عندما تكونان في علاقة مستقرة تكون توقعاتكما لبعضكما عالية، ومن الطبيعي أن تشعرا أنكما على وفاق في أغلب الأحيان، خاصةً فيما يتعلق بالأمور المالية والأطفال؛ ويمكنكما الاعتماد على بعضكما. ومن المحتمل أيضًا توافقكما فيما يتعلق بالقضايا الاجتماعية السياسية.
لكن إن كنتما على خلاف في وجهة النظر السياسية فقد يبدأ التساؤل عما إذا كان الاستقرار والتفاهم والاحترام سيستمر في علاقتكما.
هذا الشعور بخيبة الأمل قد يسببه أي أمر، مثل عدم اتباع الأعمال المنزلية المتفق عليها، أو رفض التسوق، أو عدم الاهتمام بالعادات الصحية وممارسة الرياضة والسلوكيات التي قد تكون عند أحد الطرفين من القيم والأولويات.
وفقًا لمقال كتبته إليان سومرفيلد من جامعة أرييل في عام 2019: «خيبة الأمل من أكثر المشاعر تكرارًا وشدةً التي يمر بها الناس في العلاقات الوثيقة. ولكن بقدر ما هو شائع، فإن قلة الأبحاث حوله مدهشة».
من خلال مجموعة من أربع دراسات بحثت فيها سومرفيلد عن مفهوم خيبة الأمل في العلاقات الوثيقة ، وبلغت ذروتها في استبيان من ستة عوامل استخدمته بعد ذلك لوصف الشخصيات التي تتعرض للإحباط بصورة متكرر، لاحظت سومرفيلد أن هناك نوعين من خيبات الأمل في العلاقات الوثيقة.
النوع الأول: الشعور بخيبة أمل بسبب نتيجة ما فإن رد الفعل يعكس الشعور بأن التوقعات لم تتحقق كما رغبت. على سبيل المثال: شعورك بعد خسارة فريقك المفضل مباراةً اعتقدت أنه كان يجب أن يفوز بها بسهولة.
النوع الثاني: الشعور بخيبة أمل في علاقةٍ ما، فإن الشعور بالإحباط يقع ضمن ما تسميه سومرفيلد «خيبة الأمل المتعلقة بالشخص».
توجد مجموعة من ردود الفعل العاطفية غير السارة بعد خيبة الأمل المتعلقة بالشخص التي لا تحدث عندما تكون النتيجة لا تلبي توقعات الشريك الآخر. فعند خذلان الشريك، فإن ردة الفعل هي أنه مخطئٌ أخلاقيًا، ويخيب الأمل فيه لأنه لا يفي بالمعايير التي اتفقتما عليها. وفي هذه الحالة، قد يبتعد الشريكان عن بعضهما.
على الرغم من أن مشاعر خيبة الأمل يمكن أن يكون لها أساس موضوعي، تلاحظ سومرفيلد أن من الممكن أيضًا أن تكون من النوع الذي يرى خيبة أمل بصورة عامة في العديد من علاقاتك الاجتماعية.
وفقًا لوجهة النظر هذه يعاني الذين يتمتعون بسمات شخصية عالية العصبية مجموعةً من المشاعر السلبية الأخرى. إضافة إلى هذه السمة يمكن أيضًا أن يكون لجودة الارتباط غير الآمن دورٌ في ذلك، فقد يكونون حساسين خاصةً لمشاعر الهجر، ومن ثم فمن المحتمل أن يُحدد انحراف الشريك -من وجهة نظرهم- على أنه نوع من أنواع الرفض بصورة خاصة وليس اختلافًا في وجهات النظر.
قبل تطوير مقياس خيبة الأمل المكون من ستة عوامل، طلبت سومرفيلد أولاً عينات من المشاركين من المرحلة الجامعية لوصف الأحداث التي شعروا فيها بخيبة أمل من الشريك، إذ طلبت من المشاركين الرد بناءً على الطريقة التي سيشعرون بها إذا حدثت هذه الأحداث لهم. سمحت لها هذه الردود بتطوير مجموعة من العناصر التي خضعت بعد ذلك للتحليل الإحصائي.
باستخدام المقاييس الستة قارنت الباحثة النتائج على مقاييس خيبة الأمل بمقاييس الشخصية بناءً على نموذج خمسة عوامل من العصابية والانفتاح على التجربة والقبول والوعي والانبساط.
وهذه المقاييس الستة هي:
- ضيق عاطفي عميق: «شعرت أن عالمي قد انهار».
- عدم الثقة والكراهية والاشمئزاز تجاه الآخر: «شعرت فجأة أنني لا أهتم بهذا الشخص».
- الدهشة من سلوك الآخر: «لم أستطع حقًا أن أفهم كيف يمكنه فعل ذلك بي».
- الجهود نحو التسامح والتعويض: «حاولت معرفة كيف يمكن أن تكون لدينا علاقات جيدة على الرغم مما حدث».
- إخفاء المشاعر: «حاولت ألا أظهر مشاعري للآخرين».
- الجهد في خلق أفكار إيجابية والتغلب على: «حاولت مواساة نفسي وقبول ما حدث».
يُبرز العاملان الإيجابيان اللذان يتضمنان جهودًا للتسامح والنظر إلى الجانب المشرق حول الموضوع العوامل الأربعة الأخرى التي تعكس ما قد تعتبره خيبة أمل مباشرة، والسبب وراء تضمين هذه العوامل الإيجابية هو أنه وفقًا لسومرفيلد يمكن أن يكون هناك بالفعل جانب دفع وجذب للإحباط عندما يكون الشخص الآخر المعني هو الشخص الذي ترتبط به إيجابيًا.
من بين جميع المقاييس، حصلت “الدهشة من سلوك الآخر” على أعلى متوسط درجات، لكن المستجيبين سجلوا أيضًا درجات عالية نسبيًا في المقياس الأخير لمحاولة استنباط شيء إيجابي من تلك التجربة.
مع وضع هذه الخلفية العامة في الحسبان ربما يمكن الآن فهم كيف تؤثر الشخصية في النمط العام لنتائج خيبة الأمل وأيضًا فإن الأشخاص العصبيين والذين يميلون إلى تجربة المشاعر السلبية كانوا على الأرجح يتفقون مع عامل الضيق وأقل احتمالًا لأن يكونوا قادرين على أخذ شيء إيجابي من التجربة.
وكان من المرجح لأولئك الذين يعانون قلق التعلق الشديد والتجاهل أن يتفقوا مع مقاييس انعدام الثقة. والذين على درجة عالية من التجنب يحاولون إخفاء مشاعرهم.
مع تلك الجوانب المتناقضة لخيبة الأمل مثل الغضب والتسامح لاحظت سومرفيلد أنها قد تعكس بدقة جوهر خيبة الأمل تجاه شخص ما مهما كنت قريبًا منه، فقد صرحت قائلةً: «لا شك أن خيبة الأمل يمكن أن تكون مربكة وصعبة للغاية».
ومع ذلك فإن حقيقة أن الشخصية والتعلق لهما دور في هذه الاستجابة تشير إلى أنه ليس مجرد تصرف واحد محدد يمكن أن يؤدي إلى هذا الارتباك الداخلي، فقد يكون الشخص مستعدًا بصورة خاصة للتخلي عن الشريك، وفي هذه المرحلة قد تسأل عما إذا كان شريكك قد خذلك حقًا أو ما إذا كان هذا الحدث قد أثار مخاوفك وانعدام الأمن. قد يكون لهذا الحدث المثير للإحباط علاقة كبيرة بالتصورات للعلاقة في الذهن كما هو الحال مع سلوك الشريك الفعلي.
لتسهيل عملية التغلب على الألم والمضي قدمًا، تقترح الكاتبة أن تدرك أن خيبات الأمل أمر لا مفر منه. إضافةً إلى ذلك حاول أن تُذكر نفسك بأن خيبة الأمل يمكن أن تكون بالفعل طريقًا ذا اتجاهين ومن الممكن أن تخيب ظن شريكك أكثر مما قد تعترف به.
باختصار يمكن أن تجعلك التجارب داخل علاقة وثيقة تشعر بالإحباط والانزعاج والوحدة. ويمكن أن يساعدك تعلم النظر إلى الإحباط باعتباره جزءًا من تكلفة التقارب حتى تصبح شريكًا متفهمًا أو متسامحًا.
اقرأ أيضًا:
كيف تتعامل مع شريك مصاب باضطراب التوحد؟
تدقيق: جعفر الجزيري