وجدت دراسة جديدة أن نحو 70% من النساء المصابات بسرطان الثدي قد لا يحتجن إلى الخضوع للعلاج الكيميائي، ما يشكل خبرًا سارًا بالنسبة للنساء المصابات بسرطان الثدي، وذلك بسبب ما يرافق العلاج من أعراض جانبية مزعجة للمريضة مثل الغثيان، وتساقط الشعر، وفقر الدم.

نُشرت هذه الدراسة باسم TAILORx في مجلة (The New England Journal of Medicine)، وضمت أكثر من 10,000 امرأة سُجلت إصابتهن بالنمط نفسه من سرطان الثدي، وهو سرطان ثدي في المرحلة الأولى، وإيجابي المستقبلات الهرمونية، وسلبي لمستقبل عامل النمو البشروي 2.

يعني كل ما سبق أن السرطان اكتُشف خلال مرحلة مبكرة من تطوره، وأنه يستطيع الارتباط بأنواع معينة من الهرمونات، بالإضافة إلى أنه لا يملك مستقبلات لعامل النمو البشروي 2. وضح الباحثون أن هذا النوع من السرطان يعد أكثر أنواع أورام الثدي شيوعًا.

خضعت جميع النساء المشاركات في الدراسة لاختبارات تشخيصية جزيئية لتحليل طبيعة سرطان الثدي لديهن، ويدرس الفحص 21 جينًا مختلفًا ثم يقدم نتيجة بين 0 و100 تساعد الباحثين على تقدير خطر نكس سرطان الثدي بعد الجراحة. لن تحتاج النساء اللواتي سجلن نتيجة أقل من 10 إلى الخضوع للعلاج الكيميائي بعد الجراحة، إذ أظهرت بعض الدراسات الحديثة أن هذي النساء قد يتلقين العلاج الهرموني فقط عوضًا عن الكيميائي.

لكن من جهة أخرى، تحتاج النساء اللواتي سجلن نتيجة أكبر من 25 إلى تلقي العلاج الكيميائي بجانب العلاج الهرموني. يهدف العلاج الهرموني إلى تثبيط كمية بعض أنواع الهرمونات في الجسم أو تقليلها إذ تؤدي دورًا في تطور الورم.

لكن الأطباء في الدراسة ليسوا متأكدين من استفادة النساء اللواتي حققن نتيجة متوسطة بالفعل من العلاج الكيميائي الإضافي مقابل معاناتهن من أعراضه الجانبية المزعجة فقط دون أي فوائد.
دراسة TAILORx

كانت النتائج ضمن المجال المتوسط لنحو 6,700 امرأة من بين 10,000 شاركن في الدراسة، وقد قُسِّمت النساء عشوائيًا إلى مجموعتين: تلقت المجموعة الأولى علاجًا هرمونيًا فقط بعد الجراحة، بينما تلقت المجموعة الأخرى العلاج الكيميائي إلى جانب العلاج الهرموني.

تابع باحثو الدراسة حالة النساء مع فحوصات بعد بدء التجربة بخمس سنوات ثم بعد تسع سنوات. لم يلاحظ فريق البحث بعد تلك المدة أية فروقات تقريبًا في معدل نكس سرطان الثدي، وذلك بين المجموعة التي تلقت علاجًا هرمونيًا فقط، وتلك التي تلقت العلاجين معًا.

شفي من السرطان نحو 92.8% من النساء اللواتي تلقين العلاج الهرموني وحده، وتقريبًا 93.1% من المجموعة التي تلقت علاجات هرمونية وكيميائية معًا، وفي ذلك إشارة إلى شفاء كامل بعد خمس سنوات.

من ناحية أخرى وبالنظر إلى بيانات ما بعد تسع سنوات، بلغت معدلات الشفاء من السرطان في المجموعة التي خضعت للعلاج الهرموني فقط نحو 83.3%، وبلغت تقريبًا 84.3% للمجموعة التي تلقت العلاجين معًا.

وضح الباحثون في بيان لهم، أنهم لم يعدوا الاختلافات في معدلات نكس سرطان الثدي بين المجموعتين في مرحلتي الكشف هامة أو بليغة إحصائيًا، ما يعنى أن السرطان قد نكس في عدد قليل من الحالات.

قال جيفري آبرامز بوصفه باحثًا مشاركًا في الدراسة والمدير المساعد في برنامج تقييم علاج السرطان في مؤسسة الأورام الوطنية التي قدمت الدعم والتمويل للدراسة:

«تمكن الأطباء من وضع خطة علاجية مناسبة وناجحة للنساء اللواتي قد يواجهن مخاطر قليلة وعالية لنكس سرطان الثدي مرة أخرى، بينما تواجه النساء المعرضات لخطر نكس سرطان الثدي بمعدل متوسط صعوبة في اختيار الاستراتيجية العلاجية الأفضل والأنسب لهن … تشير نتائج الدراسة إلى عدم وجود فائدة من تلقي العلاج الكيميائي بالإضافة إلى العلاج الهرموني لمعظم مريضات سرطان الثدي ذي الخطر المتوسط، وقد تساعد هذه النتائج أطباء علم الأورام ومريضات سرطان الثدي على اتخاذ القرار المناسب بشأن أفضل أسلوب علاجي».

أشار الباحثون إلى تحذير واحد بشأن إحدى نتائج الدراسة، إذ تبين لهم أن النساء اللواتي لم يبلغن مرحلة انقطاع الطمث أو أصغر من عمر 50 عامًا وسجلن نتائج أعلى من المتوسط في التجربة (أي بين 16 و25)، استفدن من العلاج الكيميائي أكثر بقليل مقارنة بغيرهن. وأكد فريق البحث أن نساء هذه الفئة يجب أن يستشرن الأطباء بشأن تلقيهن العلاج الكيميائي.

وبالنسبة لآرني بوروشوثام بوصفه المستشار السريري الأول لأبحاث السرطان في المملكة البريطانية الذي لم يشارك في الدراسة، فقد أكد دور نتائج دراسة TAILORx في تلطيف علاجات السرطان للمرضى وتخفيف قساوتها وأعراضها الجانبية، إذ يقول:

«قدمت دراسة TAILORx نتائج تظهر إمكانيات كبيرة لضمان علاج مريضات سرطان الثدي بأسلوب أكثر لطفًا دون أن يؤثر ذلك في فعاليته، ويعود ذلك إلى ترتيب مريضات سرطان الثدي حسب خطر النكس لديهن بناء على الجينات الورمية لديهن، وتلقي مجموعة محدودة من النساء للعلاج الكيميائي اللواتي سجلن معدلات عالية في اختبارات النكس … يطمح الاختصاصيون في المستقبل إلى وضع خطط علاجية شخصية لكل مريض أورام على حدة. قد يتمكن الأطباء بالفعل في عدة حالات من علاج كل مريض سرطان بأسلوب يتناسب مع حالته وصفات الورم لديه».

أشار الباحثون في الدراسة إلى أن 260,000 امرأة تشخص بسرطان الثدي سنويًا حول العالم صنفت ضمن المجموعة التي تواجه خطر نكس متوسط للسرطان، وهي الفئة التي لا تستفيد كثيرًا من العلاج الكيميائي.

أضاف آرني أن معدلات الشفاء من السرطان تضاعفت خلال السنوات الأربعين الأخيرة، ويرى الباحثون أن وضع خطط علاجية مناسبة لكل مريض على حدة بناء على جيناته الورمية قد يضيء الطريق لتحقيق مزيد من التطورات في هذا المجال.

اقرأ أيضًا:

دواء هشاشة العظام قد يوقف نمو سرطان الثدي

هل قد يزيد صبغ الشعر من خطر الإصابة بسرطان الثدي؟

ترجمة: رهف وقّاف

تدقيق: نور حمود

مراجعة: محمد حسان عجك

المصدر