تُصاب جميع المخلوقات بالفيروسات، حتى البكتيريا قد تصاب بها أيضًا. تسمى الفيروسات التي تصيب البكتيريا بالعاثيات أو آكلات الجراثيم، وفي هذا المقال سنركز على دورتي حياة العاثيات في البكتيريا وهما:
- الدورة الحالة: تصيب العاثية خلية البكتيريا وتتكاثر منتجةً العديد من الفيروسات، وبعدها تقتل الخلية المضيفة بطريقة التحلل/ الانفجار.
- دورة المستذيب: تصيب العاثية خلية البكتيريا وتنقل إليها الحمض النووي الخاص بها، يندمج الحمض النووي الفيروسي -الذي يسمى طليعة الفيروس- بكروموسومات الخلية البكتيرية المُضيفة، ويُنسخ مع الحمض النووي البكتيري في أثناء انقسام الخلية.
العَاثيات فيروسات تصيب البكتيريا، وتتنوع العَاثيات في الشكل والمادة الجينية مثل غيرها من الفيروسات.
جينات العاثيات: تتكون من حمض نووي ريبوزيRNA أو حمض نووي ريبوزي منزوع الأكسجينDNA، وقد تحتوي على جينات يتراوح عددها من أربعة إلى عدة مئات.
الغلاف البروتيني: يختلف شكل الغلاف البروتيني بين الفيروسات، إذ قد يكون خيطي الشكل أو متعدد الأوجه أو على شكل رأس وذيل، ويميز شكل الرأس والذيل العَاثيات والفيروسات الشبيهة بها ولا يوجد في الفيروسات حقيقية النواة.
عدوى العَاثيات :
تصيب العاثيات الخلية البكتيرية بهدف التكاثر وإكمال دورة حياتها مثل العديد من الفيروسات. تتكاثر بعض أنواع العَاثيات بطريقة الدورة الحالة وتقتل الخلية المضيفة، أما البعض الآخر فيتكاثر بطريقة التناوب بين الدورة الحالة ودورة المستذيب، إذ إن هذه الطريقة لا تقتل الخلايا البكتيرية المضيفة ولكنها تؤدي إلى نسخ الحمض النووي الفيروسي مع الحمض النووي البكتيري كلما انقسمت الخلية المضيفة.
على سبيل المثال، من أنواع العاثيات عاثية تُسمى لامدا، تصيب بكتيريا إيشيريشيا كولاي وتتكاثر بالطريقتين.
الدورة الحالة:
في الدورة الحالة يعمل الفيروس لامدا مثل أي فيروس آخر، فهو يصيب الخلية ويستخدم مواردها للتكاثر وصنع نسخ أخرى منه ثم يسبب تحللها وموتها.
مراحل الدورة الحالة:
- الالتصاق: يرتبط بروتين موجود في ذيل العاثية بمستقبل معين موجود على سطح الخلية البكتيرية.
- انتقال الحمض النووي: يدخل حمض الفيروس النووي إلى الخلية المضيفة.
- نسخ الحمض النووي وصناعة البروتين: ينسخ الحمض النووي الخاص بالعاثية ثم تُصنع بروتيناتها ومنها بروتينات الغشاء.
- تجمع العاثيات الجديدة: تتجمع الأغلفة البروتينية الجديدة وترتبط بالأحماض النووية لتشكيل العديد من العَاثيات الجديدة.
- التحلل: تنتج العَاثيات بروتينات تصنع ثقوبًا في جدار الخلية المضيفة ما يسمح بتدفق الماء إلى داخل الخلية، وبذلك تتمدد الخلية وتنفجر مثل بالون مملوء بالماء وتخرج العَاثيات الجديدة.
عند تحلل الخلية تنتج المئات من العاثيات الجديدة التي تستطيع إصابة خلايا أخرى، وبهذه الطريقة تؤدي دورات قليلة إلى انتشار أعداد كبيرة من العَاثيات بين المستعمرات البكتيرية.
دورة المستذيب:
بهذه الطريقة تتكاثر العَاثيات دون قتل الخلية المضيفة. تستخدم بعض العاثيات الدورة الحالة فقط ولكن لامدا يستطيع التكاثر بالطريقتين.
تتشارك دورة المستذيب مع الدورة الحالة بمرحلتي الالتصاق وانتقال الحمض النووي، لكن بعد دخول الحمض النووي الفيروسي إلى الخلية المضيفة لا يُنسخ ولا يصنع بروتينات، إذ يتحد مع مناطق معينة في كروموسومات الخلية البكتيرية المضيفة ويُدمج معها وتتكون طليعة العاثية.
طليعة العاثية غير نشطة ولا يُعبر عن جيناتها لصناعة البروتينات ولا تنتج خلايا جديدة. وفي كل مرة تنقسم فيها الخلية ينسخ الحمض النووي الفيروسي مع الحمض النووي البكتيري.
تعد هذه الطريقة أقل قتلًا للخلايا المضيفة من الدورة الحالة، وفي الظروف المناسبة تنشط طليعة العاثية وتنفصل عن الكروموسومات البكتيرية وتكمل خطوات الدورة الحالة.
كيف تُحدد دورة حياة العاثية عندما تصيب البكتيريا؟
يعتمد هذا على عدد العاثيات التي تصيب البكتيريا، إذ كلما زاد عدد العاثيات زاد احتمال أن تستخدم دورة المستذيب، وذلك لأن هذه الطريقة تقلل أعداد العاثيات وتمنعها من القضاء على الخلايا المضيفة كلها.
لماذا تترك طلائع العاثيات الكروموسومات وتدخل الدورة الحالة؟
تؤدي العوامل الضارة بالحمض النووي -مثل الأشعة فوق البنفسجية والمواد الكيميائية- إلى إعادة تنشيط طلائع العاثيات، ومع ذلك فإن جزءًا صغيرًا منها قد ينشط تلقائيًا دون تأثير العوامل الخارجية.
العاثيات والمضادات الحيوية
قبل اكتشاف المضادات الحيوية بحث العلماء في إمكانية استخدام العاثيات لعلاج الأمراض التي تسببها البكتيريا، لأنها تهاجم خلايا خاصة مضيفة لها ولا تهاجم خلايا الإنسان ما قد يعطي فرصة لعلاج هذه الأمراض.
ولكن أُهملت هذه الفكرة في أغلب دول العالم بعد اكتشاف المضادات الحيوية، وخاصة في البلدان التي تتحدث بالإنجليزية، لكن مع ذلك فإنها ما تزال تستخدم لأغراض علاجية طبية في عدد من البلدان مثل جورجيا وبولندا وروسيا.
يزداد الاهتمام حاليًا باستخدام العاثيات في علاج الأمراض التي تسببها البكتيريا، وذلك بعد ظهور البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية التي تشكل خطرًا كبيرًا.
نحتاج إلى المزيد من الأبحاث حول استخدام العاثيات للعلاج، إذ علينا التحقق من فعاليتها وأمان استخدامها. ومن يدري؟ يومًا ما قد يصف لك طبيبك العاثيات لعلاجك بدلًا من البنسلين.
اقرأ أيضًا:
فيروسات ضخمة آكلة للبكتيريا تغلق الفجوة بين الحياة واللاحياة
ما هي البكتيريا (الجراثيم)؟ هل جميعها ضارة؟ ومتى تم اكتشافها
ترجمة : محمد طوسون
تدقيق: غزل الكردي
المصادر: nature – khanacademy