكوِّنة البحار الداخلية الضحلة.

بينما واصلت كُتل الأرض الشماليّة في الاندماج أثناء العصر الدّيفونيّ، وانضمّت الكتل معًا في القارّة العظمى أورامريكا (Euramerica). لا تزال غندوانا قائمة، ولكنّ بقية الكوكب كان محيطًا مائيًّا. بحلول الفترة الأخيرة من حقبة الحياة القديمة والعصر البرميّ، اتّحدت الكتل الأرضية لأورامريكا ولغندوانا، مُكوّنة القارّة العُظمى العملاقة الأكبر من كلٍّ منهم وتُدعى بانجياPangaea) ). يُدعى المحيط العملاق لبانجيا بأبي المحيطات (Panthalassa). ويُحتمل أنّ باطن بانجيا كان جافًّا للغاية، وذلك لأنّ حجمها الهائل منع غيوم المطر الحاملة للمياه من نفاذ ما هو أبعد من السواحل.

إعداد: مريم خالد
تدقيق: عبدالسّلام الطّائيّ