اكتشف علماء الفلك جرمًا يشارك الأرض مدارها حول الشمس قد يكون كويكب طروادة. إذا تأكد ذلك، فسيكون ثاني جرم من نوعه حُدد حتى الآن، ما يشير إلى إمكانية وجود المزيد من هذه الكويكبات الخفية كامنة في منطقة الجذب الأرضي.
كويكبات طروادة: هي صخور فضائية تشارك أجسامًا كوكبية أكبر مداراتها في النظام الشمسي، وتقع في مناطق مستقرة جذبويًا تُعرف باسم نقاط لاغرانج.
في هذه المناطق تتوازن قوى الجاذبية للكوكب والشمس تمامًا مع قوى الجذب المركزية لأي جسم صغير فيثبت في المنطقة.
يحتوي كل نظام ثنائي الأجرام على خمس نقاط لاغرانج، كما هو موضح في الرسم البياني أدناه.
لهذه المناطق عدة استعمالات مفيدة، يمكننا وضع مركبة فضائية فيها والتأكد بأنها ستبقى في مكانها. على سبيل المثال، سينطلق تلسكوب جيمس ويب الفضائي ليستقر في نقطة لاغرانج L2 بين الأرض والشمس.
تلتقط نقاط لاغرانج الصخور الفضائية، في ظاهرة معروفة جيدًا في النظام الشمسي.
لكوكب المشتري أكبر عدد من كويكبات طروادة، إذ وُثق أكثر من 9000 كويكب، لكن الكواكب الأخرى لا تخلو منهم، فلدى نبتون 28، والمريخ 9، ولكل من أورانوس والأرض واحد مؤكد.
كويكب طروادة الأرضي، المسمى 2010 TK7، عبارة عن قطعة من الصخور يبلغ عرضها حوالي 300 متر (984 قدمًا)، يقع في نقطة لاغرانج L4 بين الأرض والشمس في مدار يشبه حدوة الحصان يعرف باسم الميسان.
الجرم الجديد، المسمى 2020 XL5، لُوحِظ لأول مرة في نوفمبر وديسمبر من العام الماضي، ويبدو مشابهًا لـ 2010 TK7.
وجد هاوي علم الفلك توني دان -الذي حسب مدار الجرم المكتشف باستخدام برمجية JPL-Horizons التابعة لوكالة ناسا- أن الجرم المكتشف يقع في ميسان نقطة لاغرانج L4 بين الأرض والشمس، ويدور بالقرب من مدار المريخ، و يتقاطع مع مدار كوكب الزهرة.
في الصورة المتحركة أدناه، مدار الكويكب باللون الأخضر، والأرض باللون الأزرق، والمريخ باللون البرتقالي، وكل من الزهرة وعطارد بالأبيض.
نظرًا إلى أنه يقترب جدًا من كوكب الزهرة -إذا كان 2020 XL5 كويكب طروادة- فقد لا يكون مستقرًا على نطاقات زمنية طويلة، ووفقًا لعمليات المحاكاة التي أجراها دان، سيمر الكويكب فوق المستوى المداري لكوكب الزهرة وتحته عندما يتقاطع لبضع آلاف من السنين، ما يمنع الكوكب من تعطيل مداره.
في النهاية، ستحركه تأثيرات الجاذبية بعيدًا عن نقطة L4، تدعم ذلك عمليات محاكاة أجراها هاوي علم الفلك ألدو فيتاجليانو، مبتكر برمجية سوليكس وإكسورب لتحديد المدارات.
وكتب في عن الكواكب الصغرى: «باستطاعتي تأكيد أن 2020 XL5 كويكب طروادة أرضي مستقر إلى حد ما، أي مستقر على نطاق زمني من ألفين إلى أربعة آلاف سنة».
«حمّلتُ العناصر الاسمية ومصفوفة تغييرهم من الموقع الديناميكي للأجرام القريبة من الأرض، وبذلك أنشأت 200 نسخة من الجسم، دمجوا في محاكاة حتى العام 4500. على الرغم من انتشار النسخ على قوس مداري يزيد عن 120 درجة، فقد استمروا في ميسان النقطة L4. تدخل أول نسخة النقطة L3 حوالي العام 4500، وبحلول العام 6000 تدخل باقي النسخ حيز النقطة L3، والقليل منهم يستقر حول النقطة L5».
كويكب طروادة 2010 TK7 ليس مستقرًا في موقعه الحالي على المدى الطويل أيضًا، فقد أفضى تحليل أُجريَ عام 2012 إلى أنه أصبح كويكب طروادة منذ نحو 1800 عام، ومن المرجح أن يتحرك بعيدًا عن النقطة L4 خلال نحو 15000 عام ليدخل مدارًا على شكل حدوة حصان، أو يستقر في النقطة L5. قد يساعدنا 2020 XL5 على البحث عن كويكبات طروادة أخرى محتملة للأرض.
مسحت كل من المركبة الفضائية أوسايرس – ركس و هايابوسا 2 نقطتي L4 و L5 في العام 2017 خلال مهمتهما، ولكنهما لم تجدا شيئًا، ولم تثمر عمليات البحث من الأرض عن نتائج أيضًا.
ليس ذلك غريبًا، فالأجرام التي تسكن نقاط لاغرانج ستتحرك كثيرًا في رقعة كبيرة جدًا من السماء للبحث عنها، إضافةً إلى أنها أجرام صغيرة نسبيًا، وموقعها من الأرض أيضًا نسبةً إلى الشمس يصعّب عملية رصدها.
استبعد العلماء وجود مجموعة مستقرة من كويكبات طروادة البدائية مختبئة منذ بدايات النظام الشمسي. وعلى الرغم من صعوبة الرصد، قدَّر العلماء إمكانية الكشف عن المئات من كويكبات طروادة تقارن بحجم 2010 TK7.
إن اكتساب فكرة أفضل عن كيفية تحركها حول نقاط لاغرانج قد يساعدنا في تضييق نطاق البحث في السماء.
ما نرصده، سواء كان مجموعة كاملة من كويكبات طروادة أو لا شيء، لا بد أن يكشف لنا المزيد عن ديناميكيات نظامنا الشمسي.
اقرأ أيضًا:
نقاط لاغرانج: أماكن توقف المركبات في الفضاء
كل ما عليك معرفته عن الكويكبات
ترجمة: حمزة البدارنة
تدقيق: حنين سلَّام