يُعد الشعر غير القابل للتمشيط حالة مرضية محبطة للغاية لآباء الأطفال المصابين على مر العقود السابقة. اكتشف العلماء حاليًا الجينات المسؤولة عنها.
متلازمة الشعر غير القابل للتمشيط هي أكثر من مجرد شعر صعب التمشيط كما يوحي اسمها، بل يكون الشعر متناثرًا من جميع الجهات، ما يجعل مجرد السيطرة عليه أو محاولة كبسه على فروة الرأس أمرًا مستحيلًا.
يبدأ المرض عادة بعمر يتراوح بين ثلاثة أشهر و 12 عامًا، ويتصف بشعرٍ أشقر بلون القش أو أشقر فضي. يكون الشعر عادة أشعث بشدة وجافًا ولا يترافق المرض بزيادة في هشاشية الشعر إلا بسبب التصفيف الجائر في محاولة ضبطه، ويسمى الشعر بسبب مظهره اللماع بالشعر ذو النسيج الزجاجي ويسمى ببروز قُنية مثلث الشَعر بسبب مظهره المجهري.
تكون كثافة الشعر طبيعية، لكن الشعر بطيء النمو عادةً، ويصيب المرض شعر الفروة فقط وليس شعر الجسم كلّه.
يتبادر إلى الذهن عند ذكر الشعر غير القابل للتمشيط بوريس جونسون أو ألبرت أينشتاين، ولكن رغم شهرتهم بشعرهم الأشعث، فإن احتمال أنهم كانوا مصابين قليلة جدًا، بسبب ندرة هذا المرض من جهة فلا توجد منه في العالم إلا حالات قليلة، وميل الحالة إلى التحسن أو حتى الشفاء في مرحلة البلوغ من جهة أخرى.
يحدث الشعر غير القابل للتمشيط عادة بشكل معزول، ولكنه في بعض الحالات قد يكون مرتبطًا بأمراض أخرى تتطلب علاجًا طبيًا. تشمل هذه الأمراض:
- خلل تنسّج الأديم الظاهر.
- متلازمة بورك.
من المهم معرفة ما إذا كان الشعر غير القابل للتمشيط معزولًا أو مترافقًا مع هذه الأمراض من أجل معرفة مدى جديّة الأمر وتقديم الاستشارة الطبية المناسبة.
لم تجرَ الكثير من الأبحاث حول أسباب هذه الحالة النادرة، التي ظهرت أول مرة في مقالات منشورة في السبعينيات. ولم يظهر إلا أقل من 70 منشورًا عن الحالة منذ ذلك الحين.
لكن أُجريت إحدى أحدث الدراسات على 11 طفلاً يعانون من متلازمة الشعر غير قابل للتمشيط من قبل علماء الوراثة في جامعة بون بألمانيا. ووجدوا أن الحالة قد تُفسر بوجود طفرات في ثلاثة جينات ترمز لبروتينات معروفة في بصيلات الشعر.
تبلغ المزيد من العائلات عن أطفال يعانون هذه الحالة منذ أن أُبلغ عن هذه الدراسة على نطاق واسع من قبل الصحافة، والآن كرر نفس العلماء الدراسة مع أكثر من 100 طفل، وأكدوا ارتباط السبب في 76 من هؤلاء الأطفال بطفرات في جين PADI3 بالإضافة إلى تورط جينين آخرين هما TGM3 و TCHH، وكل هذه الجينات ترمّز لبروتينات مهمة تشارك في تكوين ألياف الشعر، وعندما تصبح طافرة تسبب تبدلًا في شكل الشعر الفراغي الأنبوبي الطبيعي إلى مزوّى بشكل مثلثي أو بشكل القلب نتيجة وجود ثلم طولي على امتداد ساق الشعرة، ما يبدل قوام الشعر ويجعله غير قابل للتمشيط، ويبدل انكسار الضوء عليه مانحًا إياه مظهره اللماع المميز.
إن التباين بين البشر في المظهر بما في ذلك مظهر شعرهم هو نتيجة للاختلافات الصغيرة العديدة في جيناتنا بين سكان العالم. عندما تحدث طفرة في الجين، فإنها تؤدي أحيانًا إلى تغيير في وظيفة البروتين. إذا كان هذا البروتين المضطرب هو بروتين موجود في بصيلات الشعر، سيبدو الشعر مختلفًا، لذلك قد يكون الشعر غامقًا أو أشقر أو أحمر أو مجعدًا أو مسترسلًا أو حتى غير موجود (يكون الشخص أصلعًا).
توجد عدد قليل من التغييرات الموروثة المعروفة في شكل ألياف الشعر، ولكنها نادرًا ما ترتبط بوجود مرض خطير. وعادة تكمن المشكلة في البروتينات الموجودة في غمد الجذر الداخلي للشعرة، وهو بدوره مؤلف من ثلاث طبقات تعمل على قولبة شكل ألياف الشعر عند نموها في جذر الشعر.
يُنقل الشعر غير القابل للتمشيط بصفة وراثية متنحية، أي يجب أن يكون كلا الوالدين حاملين للجين الطافر، ولا يشترط أن يكونا مصابين. فإذا ورث طفلهم نسخة واحدة من الجين المصاب من كل والد سيكون مصابًا، يوجد أيضًا انتقال بصفة جسدية سائدة، وتوجد حالات بدون طفرات في هذه الحالات الثلاث.
يؤكد التشخيص بشكل رئيسي بالمجهر ورؤية الشكل المميز لساق الشعرة والثلم على طوله الذي يجعل مقطعه شبيها بالكلية، قد يصبح هناك فحوص جينية قريبًا للشعر غير القابل للتمشيط.
أما عن العلاج في حالة الشعر غير القابل للتمشيط، فإنه سيتراجع عند البلوغ وينصح فقط بالعناية اللطيفة بالشعر.
لكن ما أهمية دراسة اضطرابات الشعر الوراثية؟
يُقّدم هذا النوع من الدراسات معلومات كافية للوالدين لطلب اختبار جيني قد يساعد في تهدئة أي مخاوف بشأن الحالات النادرة الأخرى التي قد تؤثر في الشعر، ومن المنظور العلمي، يساعد أيضًا مجتمع أبحاث بيولوجيا الشعر على فهم المزيد عن نمو الشعر الطبيعي وأهمية البروتينات المختلفة للتحكم في شكل الشعر ومظهره. فمثلًا يمكننا الآن معرفة سبب تغيير طفرة الجين PADI3 لشكل الشعر من خلال معرفة المزيد حول كيفية تأثير هذا الجين على الجريب الشعري.
يُعد الشعر من أكثر السمات الشخصية أهميةً وتفرّدًا. فهو شيء يفكر فيه الجميع كل يوم، وقد تطورت صناعات ضخمة فقط للعناية بالشعر. لذلك عندما تؤدي حالة نادرة إلى اضطراب الشعر، نقدّر سبب رغبة العلماء في فهم كيفية حدوث ذلك ومساعدة العائلات التي لديها أطفال متأثرين على فهمها بطريقة أفضل أيضًا.
اقرأ أيضًا:
حلول تساقط الشعر: كيف تقلل من تساقط الشعر وتحافظ عليه قدر الإمكان؟
ترجمة: هيا منصور
تدقيق: يوسف صابوني
التصنيف: طب وصحة