يُعد جسم الإنسان شيئًا غريبًا ورائعًا على حدٍ سواء، إضافة إلى طبيعته الناعمة والمرنة ما يجعله عرضة لمختلف التهديدات سواء من خارج الجسم أو داخله.

تظهر إستراتيجية حماية نادرة للغاية استجابةً لمجموعة من الظروف غير العادية أو غير الملائمة.

بين حين وآخر، تبدأ البويضة البشرية المخصبة بالنمو إلى جنين خارج الرحم، داخل تجويف بطن الأم، ما يُعرف بالحمل البطني، إنه أمر خطير وقد يسبب الوفاة.

حين يموت الجنين يلجأ جسم الأم إلى حماية نفسه. في عدد قليل جدًا من حالات الحمل البطني، يحول جسم الأم هيكل الجنين إلى «حجر»، إنه فعليًا ليس حجر، بل معدن، إذ يدفع جسم الأم معدن الكالسيوم الداخل في تكوين العظام ليخترق هيكل الجنين وينتشر داخله في عملية تسمى التكلّس، بهدف عزل الجنين عن جسم الأم بأمان لحمايته من الإنتان أو تعفن الدم.

المصطلح العلمي للجنين المتكلس (lithopedion)، يعود إلى اللغة اليونانية القديمة بمعنى «الطفل الحجري». إنها ظاهرة نادرة جدًا، إذ لم توثق طوال التاريخ البشري سوى بضع مئات من المرات. من اللافت للنظر أنه كثيرًا لا يُكتَشف وجود الطفل الحجري ويبقى داخل جسم الأم لسنوات، حتى بعد انقطاع الطمث، وأحيانًا قد لا يُكتشَف إلا بعد الوفاة.

قد يحدث حمل آخر وتلد الأم أطفالًا آخرين دون أن تدرك وجود بقايا الجنين المتكلسة داخلها.

يُعتقد أن نسبة حدوث حالة الطفل الحجري 1.5 – 1.8% من حالات الحمل البطني، لكن لا يُوثق عدد كبير منها. يُعد الحمل البطني أحد أشكال الحمل المنتبذ أو الحمل خارج الرحم، إذ ينغرس الجنين المخصب خارج بطانة الرحم، غالبًا في البوق (قناة فالوب)، إضافة إلى وجود أماكن معروفة قد يحدث فيها الحمل أيضًا مثل المبيض أو عنق الرحم.

تمثل حالات الحمل خارج الرحم نحو 2% من مجمل حالات الحمل، منها 0.6 – 4% حالات الحمل البطني. رغم خطورتها، وعدم نجاة الجنين فيها عادة، يمكن لهذا الحمل في حالات نادرة جدًا، ولادة طفل حي، عادةً قبل أوانه.

تشير تقديرات دراسة أجريت عام 2023 إلى حدوث 208 مليون حالة حمل سنويًا حول العالم. بناءً على التقديرات المنخفضة لمعدلات الحمل البطني والأجنة المتكلسة، تؤدي 374 حالة حمل إلى طفل حجري سنويًا. لكن وفقًا لدراسة أجريت عام 2019، لم يوثق سوى 300 حالة طفل حجري على مدار 400 عام.

ربما توجد حالات غير مكتشفة، إذ وُجد عدة أجنة متكلسة في مقابر قديمة. تعود تاريخ أقدم حالة معروفة إلى عام 1100 قبل الميلاد. وفقًا لمراجعة أجريت عام 1949، حللت 128 حالة، فإن متوسط أعمار الأمهات اللواتي يُكتشف لديهن حمل بطفل حجري هو 55 عامًا. عام 1996، اكتشفت دراسة وجود جنين متكلس لدى مريضة بعمر 85 عامًا، ولدت سابقًا 4 أبناء قبل أن تتعرض لما يُسمى «إجهاض غير كامل» في سن 41 عامًا، ثم عاشت عقود من الزمن دون أن تعرف بوجود أجزاء متبقية من الجنين في بطنها. أكدت حالات أخرى وجود الظاهرة ذاتها.

يعتقد الخبراء أن هذه الظاهرة أصبحت نادرة الآن، بفضل ارتفاع معايير الرعاية الصحية، إذ تُكتشف حالات الحمل البطني مبكرًا، وتعالج قبل أن تتفاقم لتصل إلى مرحلة الجنين المتكلس.

اقرأ أيضًا:

اختيار النظام الغذائي في أثناء الحمل قد يحمي قلب الطفل مدى الحياة

حمام الطفل: متى يُحمّم المولود الجديد؟ وكيف؟

ترجمة: رغد شاهين

تدقيق: أكرم محيي الدين

مراجعة: لبنى حمزة

المصدر