عندما تموت نجومٌ مثل شمسنا، فإنها تميل لأن تنطفئ بهدوء وليس بانفجار؛ ما لم تكن جزءًا من نظام نجمي ثنائي، فقد يؤدي ذلك إلى انفجار يسمى السوبرنوفا.
الآن وللمرة الأولى تمكّن علماء الفلك من تحديد علامة راديوية مميزة لحدثٍ مثله في مجرة تبعد أكثر من 400 مليون سنة ضوئية. النتائج التي نُشِرَت اليوم في مجلة Nature، حملت أدلةً مثيرة بشأن ما يجب أن يكون عليه النجم المرافق.
موت نجم متفجر:
عندما ينفد الوقود النووي من نواة النجوم الأثقل من شمسنا بثمانية مرات، تتدفق طبقاتها الخارجية. وينجم عن هذه العملية تشكل سحابات ملونة من الغاز بشكلٍ مضلّل تُعرف باسم السديمات الكوكبية، تاركةً وراءها نواةً ساخنةً كثيفةً ومتماسكةً تعرف بـ القزم الأبيض.
سوف تخضع شمسنا لهذا الانتقال في غضون 5 مليارات سنة، ثم ستبرد وتتلاشى. ومع ذلك، إذا اكتسب نجمٌ أبيض وزنًا بطريقة ما سوف تتفعّل آلية الانفجار الذاتي عندما تصبح كتلته أكبر من كتلة الشمس بـ 1.4 مرة. الانفجار الحراري النووي اللاحق يدمر النجم في نوع مميز من الانفجار المسمى السوبرنوفا النمط الأول – a.
لكن من أين يمكن أن تأتي الكتلة الإضافية لتوليد انفجارٍ كهذا؟
اعتقدنا في السابق أن الغاز يمكن أن يكون انتُزِعَ من نجم مرافقٍ أكبر في مدارٍ قريب، لكن تميل النجوم إلى أن تكون فوضويةً، مبعثِرةً الغاز في كل مكان.
سوف يصطدم انفجار سوبرنوفا بأي غاز متسرب، ويجعله متوهجًا عند أطوال الأمواج الراديوية. وعلى الرغم من عقود من البحث، لم يُكتشف أي سوبرنوفا من النمط الأول – a بالتلسكوبات الراديوية.
عوضًا عن ذلك، بدأنا بالاعتقاد أن السوبرنوفا النمط الأول – a يجب أن تكون أقزامًا بيضاء تلتف حول بعضها بعض، وتندمج معًا بطريقة نظيفة نسبيًا من دون أن تترك أي غاز للاصطدام به، وأية إشارة راديوية.
نمطٌ نادرٌ من السوبرنوفا:
اكتُشِفَ السوبرنوفا 2020eyj بتلسكوب هاواي في 23 مارس عام 2020. في أول سبعة أسابيع بدأ بالتصرف مثلما يفعل أي سوبرنوفا من النمط الأول – a. لكن في الشهور الخمسة التالية، بدأ سطوعها يتخامد. في الوقت نفسه تقريبًا، بدأ بإظهار خواص تشير إلى أن الغاز غنيٌّ بالهيليوم على غير العادة.
بدأنا باشتباه أن السوبرنوفا 2020eyj ينتمي إلى فئة نادرة من سوبرنوفا النمط الأول – a، و تتحرك فيه موجة الانفجار بسرعة تتجاوز العشرة آلاف كيلومتر في الثانية، مجتاحةً الغاز الذي قد يُجرَّد من الطبقات الخارجية للنجم المرافق الناجي.
لمحاولة تأكيد افتراضنا، قررنا اختبار وجود كمية كافية من الغاز لعملية الاصطدام من أجل إنتاج إشارة راديوية. لكن نظرًا لأن السوبرنوفا بعيد جدًا شمالًا ليُرصد باستخدام تلسكوبات، مثل تلسكوب أستراليا المدمج بالقرب من نارابري، قمنا بدلاً من ذلك باستخدام مجموعة من التلسكوبات الراديوية المنتشرة في المملكة المتحدة لمراقبة السوبرنوفا حوالي 20 شهرًا بعد الانفجار.
كانت دهشتنا عظيمةً، عندما تمكنّا لأول مرة من الكشف عن سوبرنوفا (وليدة) من النمط الأول – a في الأطوال الموجية للراديو، مؤكدين وجوده عبر رصدٍ ثانٍ بعد خمسة شهور.
فهل يمكن أن يكون هذا الدليل القاطع على أن ليس كل أنواع السوبر نوفا النمط الأول – a ناتجة عن اندماج قزمين أبيضين؟
جني الثمار:
إحدى الخصائص المذهلة لسوبرنوفا النمط الأول – a هو أنها تصل تقريبًا جميعها إلى السطوع ذاته. وهذا يتفق مع احتمال وصولها جميعًا إلى كتلة حرجة متشابهة قبل الانفجار.
هذه السمة نفسها سمحت للفلكي برايان شميدت وزملائه بالوصول إلى استنتاجهم الفائز بجائزة نوبل في أواخر التسعينيات: «إن توسّع الكون منذ الانفجار العظيم لا يتباطأ تحت تأثير الجاذبية (مثلما كان الجميع يتوقع) لكنه يتسارع بسبب تأثيرات ما نسميه الآن بـ الطاقة المظلمة».
إذن، السوبرنوفا من النمط الأول – a هي أشياء كونية مهمة، وحقيقة أننا ما نزال لا نعلم بالضبط كيف ومتى تحصل هذه الانفجارات النجمية، أو ما الذي يجعلها ثابتةً، أقلقت علماء الفلك.
على وجه الخصوص، إذا كانت ثنائيات الأقزام البيضاء المدمجة تمتلك كتلةً يمكنها أن تصل إلى ثلاثة أضعاف كتلة الشمس، لماذا عليها جميعًا أن تطلق كمية الطاقة نفسها؟
حدثت فرضيتنا عن السوبرنوفا eyj2020 وبتأكيدٍ راديويّ عندما انتُزِعَ غاز الهيليوم من نجمٍ مرافق، إلى سطح القزم الأبيض لدفعه قليلًا فوق الحد الكتلي، موفرةً تفسيرًا طبيعيًا لهذا الثبات.
السؤال الآن هو لماذا لم نشهد هذه الإشارة الراديوية من قبل في أي سوبرنوفا النمط الأول – a الأخرى؟
ربما حاولنا اكتشافها في وقتٍ مبكرٍ جدًا بعد الانفجار واستسلمنا بسهولة أو ربما ليست جميع النجوم المرافقة غنيةً بالهيليوم وفعالةً في تجريد طبقاتها الخارجية الغازية. لكن مثلما أظهرت دراستنا، قد يؤتي الصبر والمثابرة ثمارهما في بعض الأحيان بطرق لم نتوقعها أبدًا، ما يسمح لنا بسماع نبضات الموت الهامسة لنجم بعيد.
اقرأ أيضًا:
للمرة الأولى، رصد النهاية الدرامية لنجم عملاق أحمر قبل تحوله إلى سوبرنوفا
علماء ينجحون للمرة الأولى في محاكاة تفاعلات السوبرنوفا في المختبر
ترجمة: فواز السيد
تدقيق: منال توفيق الضللي